شاعر الشهور – إيليا أبو ماضي

” أيّار ” ، يا شاعر الشهور … و بسمة الحبّ في الدهور

و خالق الزهر في الروابي … و خالق العطر في الزهور

و باعث الماء ذا خرير … و موجد السحر في الخرير

و غاسل الأفق و الدراري … و الأرض بالنور و العبير

لقد كسوت الثّرى لباسا … أجمل عندي من الحرير

ما فيك قرّ و لا هجير … ذهبت بالقرّ و الهجير

فلا ثلوج على الروابي … و لا غمام على البدور

أتيت فالكون مهرجان … من اللّذاذات و الحبور

أيقظت في الأنفس الأماني … و الابتسامات في الثغور

و كدت تحيي الموتى البوالي … و تنبت العشب في الصخور

و تجعل الشوك ذا أريج … و تجعل الصخر ذا شعور

فأينما سرت صوت بشرى … و كيفما ملت طيف نور

تشكو إليك الشتاء نفسي … و ما جناه من الشرور

كم لذّع الزّمهرير جلدي … و دبّ حتى إلى ضميري

فلذت بالصوف أتّقيه … فاخترق الصوف كالحرير

و كم ليال جلست وحدي … منقبض الصدر كالأسير

يهتزّ مع أنملي كتابي … و يرجف الحبر في السطور

تعول فيها الرياح حولي … كنائحات على أمير

و الغيث يهمي بلا انقطاع ، … و الرعد مستتبع الزئير

و اللّيل محلولك الحواشي … و صامت البدء و الأخير

و الشهب مرتاعة كطير … مختبئات من الصقور

في غرفتي موقد صغير … لله من موقدي الصغير

يكاد ينقدّ جانباه … من شدّة الغيظ لا السعير

لولا لظاه رقصت فيها … بغير دفّ على سريري

و ساعة وجهها صفيق … كأنّه وجه مستعير

أبطأ في السير عقرباها … فأبطأ الوقت في المسير

حتّى كأنّ الزمان أعمى … يمشي على الشوك في الوعور

كنّا طوينا المنى و قلنا : … ما للأماني من نشور

فلو يزور الصدور حلم … عرّج منها على قبور

لقد تولّى الشتاء عنّا … فصفّقي ، يا منى و طيري