سوى رسنى قاده الباطلُ – مهيار الديلمي

سوى رسنى قاده الباطلُ … وعاج به الطائلُ الحائلُ

وغيري شفاه الخيالُ الكذوبُ … وعلَّله الواعدُ الماطلُ

وبات يغلغل في صدره … بجدِّ الأسى رشأٌ هازلُ

نبا اليومَ عن كلّ سمعٍ أحبَّ … وسمعي له وطنٌ قابلُ

سرى البرقُ وهنا فما شاقني … وثار فما راعني البازلُ

وغنَّى الحمامُ فلا صافرٌ … هفا بضلوعي ولا هادلُ

وبيضُ الصوارم لي بارقٌ … وماءُ الجماجم لي وابلُ

وللجبنُ خيرٌ لو أنَّ الردى … عن المرء في عيشه غافلُ

نشزتُ فمن شاء فليجفني … إذا متُّ والعزّلى واصلُ

كم الضيمُ تحت رواق القنوع … أما يأنف الأدبَ الخاملُ

فلو أدرك المجدُ بين البيو … ت لما أصحرَ الأسدُ الباسلُ

إذا كان في الأرض رزقٌ بلا … سؤال فلا أفلح السائلُ

أرى المالَ يحميه ذلُّ الطِّلا … ب كالدُّر يشقى به العاملُ

تقدَّمْ ولا تتوقَّ الحما … مَ فما أنت من يومه وائلُ

وقد دلَّ حائلُ لونِ الشباب … على أنّ عمرَ الفتى حائلُ

حبائلُ لا بدّ من جذبها … وإن هو راخى بها الحابلُ

أرجِّي غداً وقريبا رجو … تُ لو كان لي في غدٍ طائل

وكم سال دمعي لحال تزو … ل وهو على فقدها سائلُ

يحبِّب مكروهَ يومي غدي … وينسي أذى عامي القابلُ

وما الخطب في أدبٍ ناتج … ومن دونه أملٌ حائلُ

إلى كم يكفكف غربي العرا … قُ خداعا وتسحرني بابلُ

وتبرزُ بغدادُ لي وجهها … فيخدعني حسنها الخائلُ

ويلوي بأياميَ الصالحا … ت يومُ بطالتها العاجلُ

وهل نافعي ظلُّ أفيائها … وظلّ علائي بها زائلُ

أقيم عليها بأمر الهوى … وأمرُ النُّهى أنني راحلُ

غدا ربعُ حالي بها مقفرا … ومن فقري ربعها آهلُ

وفي كلّ نادي قبيلٍ بها … من الفخر بي مجلسٌ حافلُ

وفوق فقارى من أهلها … وسوقُ أذى ً ما لها حاملُ

يفوتُ الطُّلاة َ مفاريقها … إذا صرّ من تحتها الكاهلُ

إلام أدامجهم سابرا … لساني حشاً داؤها داخلُ

وأحمل قلّة إنصافهم … كما يحملُ الجلبة البازلُ

فمن جاهلٍ بي أو عارفٍ … بخيل فيا ليته جاهلُ

وليس سكوتي عنهم رضاً … ولكنه غضبٌ عاقلُ

كفى صاحبي غدرة ً أن علت … به الحالُ وانحطّ بي نازلُ

أما تستحي حاليا بالغنى … ومولاك قبل الغنى عاطلُ

وأن تركبَ النجم ظهرا إلى … مناك ولي أملٌ راجلُ

فأقسم لو دولة الدهر لي … لما مال عنك بها مائلُ

ولا اقتسمت بيننا صوعها … بأقسط ما قسمَ العادلُ

تذكَّرْ فكم قولة ٍ أمس قل … تَ والفعلُ يضمنه القائلُ

وكلْ إن أكلتَ وأطعمْ أخاك … فلا الزاد يبقى ولا الآكلُ

عجبت لمغترسي بالوداد … وغصني من رفده ذابلُ

ومنتقصي حظَّ إسعاده … ويشهدُ لي أنني فاضلُ

أسلّم للفقر كفّي وأن … ت دون فمي رامحٌ نابلُ

وهل عائدٌ بحياة القتي … ل أن يستقاد به القاتلُ

سل الماضغي بفم الإغتيابِ … أما يبشمُ الدمُ يا ناهلُ

أفي كلّ يومٍ دبيبٌ إل … يَّ بالشرّ عقربهُ شائلُ

يقول العدوُّ ويصغي الصديقُ … وشرٌّ من القائل القابلُ

لئن ساء سمعي ما قلتمُ … ففضلي لما ساءكم فاعلُ

وما عابني ناقصٌ منكمُ … بشيء سوى أنني فاضلُ

حمى الله لي منصفا وحده … حماني وَ الجورُ لي شاملُ

وحيّا ابن أيوب من حافظٍ … وفى وأخي خائنٌ خاذلُ

كريمٌ صفا لي من قلبه ال … ودادُ ومن يده النائلُ

ولم ترتجعه معالي الأمو … ر عنى وحولُ الغنى الحائل

ولا قلّص الملكُ عاداته … معي وهو في ثوبه رافلُ

تسحَّلَ لي كلُّ حبلٍ علق … تُ وهو بيمناه لي فاتلُ

مقيم على خلقٍ واحدٍ … إذا ملكالشبم الناقلُ

زحمتُ صدورَ الليالي به … وظهري عن شملنى ناكلُ

وضمَّ عليّ عزيبَ المنى … وقد شُلَّ سارحها الهاملُ

فلا وأبى المجد ما ضرني … حياً قاطعٌ وهوَ الواصلُ

فتى ً جوده أبدا مسبلٌ … وفي الديمة الطلُّ والوابلُ

فكلُّ أنامله لجّة ٌ … ولا بحرَ إلا له ساحلُ

يمدّ إلى المجد باعا تطول … إذا قصّر الأسمرُ العاسلُ

تصافحَ منه يدٌ لا يخيب … مع الإشتطاط لها آملُ

تعرُّقه شعبة ٌ للعلا … ء والرمحُ منفتلٌ ذابلُ

إذا سمنتْ همّة ٌ في الضلوع … فآيتها البدنُ الناحلُ

من القوم تنجد أيمانهم … إذا استصرخ البلدُ الماحلُ

رحابُ المقارى عماقُ الجفانِ … إذا خفَّض المضغة َ الآكلُ

وبات من القُرِّ ينفى الصبي … رَ عن رسغه الفرسُ البائلُ

مطاعيمُ لا ينهر المستضي … ف فيهم ولا يخجل الواغلُ

وساعُ الحلوق رطابُ الشِّفاه … إذا اعصوصب الكلم الفاصلُ

سما بهم البيتُ سقفُ السما … ء لاطٍ لأطنابه نازلُ

منيعٌ ولكنه بالعفا … ة مستطرق أبدا سائلُ

يُراح عليه عزيبُ العلا … إذا روّح الشاءُ والجاملُ

وكلّ غلامٍ وراء اللثا … م من وجهه القمرُ الكاملُ

حليم الصِّبا مطمئنّ الضلو … ع واليومُ منخرقٌ ذاهلُ

طوي الحمائل يعزى إلي … ه دون العرى سيفه القاصلُ

له اسمان في جاره مانعٌ … وما بين زوّاره باذلُ

كفى بأبي طالبٍ طلعة … إذا البخل بان به الباخلُ

وبالشاهد العدل في مجده … إذا حرَّف الخبرَ الناقلُ

إذا عدَّهم درجا فاتهم … وأخرى كعوبِ القنا العاملُ

حمى الله منجبة ً طرَّقتْ … بمثلك ما ولدت حاملُ

وخلّد نفسك للمكرما … ت ما ناوب الطالعَ الآفلُ

فكم فغر الدهرُ بالمعضلات … وجودُك منتقذٌ ناشلُ

وناهضتَ بالرأى أمَّ الخطو … ب والرأيُ في مثلها فائلُ

وأعرضتَ عن لذّة أمكنتك … وعرضك من عارها ناصلُ

سرى بك عرفى وعزَّت يدي … وحالمني دهري الجاهلُ

وولَّت تناكصُ عنّى الخطوب … بآية ِ أنك لي كافلُ

وكم مطلبٍ بك عاجلته … فنيلَ وميقاته آجلُ

وحالٍ تدرّنَ عيشي بها … وماءُ نداك لها غاسلُ

فلا أقشعت عنك سحبُ الثنا … ء قاطرُها لك والهاطلُ

بكلّ مجنَّبة ٍ في العدا … جوادٌ لها الكلم الباخلُ

سواء على جوبها في البلا … د عالٍ من الأرض أو سافلُ

خرائدُ فكري بها عن سواك … أبيٌّ وفكري بها عاضلُ

غرائبُ كلُّ معانٍ لهنَّ … منتحلٌ وأنا الناحلُ

يباهل فحلا تميم بها … وتوقرها لابنها وائلُ

بنتْ شرفا لكمُ فخرهُ … إلى فخركم زائدٌ فاضلُ

تردَّى الجبالُ ويبقى لكم … بها علمٌ قائمٌ ماثلُ

ويفنى الثوابُ وما تذخرو … ن من كنزها محرزٌ حاصلُ

أسودُ الكلام وما تسمعو … ن من غيرها نعمٌ جافلُ

إذا نطتُ منهنّ بالمهرجا … ن ما أنا منتخبٌ ناخلُ

مشى فوق هامات أيامه … بها وهو مفتخرٌ خائلُ

بقيتم لها أنتمُ سامعو … ن معجزها وأنا قائلُ

مدى الدهر ما حسدتْ نعمة ٌ … وما فضلَ الحافيَ الناعلُ