سلْ أبرقَ الحنَّانِ واحبسْ بهِ – مهيار الديلمي

سلْ أبرقَ الحنَّانِ واحبسْ بهِ … أينَ ليالينا على الأبرقِ

وكيفَ باناتٌ بسقطِ اللِّوى … ما لمْ يجدها الدَّمعُ لمْ تورقِ

هلْ حملتْ لا حملتْ بعدنا … عنكَ الصِّبا عرفاً لمستنشقٍ

جدَّدَ ما جدَّدَ منْ لوعتي … أخذُ البلى منْ ربعكَ المخلقِ

لتبخلَ الأنواءَ أو فلتجدْ … عليكَ بالمنهمرِ المغدقِ

أغناكَ صوبُ الدَّمعِ عنْ منَّة ٍ … أحملها للمرعدِ المبرقِ

دمعٌ على الخيفِ جنى ما جنى … بكاءَ حسَّانَ على جلَّقِ

للهِ رهنٌ لكَ يومَ القنا … لولا وفاءُ الحبِّ لمْ يغلقِ

يا سائقَ الأظعانِ رفقاً وإنْ … لمْ يغنِ قولي للعسوفِ ارفقِ

أؤاخذُ الحادي ونفسي جنتْ … لو شئتُ لمْ أبكِ ولمْ أشتقِ

لولا زفيري خلفَ أجمالهمْ … ووخزُ أنفاسي لمْ تنسقِ

يا غدرَ منْ لمْ أكُ منْ غدرهِ … بخائفِ القلبِ ولا مشفقِ

ما لغريمي قادراً واجداً … يمطلُ مطلَ الفاجرِ المملقِ

وما على اللائمِ في حبِّهِ … ما ضاعَ منْ حلمي أو ما بقي

أنفقتُ لبِّي في الهوى طائعاً … والخلفَ العاجلُ للمنفقِ

لا تبدؤا بالعذلِ صدري فما … أستنجدُ الماءَ على محرقي

سمَّيتَ لي نجداً على بعدها … يا ولهَ المشئمِ بالمعرقِ

داوِ بها حبِّي فما مهجتي … أوَّلُ مخبولِ بنجدٍ رقي

ومنكرٍ شمطاءَ مدَّتْ إلى ال … خمسينِ يدلوها فلمْ تحلقِ

جنتْ شطاطي وجنتْ ما جنتْ … منْ صدأٍ عمَّ على رونقي

لا بدَّ انْ يفتقَ على فجرها … وإنْ تمادتْ ليلة ُ المغسقِ

ما ضرَّها خائنة ً لو وفتْ … أو ضرَّني لو كنتُ لمْ أعشقِ

كانَ مشيباً ضلَّ عنْ نهجهِ … فدلَّهُ الحبُّ على مفرقي

وموقظٍ هبَّ على غرَّة ٍ … يطرقني ساعة َ لا مطرقِ

والنَّجم حيٌّ نبضهُ راسبٌ … في لجَّة ِ الخضراءِ لمْ يغرقِ

قالَ انتبهِ للحظِّ كمْ خفقة ً … على مهادِ الخاملِ المخفقِ

حتَّامَ تحويلٌ على عسرة ٍ … حلِّقْ إلى النِّسرِ بنا حلِّقِ

قلتُ بغيري فتحرَّشْ لها … فالنهضة ُ الخرقاءُ للأخرقِ

أما ترى المالَ وجمَّاتهُ … في قلبٍ تنهارُ بالمستقي

يسوغُ بالعينِ فمنْ رامهُ … بالفمِ قالَ المنعُ ردْ تشرقِ

وما انتفاعي بحياً واسعٍ … تخفرهُ ذاتُ جداً ضيِّقِ

لا مسَّ للحرمانِ عندي إذا … كنتُ من البخَّالِ لمْ أرزقِ

لا أجلبُ الرزقَ إذا لمْ يكنْ … يدرُّ منْ أكرمِ مسترزقِ

قناعة ٌ أعتقَ عزِّي بها … عنقي وعندَ الحرصِ لمْ يعتقِ

حلفتُ بالخضَّعِ أعناقها … تذرعْ بالواخدِ والمعنقِ

كالسَّطرِ بعدَ السَّطر مخطوطة ٌ … منْ صفحة ِ البيضِ على مخرقِ

ينصُّها السَّيرُ على لاحبٍ … مثلَ صليفِ الجملِ الأورقِ

تقدحُ صفَّاحَ الثَّرى كلَّم … لاحكتِ الأعضاءَ بالأسؤقِ

تسمحُ للجلمدِ أخفاقها … بكلِّ ما يعرقُ أو يتنقي

يطلبنَ محجوباً عتيقَ البنى … لولا دفاعُ اللهِ لمْ يعتقِ

والأسودُ الملثومُ أحوالهُ … منْ كلِّ أوبٌ فرقٌ تلتقي

تهوي بشعثٍ بدَّلوا سهمة ً … بكلِّ ضاحٍ لونهُ مونقِ

زفُّوا جماماً وعدوها منى ً … متى تضعْ أوزارها تحلقِ

لولا ابنُ أيَّوبَ وآباؤهُ … لمْ يبضعْ الفضلُ ولمْ ينفقِ

ولا سرى ملكُ بني هاشمٍ … فألحقَ المغربَ بالمشرقِ

لقدْ اوى منهمْ إلى هضبة ٍ … تزلُّ عنها قدمُ المرتقي

همْ عزَّزوهُ ورموا دونهُ … بكلِّ مطرورِ الشَّبا مطلقِ

يطيعهُ الموتُ إذا ماعصتْ … بهِ يمينُ الخاطبِ المفلقِ

نصرُ بني الأشهلِ منْ قبلهمْ … على بني الأحمرِ والأزرقِ

وما وهى إلاَّ غدا ممسكاً … منهمْ بثنيِ الأحصفِ الأوثقِ

لا كرجالٍ قلَّدوا حكمهُ … فخلطوا الممذوقَ بالرِّيَّقِ

منْ كلِّ ناسٍ في غدٍ بعثهُ … لمْ يرهبَ اللهَ ولمْ يتقِ

باعَ هداهُ طائعاً عنْ يدٍ … يداً على التَّوفيقِ لمْ تصفقِ

يرتفقُ الأجرَ على دينهِ … لو كانَ حرَّ الدِّينِ لمْ يرفقِ

حتى كفا اللهُ فمدَّتْ يدٌ … طولى يقي اللهُ لها منْ تقي

دلَّتْ وقامتْ في أبي طالبٍ … شهادة َ المورقِ للمعرقِ

شفتْ بهِ الدَّولة ُ بعدَ الصَّدى … جلجالة ٌ أمُّ حياً مطبقِ

زلالة ٌ طيِّبة ٌ ريحها … ما قيلَ للسَّاقي بها رقِّقِ

جاءتْ بمجنى ً ماؤهُ مخصبٌ … أدركَ بعدَ المحصبِ المصعقِ

كانتْ على الفترة ِ لمْ تحتسبْ … مفتاحَ بابِ الفرجِ المغلقِ

إنَّ الإمامينِ بهِ استرعيا … فتى ً لغيرِ الخيرِ لمْ يخلقِ

مرُّ القلى والسَّخطِ حلوُ الرِّضا … والوجهُ الأخلاقُ والمنطقِ

طالَ بكفٍّ رطبة ٍ عفَّة ٍ … مذ بسطتْ للجودِ لمْ تطبقِ

أغنتهما منْ قبلِ تجريبها … كالسَّيفِ يعطي العتقَ بالرَّونقِ

جلتْ دجى الظُّلمِ لهُ نقبة ً … بمثلها الظَّلماءُ لمْ تفتقِ

فأدركاهُ غرضاً قطُّ لمْ … ينبضْ لهُ الظَّنُّ أو يرفقِ

نصحاً كما شاءَ ورأياً متى … يقلْ بغيبٍ قولة ً يصدقِ

فكمْ حشاً قرَّتْ على أمنها … بعدَ افتراشِ الحذرِ المقلقِ

لمْ تكُ يا بازلُ في حملها … مقطِّراً تظلعُ بالأوسقِ

ولا دخيلَ الظَّهرِ في صدرها … مدلساً بالنَّسبِ الملصقِ

لمْ نعقتعدها رغبة ً في اللُّها … ولمْ تخفِ ضيماً ولمْ تفرقِ

أبوكَ منْ قبلُ امتطى دستها … سبقاً وقالَ اقتفني والحقِ

لطيمة ُ ريحانها لمْ يلقَ … بغيركمْ قطُّ ولمْ يعبقِ

ميراثها فيكمْ فمنْ رامها … يغصبُ ذليلَ الغصبِ أو يسرقِ

فارعَ بها حقَّكَ منْ روضة ٍ … بأعينِ الرَّوَّادِ لمْ ترمقِ

في سابغٍ منْ ظلِّها واسعٍ … وسائغٍ منْ مائها ريِّقِ

تفوزُ بالمجذلِ منها ولل … حسَّادِ حظُّ المكمدِ المحنقِ

واسحب ذيولاً منْ كراماتها … لمْ تبلَ بالسَّحبِ ولمْ تخلقِ

كساكَ منها المدُّ فضفاضة ً … بغيرِ أعطافكَ لمْ تلبقِ

بانَ بكَ الجودُ على معشرٍ … كما تجلَّتْ شية ُ الأبلقِ

أنتَ الذي لو لمْ تكنْ مطمعي … أفحمني اليأسُ فلمْ أنطقِ

أعلقتني منكَ بمفتولة ٍ … حصداءَ ما خاربها معلقي

كلُّ يدٍ تحرشني بالأذى … فأنتَ منْ محفارها منفقي

في زمنٍ يرشقني كيدهُ … ليسَ لهُ غيري منْ مرشقِ

يرى خوافيَّ بما لا أرى … إذا كنتُ عنْ قدامتي أتَّقى

ذاكَ لأنَّي بينَ أبنائهِ … لمْ آلفَ الهجرَ ولمْ أخرقِ

موحِّدٌ لو نخلتْ كفَّهُ … عنْ مثلي الغبراءَ لمْ تلحقِ

وهو عدوُّ الفضلِ مذْ لمْ يزلْ … يكاثرُ الأحلمَ بالأنزقِ

فابقَ فما مثلكَ جوداً ولا … مثلي مليَّاَ بثناءٍ بقي

واسعدْ بعيدينِ جديدُ العلى … ومخلقِ منْ مذهبٍ مخلقِ

فمسلمٌ ينظرهُ منْ علٍ … وكافرٌ ذو ناظرٍ مطرقِ

تصاحبا مع خلفِ حاليهما … تصاحبَ الموسرُ والمخفقِ

يضمُّ إقبالكَ شمليهما … فيلحقُ المأسورَ بالمطلقِ

وانضُ ثيابَ الصَّومِ عنْ عاتقٍ … منْ كلِّ وزرٍ في غدٍ معتقِ

وراعِ في الإمكانِ ما أغفلتْ … منِّي عينُ المحرجِ المرهقِ

قدْ كانَ ريبٌ بكَ لو لمْ أكنْ … آخذُ بالأحزمِ والأوثقِ

وابنِ بها عذراءَ مولودة ً … في الحلِّ لمْ تسبَ ولمْ تسرقِ

ناشزة ً لولاكَ ما أنكحتْ … وهي إذا طلقتْ لمْ تطلقِ

مسبوقة ٌ أخَّرها عصرها … وهي إلى الإحسانِ لمْ تسبقِ

أنبطتها منْ ثغبٍ ماؤهُ … شريعة ٌ قبلي لمْ تطرقِ