زاروا وقد ملؤوا أرجاءنا فرحا – ابن شيخان السالمي

زاروا وقد ملؤوا أرجاءنا فرحا” … ” وقائم الحظ يَثِني عطفَه مرحا

أكرم بهم سادة رقُّوا لصبهم” … ” فواصلوا وبدهرٍ باللقا سمحا

ساروا وفي مهجتي أشخاصهم ورنوا” … ” فالعين والصدر ذي قرّت وذا انشرحا

أحبابَنا لو علمتم يوم هجركم” … ” ما بي لما اخترتم لي الهجرَ والبُرَحا

جفني ونومي لما بنتمُ افترقا” … ” لكن جفني ودمعي فيكم اصطلحا

غادرتموني صريعاً لا أفاقة لي” … ” إلاَّ بمَرّ نسيمٍ منكم نفحا

واليوم أحييتمونا زورة فعفا الرّ” … ” حمن عما مضى منكم لنا ومحا

وبالِلّوى عَربٌ كلّ تأزر في” … ” أديمه الغَضّ بالأنوار وأتشحا

تناهبوا الحسن فيهم ذاك بدر دجى” … ” يَسرْي وتلك ولا تشبيه شمسُ ضحى

إنَّ القلوب غدت صنفين نحوهم” … ” هذا يذوب وهذا قد ذوى تَرَحا

مثل الجسوم كذا قد عاد منتصبا” … ” للوجد هذا وهذا صار مطرحا

مَا فوّقت مُقل منهم سهامَ رَدَىً” … ” إلاَّ غدا الكل من ألبابنا شبحا

وكيف يأمل صبٌّ قرب ساحتهم” … ” بحدِّ أسيافهم جيدُ المُنَى ذبحا

جعلتُ ذكري لهم كالكأس مغتبقاً” … ” يروي نداماي أشواقاً ومصطبحا

قد قلدوا منحاً أهل الغرام كما” … ” تَيمور قلد أعناق الورى منحا

شهم همام عريق المجد ذو شرفٍ” … ” عالٍ يقصر عنه الطرف اذ لمحا

كالغيث يوم الندى كالليث يوم الوغى” … ” كالدهر محتفلاً كالبدر منتزحا

سَعَى إلى المجد حتى حاز غايته” … ” وتم مسعاه في العَليا وقد ربحا

رزينُ عقل فلو قيست عقول بني” … ” هذا الزمان جميعاً عقلهُ رجحا

رياض فضل له ما جاء رائدها” … ” إلا وحادي الندى في أفقها صدحا

بحرٌ من الفضل إلا إنَّ جوهره” … ” على أعاليه للعافين قد طفحا

إذا تفرس في ميدان خافيةٍ” … ” غمت جلا أمرَها بالسبق فاتضحا

ما هاجت الحرب والتفت قنابلها” … ” إلا وكان لها في البأس قطبَ رَحَا

وما تغلَّق باب الجود في بلدٍ” … ” إلا أفاض عليه العُرْف فانفتحا

لله سيدنا تيمور أيُّ فتى” … ” وسابق الخيل في ميدانه ضَبحا

أضحى التنقل من أخلاقه شرفا” … ” كالبدر في سيره يستكمل الملحا

فسار يوماً إلى بركا فمر على” … ” جوانب السيب فاهتزت به فرحا

بمزيد من رجال لو يزاحمه” … ” بحر الفرات بصدر منه لأفتضحا

ما بين آساد غابٍ فوق عاديةٍ” … ” وفوق ناجية كل بها سَبَحا

وسَار عنها وفي أكبادها حُرَقٌ” … ” مصابة القلب من دهر بها كلحا

وحلَّ في منزل من عامر فسمَوا” … ” به مقاماً وباب الخيرِ قد فتحا

وللحرَادي مياه طاب مشربهُا” … ” يود لو أنَّ تيموراً إليه نحا

وسار عنها قبيل العصر ثم نحا” … ” نحو الحرادي ووعدُ الوصل قد نجحا

ومذ بدت بَرَكاتٌ منه نحو حِمى” … ” بركا أتاها وفي عليائها اصطبحا

طالت علواً ظننا قرنَ هامتها” … ” من شدة البأس هام النجم قد نطحا

واستقبلته صدور الأرض راغبة” … ” فيه لتسمح ما من صيدها سنحا

وزار سَاحتها فجراً بعادية” … ” تكاد تسبق برق المُزْن اذ لمحا

كم نافر من بنات الوحش مرتبط” … ” وطائر من بنَات الجو قد طرحا

وآب منها إلى بركا وحسرتها” … ” لمَّا مضى حَرُّها في صدرها لفحا

لله تيمور ما أحلى شمائله” … ” كأنَّ مزن السما صبحاً بهّا رشحا

وكيف لا ومليك العصر والده” … ” سلطاننا خير من أعطى ومن منحا

وفعل تيمور محمود عواقبه” … ” كالسيل يبقى وإن وجه السماء صحا

أنعامه لم تزل تهمي عليَّ وكم” … ” من حادث بِنَدَاهُ عنّيَ انفسحا

يا من غدا للكرام الصيد مختَتما” … ” لقد غدا لك باب المدح مفتَتَحا