ركد الرجاء فما يهزك مأرب – أحمد محرم

ركد الرجاء فما يهزك مأرب … ومضى المراح فما يهيجك مطرب

شمس الزمان فما يلين وربما … أخذ الصبي عنانه يتلعب

وأرى الحوادث جامحاتٍ بعدما … غنيت نزائعها تقاد وتجنب

في الجانب الوحشي منها مرتقى ً … ما يستطاع وسورة ٌ ما تغلب

ألقت جوافلها بشعبٍ رازحٍ … ألف الهوان يجر فيه ويسحب

عرف النوائب ناشئاً وعرفنه … كهلاً يكب على اليدين ويحدب

ولئن نضا برد الشباب فما نضا … من جهل ذي العشرين ما يتجلبب

ويح الكنانة كيف تلعب أمة ٌ … شمطاء واهنة ٌ وشعبٌ أشيب

يرجو ويأمل والحياة صريمة ٌ … تمضي نوافذها وعزمٌ يدأب

ادفع بنفسك لا تكن متهيباً … ما اعتز في الأقوام من يتهيب

عجز الفتى في ظنه ورجائه … الظن يخلف والرجاء يخيب

إشرع لأمتك الحياة ولا يكن … لك في حياتك غير ذلك مأرب

لم يعرف الأقوام حقاً واجباً … إلا وخدمتها أحق وأوجب

لو شئت لم تعتب عليك ولم يلم … وطنٌ أسأت به الصنيع معذب

تعب المطالب والرجاء مفجع … ما انفك يرزأ بالخطوب وينكب

ترمي يد الحدثان منه مروعاً … حل العقاب به وأنت المذنب

هل عند نفسك للحفاظ بقية ٌ … تحمي البقية من حياة ٍ تسلب

ذهب الألى كانوا الغياث لأمة ٍ … حاق البلاء بها وضاق المذهب

صدعت تصاريف الخطوب رجاءها … فهوى وطاح بها الزمان القلب

بطشت أناملها فأعوز ساعدٌ … وأعان ساعدها فخان المنكب

ذهبت ملمات الزمان بنورها … مما تكر على الهداة وتجلب

في كل مطلع شارقٍ ومغيبه … قمرٌ يزول وفرقدٌ يتغيب

رزئت بينها الصالحين وغودرت … ولهي مروعة ً ترن وتندب

تلغ العوادي في نقيع دمائها … فيطيب من فرط الغليل ويعذب

لم يبق منها غير شلوٍ مسلمٍ … عكفت عليه ضباعها والأذؤب

يدعو الحماة الناصرين ودونهم … ناب يهال النصر منه ومخلب

تجد القلوب عزاءها وعزاؤه … أعيا وأعوز ما يرام ويطلب

عزيته فأبى وما من ريبة ٍ … غيري يخون وغيره يتريب

وأنا الوفي إذا تقلب خائنٌ … شر الرجال الخائن المتقلب

لم أدر إذ جن الظلام ألوعة ٌ … بين الحشا أم ذات سم تلسب

في القلب من مضض الهموم مثقف … ماضٍ ومكروه الضريبة أشطب

قل للفوارس والأسنة والظبى … الهم أطعن في القلوب وأضرب

لو طار في الهيجاء عن يد قاذفٍ … ذاب الحديد له وريع الأسرب

حربٌ يصد البأس عن هبواتها … ويهاب غمرتها الكمي المحرب

ما الحرب موقعة ٌ يطيح بها الفتى … الحرب ما يشقي النفوس وينصب

كذبت ظلال السلم كم من وادعٍ … فيهن يرجو لو يصاب فيعطب

ما العيش في ظل الهموم بنافعٍ … الموت أنفع للحزين وأطيب

ريب المنون إذا الحياة تنكرت … أدنى لآمال النفوس وأقرب

مصر الحياة وحبها الشرف الذي … بطرازه العالي أدل وأعجب

علمتهم حب البلاد أجنة ً … وذوي تمائم ينصتون وأخطب

يقضي سليمان المبارك حقها … وتصون حرمتها الرضية زينب

أبني إنك للبلاد وإنها … لك بعد والدك التراث الطيب

شمر إزارك إن ندبت لنصرها … إن الكريم لمثل ذلك يندب

وإذا بليت بجاهلٍ يستامها … فقل المنية دون ذلك مركب

مهلاً فما وطني الأعز بضاعة ٌ … تزجى ولا قومي متاعٌ يجلب

أمسك يديك فإنما هي صفقة ٌ … سوأى يسب بها الكريم ويثلب

ما شق مكروه الأمور على امرئٍ … إلا وتلك أشق منه وأصعب

ولقد رأيت من العجائب ما كفى … فإذا الذي منيت نفسك أعجب

أأبيع عظم أبي ولحم عشيرتي … المجد يغضب والمروءة تعتب

وإذا الفتى المغرور باع بلاده … فالمال من أعدائه والمنصب

ما المرء إلا قومه وبلاده … فانظر إلى أي المواطن تنسب

واستفت أصداء القبور فإنها … لتبين عن معنى الحياة وتعرب

إن الرفات لتستعز بأرضها … وثرى البلاد إلى النفوس محبب

ليس التعصب للرجال معرة ً … إن الكريم لقومه يتعصب

عود بنيك الخير إن نفوسهم … صحفٌ بما شاءت يمينك تكتب

للمرء من شرف العشيرة زاجرٌ … ومن الخلال الصالحات مؤدب

ولكل نفسٍ في الحياة سبيلها … ونصيبها مما تجر وتكسب

من أنعم التاريخ أن حسابه … حقٌ وأن قضاءه لا يشجب

تقف الخلائق تحت راية عدله … فيقام ميزان الحقوق وينصب

في موقفٍ جللٍ تجيش جموعه … فيداس فيه متوجٌ ومعصب

ملك الزمان فما لعصرٍ موئلٌ … يحميه منه وما لجيلٍ مهرب

دجت الحقائق حقبة ً ثم انبرى … فتبلجت وانجاب عنها الغيهب

يا نيل والموفون فيك قلائلٌ … ليت الذعاف لمن يخونك مشرب

أيخون عهدك غادرٌ فيضمه … ما بين جانحتيك وادٍ مخصب

قتل الوفاء فما غضبت وإنما … يحمي الحقيقة من يغار ويغضب

تهب الحياة له وليس لقاتلٍ … في غير حكمك من حياة ٍ توهب

أولعت بالغدر النفوس وغرها … أملٌ يخادعها وبرق خلب

ما للحقيقة من يحامي بعد ما … وهن الأشد من الحماة الأصلب

سلني بأدواء الشعوب فإنني … طب بأدواء الشعوب مجرب

إن الشعوب إذا استمر جثومها … جثم الردى من حولها يترقب

ليس الشقاء بزائلٍ عن أمة ٍ … حتى يزول تفرق وتحزب

متألب يبغي الحياة كأنه … جيشٌ على أعدائه يتألب

الله يقدر للشعوب حياتها … ويجيرها مما تخاف وترهب

وإذا قضى أمراً فليس لحكمه … بين الممالك والشعوب معقب

أين الرجال العاملون فإنما … تبقى الممالك بالرجال وتذهب