ردَّ عليها النومَ بعد ما شردْ – مهيار الديلمي
ردَّ عليها النومَ بعد ما شردْ … إشرافها على شرافٍ من أحدْ
و ضمها منشورة ً مجرى الصبا … و عطنَ الدارِ وطينة َ البلدْ
فعطفتْ كلَّ صليفٍ ناشزٍ … على الخشاش وعلى لين المسدْ
يقودها الحادي إلى حاجته … و همها أخرى إليها لم تقدْ
و إنما تيمها بحاجرٍ … أيامها بحاجرٍ لو تستردْ
و صالحاتٌ من ليالٍ أخلقتْ … عهودها وهي مع الذكرى جددْ
يا دين من أهل الغضا سقامها … و وجدها بمدعٍ ما لم يجدْ
و حفظها عهدَ ملولٍ ماطلٍ … يذكر ما استرعى وينسى ما عهدْ
و كم على وادي الغضا من كبدٍ … يحكم فيها بسوى العدل الكمدْ
و من فؤادٍ بددٍ تلفظه … و لائدُ الحيّ مع الحصا البددْ
و صارمٍ ما شقى َ القينُ به … مذ سله غنجُ اللحاظِ ما غمدْ
و من غزلٍ لا يقلُّ ردفه … ضعفا وفي حباله عنقُ أسدْ
و قامة لو لم يكن لشكلها … فعلُ القناة لم تملْ ولم تمدْ
بانات وادٍ مذ حمتْ شجراءهُ … رماحُ قيسٍ ما اختلى ولا عضدْ
تلاوذُ الريحُ بكلَّ مرهفٍ … غصنٍ إذا قام وحقفٍ إن قعدْ
حبائب بالخيف في ملاعبٍ … هنّ النعيمُ وهي جناتُ الخلدْ
سقتْ دموعي حرها وملحها … عيشا بها بالأمس طاب وبردْ
لو كان لي على الزمان إمرة ٌ … بطاعة ٍ قلتُ أعدها لي أعدْ
يا راكبا تدوسُ للرزقِ به … حرَّ الثرى والليلَ وجناءُ أجدْ
ترى الطريقَ عرضهُ وطولهَ … لقطبها بين ذراعٍ وعضدْ
تطوى السرى طيَّ الرياح لا ترى … سائلة أين المدى وما الأمدْ
كأنها من خفة ٍ من مسها ال … أرضَ على أربعها لا تعتمدْ
تطلب نجحَ حاجها بجهد من … أقسمَ لا يطلبُ إلا ما يجدْ
ارجعْ وراءَ فاسترحْ وأعفها … ما كلُّ حظًّ لك منه أن تكدّْ
مطرحُ عينيكَ غنى َ مقترفٍ … كفى بنى الحاجاتِ شقاتِ البعدْ
بجانب الزوراء قصرٌ قصدهُ … بحرٌ إذا أعطى الغنيَ لم يقتصدْ
أيدي بنى عبد الرحيم مدهُ ال … دائمُ والبحرُ يغيضُ ويمدّْ
قد أفعموه وأباحوا ورده … مخلدا عذبا فمن شاء وردْ
قومٌ إذا لم تلقَ منهم واحدا … و إن لقيتَ الناسَ لم تلقَ أحدْ
صانوا حمى أعراضهم ومالهم … و ذية ٌ على الطريق تنتقدْ
و عقدوا لكلّ جارٍ ذمة ً … و ذمة ُ المال بهم لا تنعقدْ
هم دبروا الأرضَ فلم يعيهمُ … بثقلها تدبيرها ولم يؤدْ
ملوكها اليومَ وآباؤهمُ … ملوكها وما على الأرض وتدْ
تمطقوا السؤددَ في مهودهم … من حلمٍ ما أرضعتْ من لم يسدْ
و طوحوا وهم جذاعٌ فصلٌ … بالقارح البازل والقرمْ الأشدْ
و كلما نازعهم منازعٌ … سلمَ مختارا لهم أو مضطهدْ
و لا ومنَ قاد الصعابَ لهمُ … و أوجدوا الفضلَ بهم وقد فقدْ
و أظهرَ الآية َ في اشتباههم … بأسا وجودا وعناءً وجلدْ
ما تلدُ الأرضُ ولو تحفلتْ … مثلَ كمالِ الملكِ والأرضُ تلدْ
رعى بني الدنيا على اختلافهم … منفردا بما رعاه مستبدْ
لا مستشيرٌ يبصر الشورى له … رأيا ولا منتصحٌ فمرتفدْ
وحدة ُ ذي اللبدة ِ لا يفقره … عناؤه بنفسه إلى العددْ
تحرم النومَ المباحَ عينه … إزاء كلَّ خلة ٍ حتى تسدّْ
لا مغلقُ الرأي ولا مضطربُ ال … أحشاءِ تحت حادثٍ من الزؤدْ
إذا أصاب فرصة ً لعزمه … صممَّ لا يسوفُ اليومَ بغدْ
مباركُ النظرة ِ من أبصره … مصطحبا بوجهه فقد سعدْ
لو صيغت الأيامُ من أخلاقه … لم يعترضها كدرٌ ولا نكدْ
لم يسمه الملكُ الكمالَ أو رأى … عن عفوه نقصانَ كلَّ مجتهدْ
و لا أرادته العلا أباً لها … إلا وقد أفلحَ منها ما ولدْ
أقرّ بالفضل له حاسدهُ … و لو رأى وجهَ الجحود لجحدْ
أفقره الجودُ وإن أغناه أن … ساد به ولم يسدْ من لم يجدْ
فلا يزلْ على الزمان منكمُ … مسلطٌ يفرى الأمورَ ويقدْ
و لا تبدلْ بسواكم دولة ٌ … أنتم على أرجائها ستر يمدّ
و لا أرى سريرها وسرجها … من غيركم من يمتطي ويقتعدْ
و كنتَ أنت باقيا مساوقا … بعمره وعزه شمسَ الأبدْ
تسبى العطايا لك كلَّ حرة ٍ … لولا نداك لم تكن لتعتبدْ
بنتِ الخدور في الصدور رضعتْ … ثدى النهى ونأتْ من الكبدْ
لم تمتهنْ بلفظة ٍ يلفظها … من شرها السمعُ ولا معنى ً يردّْ
يرقى بها ودَّ القلوبِ ساحرٌ … ما شاء بالنفثة ِ حلَّ وعقدْ
كل لسانٍ ثنويٌّ مشركٌ … و هو لكم في شعره فردٌ صمدْ
ما دار مذ دار الكلامُ ناطقٌ … بمثلها ولا جرتْ في الصحفِ يدْ
تغشاك منها كلَّ يومٍ تحفة ٌ … نخبة ُ ما قال الخبيرُ أو نقدْ
رآك دون الناس أولى بالذي … بالغ فيه من ثناء واجتهدْ
ما نافقتك مدحة ٌ ولم يقلْ … فيك غلوَّ الشعر إلا ما اعتقدْ