like-empty

كلمات

klmat.com

sun

هوى سعدى


ردوا غمراتها في الواردينا ... وسيروا في الممالك فاتحينا
لكم ما استعمر الأعداء منها ... وما استلبت أكف الغاصبينا
لها خلق الصواعق حين تغفى ... فما يمسكن حتى يرتمينا
تبيت على مضاجعها المنايا ... مولهة تظن بها الظنونا
تقر فتفزع الدنيا وتأبى ... ممالكها الهوادة والسكونا
وتبعثها الوغى فيسيل منها ... عباب الموت يطوي المعتدينا
يطوح بالكتائب والسرايا ... ويلتهم المعاقل والحصونا
سل البونان كيف طغى عليهم ... أما كانوا الطغاة القاهرينا
إذا طلبوا النجاة تلقفتهم ... يدا عزريل في المتلقفينا
يشق الموج إن فزعوا إليهم ... ويزجي من مخالبه سفينا
خطوب زلزلت أزمير منها ... وزالت عن مواقعها أثينا
إذا ما ساق قسطنطين جيشا ... رمى الغازي فساق له المنونا
وما بجنود قسطنطين نكر ... إذا كر الغزاة مكبرينا
يردون السيوف بلا قتال ... ويلوون الأعنة معرضينا
إذا نظموا الهزائم أحسنوها ... وزفوها روائع يزدهينا
وما تخفي فنون الحرب يوما ... على الشعب الذي ورث الفنونا
تولوا كالرياح تهب نكبا ... وطاروا كالنعام مشردينا
تكاد الأرض تنكرهم إذا ما ... تولوا في الأباطح مدبرينا
تكاد بلادها ترتاب فيهم ... إذا مروا بهن مدمرينا
فذلك بأسهم والبأس عجز ... إذا رحم الضعاف العاجزينا
وتلك سبيلهم لا عيب فيها ... وإن زهقت نفوس اللائمينا
ومن زعم المذابح منكرات ... فقد زعم الملائك مجرمينا
كساهن الشحوب بلى عبوس ... وكان الحسن مما يكتسينا
سل الأطلال من سفع وسود ... أهن إلى النواعب ينتمينا
أتيح لهن من ظلم طلاء ... كلون القار هن به طلينا
ديار عمومتي وبلاد قومي ... متى درست رسومك خبرينا
أثار عليك من فيزوف سخط ... أم اخترمتك أيدي الساخطينا
تفجر فيك طوفان جحيم ... هوى بك موجه في المغرقينا
لئن جاش العباب فذبت فيه ... لقد ذابت نفوس الساكنينا
جرين على غواربه حيارى ... دوائب يفترقن ويلتقينا
تظل النار تأكلهم ألوفا ... وليسوا بالعصاة المذنبينا
تصيب المذعنين فتحتويهم ... وتعصف في وجوه الجافلينا
وتغشى كل منزلة ومثوى ... فيذهب كيدها باللاجئينا
إذا مال السبيل بها فحارت ... هدتها صيحة المستصرخينا
وناعمة الشبيبة ذات طفل ... يضيء وسامة ويرف لينا
تلوذ بمهده وتضم منه ... رياحين الرياض إذا ندينا
دهاها الخطب أحمر في نفوس ... لبسن الموت أسود إذ دهينا
فعاد الثدي في فمه لهيبا ... وعاد المهد في يدها أتونا
تثور فلا تريد سوى طعام ... ولا يفنى القرى في المطعمي
تسيل أكفهم كرما وبرا ... إذا جمدت أكف الباخلي
تباروا في السماح فجاوزوه ... وفاتوا فيه شأو السابقين
بني الإغريق سدتم كل قوم ... وزدتم في الكرام المنعمين
ترامي ذكركم في كل أرض ... فجاب سهولها وطوى الحزونا
ذهبتم بالصنائع والأيادي ... وجاء الأدعياء مقلدين
تظل النار ملء الأفق تعلو ... وتقذف بالحيارى الذاهلينا
تريد حمى النسور فتتقيها ... وتطلب في السحاب لها وكونا
فلولا الجو يمنع جانبيه ... ملائكة السماء مرفرفينا
هوى القمران من فزع وألقى ... حمى المريخ بالمستضعفينا
هضاب قمن من لهب عليها ... دخان كالجبال إذا رئينا
بقايا الظلم من حمر وسود ... يفارقن البلاد وينقضينا
تطلعت السماوات ارتياعا ... وألقت نظرة تصف الشجونا
ترى الأرضين كيف عنا بنوها ... لآلهة عليها قائمينا
فتلك قيامة الأحياء قامت ... ولما يأت وعد السالفينا
وتلك النار تلقي الناس فيها ... بأرض الترك أيدي المضرمينا
رأوا أن يطفئوا نارا بنار ... فهل بردت قلوب الحاقدينا
أبادت قومنا إلا بقايا ... أقاموا بالعراء معذبينا
نفوس ما سقين به شرابا ... سوى الأسف المذيب ولا غذينا
نظرن الموت ثم نظرن أخرى ... أتدركهن أيدي الراحمينا
تضج الأمهات مفجعات ... وينتحب البنون مفجعينا
حنانك ربنا ماذا لقينا ... أيجزى الصالحون كما جزينا
أقاموها لأنفسهم شفاء ... فما صدقوا ولا شفت الجنونا
لئن ظنوا بجالينوس شرا ... لقد عرفوا النطاسي الأمينا
متى يلمس مكان السوء منهم ... يمته وينزع الداء الدفينا
مسيح من بني عثمان سمح ... يرينا الحق أسطع واليقينا
أعز الله دولته وأحيا ... به أمم المشارق أجمعينا
وهد ببأسه أمما شدادا ... نهيب بها وتأبى أن تلينا
بنى هامانها للبغي صرحا ... تهاب قواه أيدي الهادمينا
رمى الغازي فزلزل جانبيه ... ودمر ركنه الضخم المكينا
تطير العاصفات به شعاعا ... وتنفضه على الدنيا طحينا
ترى هبواته في كل أفق ... يرحن على الجواء ويغتدينا
يرعن مسابح العقبان فيه ... ويفزعن الغياهب والدجونا
حوالك لو جمعن لكن ليلا ... يخاف صباحه أن يستبينا
إذا ما الظلم ذو الزلزال أمسى ... يهز الأرض بالمستضعفينا
فحسب المؤمنين دفاع رام ... يداه يدا أمير المؤمنينا
تطلع والهلال يميل غربا ... وأعلام الخلافة ينطوينا
فأشرف يستقيم على يديه ... وعدن به خوافق يعتلينا
يظللن الممالك شاخصات ... يصلن به الجوانح والعيونا
يرف رجاؤهن على رجاء ... يناشد يثرب العهد المصونا
إلى الحرمين مفزعه وفيه ... حمى الدنيا ومحيا العالمينا
بني عثمان من يك ذا امتراء ... فإن نفوسنا لا يمترينا
ومن يرع الذمام لكم فيصدق ... فإن الله مولى الصادقينا
نصون العهد إلا ما نسينا ... وكيف يضيع حق الله فينا
أفي عرض الخلافة وهو بسل ... تجول مطامع المتألبينا
ومن أبطالها وهم الضواري ... تنال مخالب المتنمرينا
رموا بجنودهم من كل فج ... وجاءوا بالسفائن مهطعينا
وضجوا بالوعيد دما ونارا ... وما يغني ضجيج الموعدينا
هو البأس المصمم لا نكوص ... ولو ملأوا الفجاج مناجزينا
نسوا بالدردنيل لهم قبورا ... تفيض لها دموع الذاكرينا
ترى الأسطول يفزع حين يمشي ... بساحتها ويخشع مستكينا
وما وادي الجحيم بمستطاع ... وإن عزبت حلوم الغافلينا
لئن جحدوا المصارع داميات ... لقد شهدت منايا الهالكينا
لبئس القوم كالقطعان سيقوا ... إليه وبئس مرعى المصطلينا
أطاعوا الآمرين فأنزلوهم ... بأرض لا تحب النازلينا
تدور بهم جوانبها وتهوي ... وتصعد في مطار الصاعدينا
تطاردهم إذا ذهبوا شمالا ... وتطلبهم إذا انقلبوا يمينا
تثور فتملأ الآفاق رعبا ... إذا ملأوا الفضاء محلقينا
إذا انطوت الجنود بها رمتها ... فراعنة الشعوب بآخرينا
كأن بها إلى المهجات يمضي ... بها عزريل شوقا أو حنينا
فما تضع السلاح وإن تشكى ... ولا تدع النفوس وإن عيينا
عباب دم يقل سنين حمرا ... طوى الأجيال فيها والقرونا
هوى صرح الدهور فذاب فيه ... كما ذابت جهود المبتنينا
وما فضل الشعود إذا أضاعت ... أواخرها تراث الأولينا
رموا باسم الصليب فما أصابوا ... ولا وجدوا الصليب لهم معينا
وما يرضى المسيح إذا استباحت ... دم الضعفاء أيدي الآثمينا
ولا العذراء حين ترى العذارى ... جوازع ينتحبن ويشتكينا
رأى جللا من الأحداث نكرا ... هراق العين واعتصر الجبينا
رأت حور الجنان مصرعات ... يقربن النفوس ويفتدينا
يقلن لها حنانك أدركينا ... فقد أزرى بنا ما تعلمينا
أقومك أم ذئاب عاديات ... وأمر يسوع أم ما تأمرينا
أقاموها على الخلطاء حربا ... تدك مزاعم المتحضرينا
جنوها ظالمين وغاب عنها ... أعز أولي الحفيظة غائبينا
فما هابوا الفتى والشيخ فيها ... ولا رحموا الرضيع ولا الجنينا
ولا تركوا بناتك ناجيات ... ولا خفروا ذمامك مجملينا
إذا ضج الدم المهراق ضجت ... شعوبك رحمة للمهرقينا
وتأخذنا الخطوب فإن صبرنا ... تداعوا في الكنائس جازعينا
رمونا بالتعصب فاشهديه ... وكوني حجة المتعصبينا
ذريهم إذ عصوك ولم يثوبوا ... إلى الوحي المنزل أو ذرينا
همو جعلوا الصليب أذى وبغيا ... عليك صلاة ربك أنصفينا
سما الغازي المجاهد في جنود ... لربك ما لهم من غالبينا
وجاء الفتح أسطع ما يوارى ... وطار الذعر بالمتقهقرينا
تمر الخيل بالأبطال رهوا ... وتمضي في مواكبها ثبينا
يرددن الصهيل مبشرات ... ويتلون الكتاب مبشرينا
مشى جبريل يدعو القوم شتى ... فلبوه وخروا ساجدينا
ونادى القائد الأعلى فجاءوا ... إليه مكبرين مهللينا
وهب الشعب ملء الأرض يجزي ... يد الغازي ويلقى الوافدينا
مواكب من يغب في الدهر عنها ... فما شهد الملوك متوجينا
ولا عرف الهلال يسير فخما ... ولا نظر السهى يمشي رصينا
مشاهد خانت الأنباء فيها ... وضاق بها بيان الواصفينا
يظل الكاتب العربي فيها ... يجور به لسان الأعجمينا
قنعنا بالرواية وانكفأنا ... نهيب بقومنا في القاعدينا
يهيجنا الحديث وتعترينا ... خيالات يلحن ويختفينا
ربى أزمير ماذا تنظرينا ... وأي عطاء ربك تشكرينا
صبرت على الأذى فجزاك نصرا ... وساق إليك عقبى الصابرينا
ورد عليك قومك بعد يأس ... فمن غادين فيك ورائحينا
أتوك مسلمين فما شجاهم ... سوى خبب العداة مودعينا
تود سيوفهم أن لو أقاموا ... وإن أخذوا الأعنة زاهدينا
بقية مفسدين عتوا فأمسوا ... حصيدا في المصارع خامدينا
رمت أيدي التباب بهم فبانوا ... وما تأبى البقية أن تبينا
أتوا أزمير يستعلون عزا ... ويستبقونها متخايلينا
يهزون السيوف بها اغترارا ... ويزجون الجياد مخدعينا
نشاوى يحسبون الأسد تغضي ... إذا أجماتها يوما غشينا
وأقرب ما يكون الذئب حتفا ... إذا هاج الضراغم مستهينا
نزوها نزوة لم يعرفوها ... وكانوا قبل ذلك جاهلينا
أشادوا بالفتوح محجلات ... وصاحوا صيحة المتبجحينا
فكان حماتهم حربا عليها ... وكانوا الفاتحين الكاذبينا
أتوا غرقين في صلف وكبر ... وعادوا بالهوان مخيبينا
ألا بعدت ديار الظاعنينا ... ولا عطفوا الركائب راجعينا
تظل الأرض تقذفهم سراعا ... فما ندري أخلقا أم كرينا
تطاير جمعهم فرقا وزالوا ... عصائب كالجراد مطردينا
إذا بلغوا الديار تجهمتهم ... فساروا في البلاد مباعدينا
خلائق ما يقاربها حساب ... وإن بعد المدى بالحاسبينا
تراموا في السفائن واستمروا ... يجوبون البقاع مولهينا
فضج البحر من فزع بكاء ... وماج البر من جزع أنينا
جناية معشر طلبوا محالا ... فهموا بالشعوب مغررينا
أبادوا الناس شعبا بعد شعب ... وقاموا في المآتم ساخرينا
تنفست المشارق حين صاحوا ... بأبطال الخلافة بارزينا
لتلك أحب ما تهب الأماني ... من النعمى وأبهج ما ترينا
إلى أيامنا في الدهر بيضا ... نخوض غياهب الأحداث جونا
وما للقوم كالهيجاء ورد ... إذا وردوا الحتوف مسالمينا
وما في الأرض أعدل من حسام ... إذا جمح الهوى بالحاكمينا
وما حق الحياة لنا بحق ... إذا خفنا وعيد المبطلينا
ولولا البأس ما وفت الأماني ... ولا نهضت جدود العاثرينا
أمن جعل الهوان له حليفا ... كمن جعل العنان له قرينا
ولولا النقع ينهض مكفهرا ... لما نهضت عروش المالكينا
بني عثمان من يضرب بسيف ... فما زلتم سيوف الضاربينا
ومن يعبث به نزق الأماني ... تعده سيوفكم ثبتا رزينا
وما لذوي الجهالة من عذير ... إذا ركبوا الحتوف مجربينا
إذا ما النصح لم يك ذا غناء ... فإن السيف خير الناصحينا
خلقتم للجلاد وأرضعتكم ... ثدي الأمهات مدربينا
وما للقوم في الهيجاء كفء ... إذا ولدوا فوارس معلمينا
سموتهم في الشعوب بمنجبات ... يفئن إلى غطارف منجبينا
مطهرة البطون مباركات ... يربين الرجال مباركينا
نمتهن المنابت ممرعات ... يطيب بها غراس المنبتينا
فإن يجهل بني عثمان قوم ... فما عرفوا الأبوة والبنينا
أولئك أفضل الأقوام خلقا ... وأصدق أمة الفرقان دينا
يحلون الكتاب حمى نفوس ... حللن من السماء بحيث شينا
أهاب بهم رسول الله هبوا ... فهبوا بالسيوف مجاهدينا
ينادون الخلافة لا تراعي ... فلن نرضى لتاجك أن يهونا
إذا بات العرين بغير حام ... وريع حمى الخلائف فاذكرينا
لك المهجات نبذلها فداء ... ولسنا في الفداء بمسرفينا
أمانة ربنا صينت لدينا ... وكنا للأمانة حافظينا
دعوت فأقسم الجيش اليمينا ... وحسبك أن يبيد الظالمينا
نجاهد وحدنا ونراه حقا ... وإن نكصت شعوب المسلمينا
ونحن القوم لا نخشى المنايا ... ولا نتهيب الحرب الزبونا
علينا أن نجيب إذا دعينا ... ونصدق في الوغى من يبتلينا
نذم القائلين ولا حياة ... لمن يأبى سبيل العاملينا
إذا الخطباء للتعليم هبوا ... خطبنا بالسيوف معلمينا
ونكتب في الملاحم ما أردنا ... إذا التحمت صفوف الكاتبينا
وأضعف ما يكون القوم جندا ... إذا حشدوا الصحائف صائحينا
تجادل بينات البأس عنا ... إذا ضج الرجال مجادلينا
لنا الحجج التي لا ريب فيها ... إذا ارتابت قلوب المنكرينا
لنصرك ربنا خضنا المنايا ... وفيك وفي رسولك ما لقينا
دعوت إلى الجهاد ونحن صرعى ... فما أبت السيوف ولا عصينا
نهضنا تخذل الأوصال منا ... مناكب يستقمن ويلتوينا
ننوء من الجراح بما حملنا ... ونمشي للكفاح مصفدينا
نضج مكبرين إذا رمينا ... ونستبق الجنان إذا رمينا
إذا لم نملإ الدنيا سلاما ... فلسنا للسيوف بمغمدينا
نقاذف عن ذوي الأرحام طرا ... ويقذفنا العدى ببني أبينا
ونعلم أنهم قوم ضعاف ... شقوا بالغاصبين كما شقينا
يسامون الهوان أذى وبغيا ... ويأتون الدنية صاغرينا
إذا انبعثت قذائفهم غضبنا ... فإن بعثوا القلوب لنا رضينا
تبيت صفوفهم تهفو إلينا ... وإن مضت الطلائع تتقينا
يريدون الحياة ككل شعب ... وتقتلهم قوى المستعبدينا
أولئك قومنا اللهم فافتح ... لنا ولقومنا الفتح المبينا
أروني سيف خالدة وعدوا ... مناقبها العلى للمعجبينا
أروه ممالك الدنيا وقصوا ... على الأمم الحديث مفاخرينا
لئن جهل التفوق مدعوه ... فتلك مراتب المتفوقينا
وما للعبقرية في سواكم ... سوى الذكرى ودعوى المرجفينا
عهدنا الغيد يؤثرن الحشايا ... ويغلين القلائد والبرينا
فما بال التي جعلت حلاها ... حديد الهند في المتلبسينا
رمت بالسابحات تسح ركضا ... إلى الغمرات تلقى الدارعينا
تحط قناعها وتخوض فيها ... فوارس بالحديد مقنعينا
وتلبس من دم الأبطال مرطا ... تفيض له نفوس اللابسينا
تزين جفونها بالنقع فرحى ... إذا ما زين الكحل الجفونا
وما تضع السلاح بنات قومي ... ولا تدع الحمى للواغلينا
حرائر ما شغلن بمستحب ... سوى الشرف الرفيع ولا عنينا
نمتهن المناسب مشرقات ... سللن من القواضب وانتضينا
إذا ما الخيل سرن نفرن بيضا ... يبادرن الرعال وينبرينا
يغرن فيستلبن الجيش ضخما ... إذا استلب العقائل أو سبينا
فمن يشهد حماة الملك يشهد ... خلال النقع آسادا وعينا
يعاجلن الصفوف مغامرات ... ويغشون الحتوف مغامرينا
فيا لك سؤددا وطراز مجد ... يروع جلاله المتأنقينا
تدفق رونق الإسلام يسقي ... جوانبه ويستسقي المتونا
وجال الوحي ذو الإشراق فيه ... فسال على أكف القابسينا
أكنتم أمة خلقت سيوفا ... تعالى الله خير الخالقينا
تخوض الحرب شبانا وشيبا ... وتغشى القتل أبكارا وعونا
لكم نور الفتوح يضيء فيها ... إذا هزته أيدي المصلتينا
سنا عثمان ذي النورين فيه ... وسر الله للمتوسمينا
طوى الأجيال ما واراه غمد ... ولا عرف الصياقل والقيونا
تجلت غمرة اليونان عنكم ... وجاءت غمرة المتحالفينا
بني عثمان أعنقت المطايا ... وجد الجد بالمترددينا
خذوا سبل العلى ركضا وسيروا ... ميامين الركاب موفقينا
لعمر الجامحين لقد أردتم ... فألقوا بالأعنة مذعنينا
إذا خفضوا الجناح لكم رضيتم ... أعزاء المعاطس كابرينا
وإن طلبوا العوان بعثتموها ... وسرتم باللواء مظفرينا
تحبون الهوادة ما استقاموا ... ولستم للقتال بكارهينا دار الخلافة ومقدونيا
حماة الملك هل للملك ذخر ... سوى بأس الحماة الباسلينا
وما تنأى فروق إذا هممتم ... ولا تأبى أدرنة أن تدينا
قبور الفاتحين ترف شوقا ... وتسأل ما وقوف القادمينا
مضاجع للخلائف شيقات ... تحن إلى نوازع شيقينا
لكم مقدونيا شرقا وغربا ... فزوروا داركم وصلوا القطينا
صلوا إخوانكم وبني أبيكم ... وإن كرهت نفوس الكاشحينا
أقاموا بالديار مروعات ... ينادون الحماة مروعينا
ديار هوى هلكن أسى فلما ... أتاهن البشير ضحى حيينا
يكدن من الحنين يجئن ركبا ... يحيين اللواء ويحتفينا
مللتم ما يمض الحر منهم ... وما ملوا الدعابة والمجونا
تواصوا بالهوادة وهي زور ... ونادوا بالسلام مضللينا
رأوا عزما يطم على العوادي ... ويغمر حدة المتمردينا
فباءوا بالتي لا ظلم فيها ... وجاءوا بالقضاة محكمينا
فما اسطاعوا لحكم الليث ردا ... ولا وجدوا لهم من ناصرينا
رضوا بعد التوثب واستكانوا ... لأغلب يصرع المتوثبينا
إذا نفر الحفاظ به تناهوا ... يغضون النواظر خاشعينا
يضن بحقه والحق عرض ... إذا انتهكته أيدي الطامعينا
أصم العزم ما وجدوه إلا ... كركن الطود ممتنعا ركينا
يريد الأمر لا يبغي كفيلا ... سوى البأس الشديد ولا ضمينا
أرادوا ظلمنا فأبى عليهم ... وعلمهم سجايا الأكرمينا
فعادوا بالمهانة في ذويهم ... وعدنا بالكرامة في ذوينا
يشاور سيفه والسيف أجدى ... إذا لم يجد لغو القائلينا
يرد الذاهلين إلى نهاهم ... ويكشف حيرة المتعسفينا
دعوا أسطولهم فاهتاج ذعرا ... وبات جنودهم متفزعينا
لئن أخذوا السبيل إلى فروق ... لقد أخذوا سبيل الذاهبينا
وإن شقوا الخنادق في جناق ... فقد شقوا القبور مموهينا
تهللت الخلافة إذ نعوها ... وجاءوها بسيفر وارثينا
تولوا عن مغانمها خزايا ... وعادوا بالحقائب محفقينا
وما لعهود سيفر من بقاء ... إذا دلف الكماة مدججينا
وما خطط الدهاة بمغنيات ... إذا خطط بأنقرة قضينا
مهب الحادثات إذا ترامت ... بها الأقدار حمرا يلتظينا
يدعن رواكد الأقطار ولهى ... وما يدرين ماذا ينتوينا
إذا بلغ المطار بهن أرضا ... بلغن من العدى ما يشتهينا
يزرن مساقط الآجال هيما ... يردن بها النجيع فيرتوينا
منازل فتية فزعوا إليها ... بآمال العناة المرهقينا
يعدون الخطى ينقصن حينا ... ويستوفونها متلفتينا
يخافون الكلام فإن تناجوا ... تناجوا بينهم متخافتينا
أصابوا غرة فمشوا دبيبا ... وساروا خفية متسللينا
يهال الغيب ذو الأهوال منهم ... بمستخفين فيه وساربينا
رأوها نكبة هوجاء تأتي ... زلازلها على المستسلمينا
وروعت الخلافة في حماها ... وضج بنو الخلافة نادبينا
فباعوا الله أنفسهم وهبوا ... كأصحاب النبي مهاجرينا
هم ابتدروا العرين فأنقذوه ... وهم كانوا الحماة المانعينا
سيوف الله ليس له سواه ... ورايات الهداة الملهمينا
ترى القواد والوزراء صرعى ... على عاري الصعيد مجندلينا
يلاقون الحتوف وما أساءوا ... ولا كانوا الجناة الخائنينا
وما من حيلة في الترك تجدي ... إذا ذعروا المقانب مقدمينا
وهل في طاقة القواد شيء ... إذا دهموا الجيوش مطوفينا
هم امتلكوا النفوس فأخضعوها ... وجاءوا بعد ذلك خاضعينا
وهم ساقوا الكتائب ثم سيقوا ... كأمثال العقائر موثقينا
ألح الأسرب المسموم يفري ... جماجمهم فخروا هامدينا
يشق لهم عيون الصدق تمحو ... حقائقها ظنون الزاعمينا
ترى عقبى الأذى فتفيض غما ... وتقذف بالنفوس دما سخينا
تتابع من يد الغازي عليهم ... وإن قذفته أيدي القاتلينا
مثقب كل معتصم وحصن ... رماهم في القبور مثقبينا
كذلك وعد ربك حين يأتي ... ومن ذا يعصم المستهترينا
تظل دموع قسطنطين تهمي ... لقتلى بالدماء مضرجينا
تولى خوف مصرعه حثيثا ... وخابت حيلة المتربصينا
يذم العرش والتاج المحلى ... ويلعن قومه في اللاعنينا
يعيبون الفرار عليه ظلما ... وأي الناس يرضى العائبينا
أما كانوا حديث الدهر لولا ... شرائعه العلى للهاربينا
يجود بعرضه ويصون منهم ... بقايا العار للمتسهزئينا
لئن جحدوا مناقبه وكانوا ... يقيمون المواكب شاكرينا
فما جحدت بلا ريسا الروابي ... ولا الشم الفوارع من ملونا
إذا جد النزال ارتد يعدو ... وأقبل بالفوارس راكضينا
فجاءوا بالنفوس محصنات ... وقروا في البيوت معسكرينا
فوارس لا يرون الجبن عارا ... إذا غنموا النفوس متاركينا
فما تجنى هزائمهم عليهم ... وإن زانت سيوف الهازمينا
ولا تمضي مغانمهم إذا ما ... مضت أسلابهم في الغانمينا
أقسطنطين مت وما أرانا ... على حب البقاء بخالدينا
كفى بالموت صحوا للسكارى ... وشكرا للصحاة المدركينا
لعلك كنت تطمع في حياة ... يسرك طولها في المنظرينا
ولو أوتيت سؤلك لم تنلها ... مطامع تصرع المتطاولينا
بنو عثمان أحداث الليالي ... وملك الترك دهر الداهرينا
يزول القوم بعدك من موال ... وأحلاف وليسوا زائلينا
فإن تك قد سبقت ذويك فردا ... فموعدهم غدا في اللاحقينا
حماة الشرق بوركت المواضي ... وطوبى للحماة الذائدينا
أقمتم للألى ظلموا وجاروا ... مآتم تملأ الدنيا رنينا
وصنتم مجدكم عن كل عاد ... بكل غضنفر يحمي العرينا
أرادوا شأوه العالي فكنتم ... مواليهم وكانوا الأسفلينا
لكم نصر الألى في يوم بدر ... أمدوا بالملائك مردفينا
مضى الحكم الذي قضت المواضي ... فتلك مصارع المتجبرينا
سلوا أمم المشارق ما دهاها ... وكونوا للمشارق منقذينا
تؤمل أن يصان بكم حماها ... ويوشك ما تؤمل أن يكونا
هو الميثاق ذو الحرمات لستم ... طوال الدهر عنه بحائدينا
تنزل من بقايا الوحي نورا ... يضيء النهج للمترسمينا
وما نفع النفوس ولا هداها ... كنور الله خير المنزلينا
أرونا البطشة الكبرى سراعا ... فإن لكم لبطش القادرينا
هم اتخذوا الشعوب لهم عبيدا ... وعاثوا في الممالك مفسدينا
أقيموا الحق ليس له سواكم ... وسوسوا الناس أجمع والشؤونا
فذلك عهدكم لله فيه ... وللمختار عهد الراشدينا
قضيتم بالكتاب فهل رأيتم ... كآيات الكتاب حمى حصينا
وهل نفذت قوى الطاغين فيه ... ونالت منه أيدي الماكرينا
أحصن الله يوعد كل رام ... ويطمع أن يكون له مهينا
وما زجر الحصون الشم إلا ... حففن به يطفن ويحتمينا
سبيل المجد إيمان وحق ... وسيف يردع المتهجمينا
يعف عن المظالم والدنايا ... ويرفق بالضعاف الوادعينا
ويجتنب المناهل مترعات ... تطيب نطافها للناهلينا
يرى حر الغليل وإن تمادى ... أحب موارد المتعففينا
تهيب ربه فازداد مجدا ... وكان بكل مكرمة قمينا
يشير فتفزع الغبراء منه ... ويفزع من شكاة العاتبينا
ويوهن حادثات الدهر رعبا ... ويخشى أن يصيب الواهنينا
سلاح الحق يقطع كل عضب ... ويصدع قوة المتهورينا
وما الإيمان للأقوام إلا ... سبيل الله يهدي السالكينا
إذا لم يرفع البنيان عدل ... هوت جنباته بالرافعينا
وإن ضاع التعاون في أناس ... عفت آثارهم في الضائعينا
بني عثمان رد الله فيكم ... خلائفه وأحيا التابعينا
فذلك عهدهم لا الأمر فوضى ... ولا الدنيا بأيدي اللاعبينا
وتلك شرائع الإسلام عادت ... تجب شرائع المستعمرينا
رفعتم من حضارته منارا ... يفيض شعاعه للمدلجينا
فأين السبل بالركبان حيرى ... وأين حضارة المتوحشينا
أبالتاج المعظم كل يوم ... يراءون الممالك مقسمينا
وما للتاج في الدنيا قرار ... إذا صدق الألى عقدوا اليمينا
يكفر من كبائرهم ويعفو ... وإن أبوا الإنابة عامدينا
يرى المستغفرين أشد ذنبا ... ويجعل رجزه للتائبينا
هو الإلحاد إن جنحوا إليه ... فقد علموا جزاء الملحدينا
ولن ترضى الجلالة عن أناس ... تراهم في الضلالة سادرينا
تهين الأنبياء إذا استباحوا ... محارمها وتنفي المرسلينا
لها في كل مملكة وشعب ... شرائع تعجب المتعبيدينا
إذا حملت إليها الشمس غنما ... فلا طلعت على المتذمرينا
ترى الدنيا لها ملكا مباحا ... ومن فيها عبادا طائعينا
عروش الأرض إرث في يديها ... وتيجان الملوك الأقدمينا
تروع بعرش عثمان الدراري ... وتستهوي الشموس بتاج مينا
كذلك تخدع القوم الأماني ... وتكذب ترهات المدعينا
أرادوا بالخلافة ما أردوا ... وردوا المسلمين ممزقينا
يقيمون الممالك واهيات ... يملن مع الرياح وينثنينا
بنوها أربعا ولو استطاعوا ... لشقوها ممالك أربعينا
يدبون الضراء لنا وما هم ... وإن خدعوا الصغار بضائرينا
إذا دأب القضاء يريد أمرا ... تقاصر عنه سقي الدائبينا
تكشفت الأمور لنا فلسنا ... عن السنن السوي بناكبينا
وفي لوزان إذ فزعوا إليها ... وجاءوا بالوفود مكاثرينا
رأوا نارا يطير لها شواظ ... تطير له نفوس الموقدينا
إذا هاجوا الأسود فأفزعوهم ... أهابوا بالممالك غاضبينا
وقالوا أمة سكرى وشعب ... يريد بنا الهوان ويزدرينا
يرى الدنيا العريضة في يديه ... ويعتد الشعوب له قطينا
لعمر الكاشحين لقد رجعنا ... على الأمر المدبر مجمعينا
فيا لك صخرة صماء تأبى ... جوانبها على المتمرسينا
تمادوا في الوعيد وسيروها ... دعاوى تضحك المتأملينا
فما سمع الأسود لهم عواء ... ولا خاف الذباب لهم طنينا
يسد وقار عصمت مسمعيه ... إذا عكفوا عليه مهولينا
إذا ما الصمت أعجبه تولى ... به صلف يهول السائلينا
فلا صيحات فنزيلوس تجدي ... ولا كرزون يطمع أن يبينا
أتوا متفائلين لهم ضجيج ... فرد جموعهم متطيرينا
إذا راضوه أعجزهم شماس ... يطيل ضراعه المتكبرينا
أما والراقصات لقد طربنا ... لأنباء الحماة الراقصينا
أساطين الممالك حيث كانوا ... وسادات الشعوب البائسينا
شرائع للحضارة نزدريها ... وإن فتن الغواة بها فتونا
إذا شربوا الكؤوس رمى إليهم ... بكأس مرة للشاربينا
وإن شدت القيان أجال صوتا ... يشق مرائر المتطربينا
مقاوم تترك الألباب حيرى ... وتعجز حيلة المتحيلينا
تبسم ضاحكا والأرض تعلو ... وتسفل بالدهاة العابسينا
فقالوا حادث جلل وخطب ... ينازعنا القرار ويزدهينا
وطار البرق ينبئ كل شعب ... ويخشى أن يزل وأن يمينا
يجوب الأرض مرتابا مروعا ... ويلقى الناس متهما ظنينا
وحسبك روعة نظرات عين ... ترى عزريل بين الضاحكينا
سعوا بالروس يلتمسون أمرا ... ومن ذا يتبع الرأى الغبينا
أرادوا بالنمائم أن يؤوبوا ... بأسلاب الضراغم فائزينا
فما ملكوا لعصمت من قياد ... ولا ملك الدهاة تشتشرينا
هم الأحلاف نقبل ما رضوه ... وننقم ما أبوا في الناقمينا
تولى ملك قيصر والتقينا ... على أطلاله متأنقينا
هي الدنيا الجديدة نرتضيها ... على العهد الجديد وترتضينا
لكل من شعوب الأرض حق ... فما بال الجفاة الجاحدينا
سنحمي الناس من عنت وظلم ... ونكفى الأرض شر العابثينا
أمن يبغي السوية في بنيها ... كمن يبغي الشعوب مسخرينا
أقاموا عصبة الأمم احتيالا ... وجاءوا بالشعوب مخاصمينا
حلفت بمن أضاع العدل فيهم ... لتلك عصابة المتلصصينا
لئن زعموا الأذى والبغي عدلا ... فما خفي الصواب ولا عمينا
أخا الأسطول ما للترك حق ... ولا بك ريبة في المنصفينا
يريدون الحياة على ومجدا ... وتلك مطالب المتطرفينا
حددت القوم إذ وفدوا سكارى ... وهموا بالوفود معربدينا
فإن لكم لعقبى الخير فيهم ... وإن لهم لعقبى الزائغينا
تورطت الممالك في الخطايا ... ونيط بكم جزاء الخاطئينا
أيكفر بعضها فيفيض زيتا ... ويطغى بعضها ماء وطينا
دع الأسطول يهد الناس وابعث ... جنودك في المشارق واعظينا
أخا الأسطول بورك من مسيح ... وبورك في ذويك الصالحينا
كأن الله ربكم اصطفاكم ... وأنشأكم طهارى طيبينا
وأفسح في السماء لكم فكنتم ... ملائكة إليه مقربينا
وهبتم للممالك ما تمنت ... وقمتم في الشعوب مهذبينا
لكم أمم الزمان دما ومالا ... وأنتم سادة المترفقينا
إذا التيجان عاث الفقر فيها ... أتيتم أهلها متصدقينا
ملكتم من عطاء الله فيهم ... مقاود تملك الشعب الحرونا
فسودوا في الممالك واستبدوا ... بتيجان الملوك المعوزينا
بكم تحمي الخلافة جانبيها ... وتدفع غارة المتحفزينا
وميراث النبي لكم وأنتم ... ولاة البيت غير مكذبينا
خذوا آثاره من غاصبيها ... ولا تثقوا بقول المفترينا
خذوها للمتاحف واجعلوها ... بلندن عرضة للناظرينا
لكم شرف المناسب في قريش ... وإن جهلت ثقات الناسبينا
وما ينسى أبو لهب بنيه ... ولا يأبى ذويه الأقربينا
سليل التاج والدنيا جزاء ... وعقبى الأمر للمتدبرينا
وما تبقي الشعوب على ملوك ... مشائيم العهود مبغضينا
مصيرك للنفوس أجل ذكرى ... وخطبك سلوة للمؤتسينا
أكنت ترى الخلافة جحر ضب ... غداة تطيع أمر المجحرينا
تذل وما على الغبراء عز ... كعزك لو رأوك به ضنينا
وتذعن للتحكم فوق عرش ... تدين له قوى المتحكمينا
وتقضي الأمر مفسدة وشرا ... ومثلك لا يطيع الآمرينا
أمن يحمي الخلافة خارجي ... لبئس الحكم حكم القاسطينا
لفنزيلوس إن صدقوا فتاها ... ومولى حقها في الطالبينا
أعز حماتها إن ناب خطب ... وخير كفاتها المتخيرينا
وماذا للخوارج إن أقاموا ... لها كيرزون أو هارنجتونا
مضى بك خاطف القرصان يعدو ... فلا رجعتك أيدي الخاطفينا
أكنت خليفة أم كنت شاة ... تولت تتبع الذئب اللعينا
نسائل عارفات الطير عنه ... ألا أين الخليفة نبئينا
تفيأ ظلهم فمضوا سراعا ... بظل الله للمتفيئينا
فما خدعوا الخليفة بالأماني ... ولكن غرهم في الخادعينا
يعدون الملوك لغير شيء ... ويلقون الرواية هازلينا
أرادوا عندهم نفعا وليسوا ... ولو بلغوا المئين بنافعينا
لئن جهل الألى نكثوا وخانوا ... لقد علموا جزاء الناكثينا
كأني بالصوافن عاديات ... ينلن حمى الملوك ويحتوينا
يدسن معاقد التيجان شتى ... وينزعن العصائب يحتذينا
ويطوين الجلالة في جلال ... نهين لها الجباه معظمينا
وما للمجرمين إذا رأوها ... يثور غبارها من شافعينا
طريد الله هل لك من مجير ... تلوذ بركنه في اللائذينا
أخوف غال نفسك أم رجاء ... رمى بك في الفريق المصحرينا
إذا ما جئت مكة فانأ عنها ... مناسك لا تحب الغادرينا
ولا تزر البنية واجتنيها ... إذا ازدلفت وفود الزائرينا
ودع طه بيثرب لا ترعها ... وقوما في البقيع موسدينا
ولا تلمم بزمزم إن فيها ... لك المهل الذي يشوي البطونا
ولا تلمس كتاب الله واخسأ ... إذا رفعته أيدي اللامسينا
وإن طمح الرجال إلى حياة ... فغض الطرف بين الطامحينا
وحسبك بالحسين خدين صدق ... إذا استصفيت في الدنيا خدينا
هوى الإسلام بينكما صريعا ... وطاح بنوه حولكما عزينا
رماه بطعنة صدعت قواه ... وجئت فنال مقدمك الطعينا
يد عصفت بهامته فمالت ... وأخرى استأصلت منه الوتينا
عفا المهد الأنيق فصار لحدا ... وغودر في غيابته رهينا
به انبرت القوابل فانتضته ... وفيه طوته أيدي الدافنينا
حنانك ربنا وهداك إنا ... برئنا من ذوينا الصابئينا
ديار الوحي يزجي الروح منه ... كصوب المزن مدرارا هتونا
يجود رباك مونقة حسانا ... ويجري فيك سلسالا معينا
تضيء به الشعاب إذا ادلهمت ... وتكرعه النفوس إذا صدينا
إذا لم يرتع الأقوام فيه ... فما عرفوا ربيع المسنتينا
لعبد اللات أكرم فيك عهدا ... وعبد يغوث ممن تحملينا
وحيد الدين ضج الدين منها ... جرائر جاوزت منك المئينا
إذا ما الرأي ثاب إليك فاذكر ... ذنوبك وابكها في النادمينا
ودعها فتنة عمياء واصبر ... لحكم الله واعص الموعزينا
أمير المؤمنين طلعت يمنا ... وكنت الخير للمتيمنينا
وما بلغ الجلال وإن تناهى ... جلالك في الهداة الطالعينا
لو أن البيت سار إلى إمام ... لجاءك بالوفود مهنئينا
أتى جبريل يشهد حين حيا ... رسول الله خير الشاهدينا
لعمر المنكرين لقد توالت ... بسدتك الملائك طائفينا
لئن جحدوا الذي لك من ولاء ... فقد بلغ الصفا وأتى الحجونا
عقدنا العهد إيمانا ومجدا ... كذلك عهدنا في العاقدينا
نطيع من الخليفة كل أمر ... ونعمل للخلافة مخلصينا
ولسنا ما دعا الداعي لشيء ... سوى الحق المبين بمؤثرينا
يضج المسلمون بكل أرض ... يحيون الإمام مبايعينا
وما عبد المجيد بذي خفاء ... ولا هو ريبة المتوهمينا
نمته السابقات من الأيادي ... وجربه الثقات مبالغينا
فما وجدوه إلا الخير محضا ... ولا اختاروه إلا موقنينا
أقروا الملك فاستعلت ذراه ... وهموا بالخلافة ناهضينا
وسنوا للخلائف ما علمنا ... فصين الدين والدنيا وزينا
سبيل محمد وذوي هداه ... حماة الحق خير المرشدينا
تباعد عهدهم فمشوا إليه ... على نور الكتاب مسددينا
لربك حكمه والأمر شورى ... وتلك حكومة المتحفظينا
إذا طغت السياسة في بلاد ... فتلك سياسة المستأثرينا
وإن زعموا لحكم الفرد معنى ... فتلك خرافه المتألهينا
بني عثمان أنتم إن دعونا ... ذوي الأرحام خير العاطفينا
فويحي للأسود إذا استباحت ... حمى الحرمين أيدي الناهبينا
أعينوا مصر إن لمصر فيكم ... رجاء تستعز به متينا
نقوم بنصرها ونكون فيها ... لأنصار الحماية خاذلينا
أضاعوا حقها وجنوا عليها ... وساموها الهوان مساومينا
فيا لك خطة شططا ورأيا ... يقض مضاجع المتبصرينا
إذا جعلوا العقوق لها جزاء ... أبينا أن نعق وأن نخونا
نخاف الواحد القهار فيها ... ونرقب وعده حتى يحينا
ذكرتم مصر ما نقعت صداها ... بذكر من بنيها الناعقينا
أغيثوا أهلها وتداركوهم ... ولما يذهبوا في الغابرينا
أغيثوا أمة فزعت إليكم ... تهز حماتها المستبسلينا
أعيدوا النيل سيرته وردوا ... إلى استقلاله الشعب الحزينا
أمن شرف الخلافة أن تروه ... أسيرا في الأداهم أو سجينا
هو الذخر الثمين ولن تصيبوا ... كمصر وشعبها ذخرا ثمينا
إذا طرقتكم الأحداث بتنا ... قياما في المضاجع مشفقينا
نثبت من جوانحنا وتهفو ... بهن زلازل ما يرعوينا
أهاب الموعدون بنا رويدا ... فما نفع الوعيد ولا خشينا
نهين الناكثين ونجتويهم ... ونرفض خطة المتقلبينا
إذا استعر التناحر وارتمينا ... مشوا بين الصفوف مذبذبينا
تدور قلوبهم فإذا ظفرتم ... تباروا بالأكف مصفقينا
وإن ينزل بكم خطب تولوا ... يضج عواتهم في الشامتينا
أولئك مستقر الداء منا ... متى تتلمسوا الداء الكمينا
جعلنا حبكم نسكا وزلفى ... وبعض الحب زلفى الناسكينا
ولسنا بالتجار نريد ربحا ... فيذهب سعينا في الخاسرينا
لنا الأخلاق نجعلها عتادا ... نقيه من الغوائل ما يقينا
فما نخشى الخطوب وإن ألحت ... ولا يفنى العتاد وإن فنينا
إذا عمر الخزائن أشعبي ... فتلك خزائن المتورعينا
ونكتم ما نقول فإن فعلنا ... فخير بني الكنانة فاعلينا
وأبعدهم نفوسا عن رياء ... وأصبرهم إذا ملوا السنينا
يضج الأكثرون إذا صمتنا ... وتلك خلائق المتبرجينا
عرفنا حقكم وطغى أناس ... فما عرفوا الحقوق ولا الديونا
ولا حفظوا لمصر سوى نفوس ... دأبن على الأذى ما يأتلينا
يرين ذهابها خطبا يسيرا ... إذا نلن السلامة أو بقينا
وما قوم يكون الأمر فيهم ... لسادة دنشواي بسالمينا
سلوا شهداءكم وتذكروها ... مصارع تفزع المتذكرينا
سلوا أين الألى هتفوا لمصر ... أفي الأحياء أم في البائدينا
سلوا الأحياء والموتى جميعا ... سلوا الثاوين والمتغربينا
سلوا الدنيا العريضة أو سلوهم ... متى ساسوا الممالك مصلحينا
عتوا في الأرض والتهموا بنيها ... فكانوا وحشها الجشع البطينا
ولولا ما جنى السفهاء فيها ... لما ملكوا الشعوب مسيطرينا
إذا نزل البريطاني أرضا ... فقد نزل الردى بالآمنينا
لنا الميثاق نحفظه ونمضي ... على منهاجه في الناهجينا
رضينا حكمه الأعلى فلسنا ... إلى حكم سواه بنازعينا
نبيد حوادث الأيام صبرا ... ونعصف بالشوامخ ثابتينا
ونأبى أن نغير ما عقدنا ... إذا انقلب الدعاة مغيرينا
نراقب حق مصر إذا أمرنا ... ونصدقها الولاء إذا نهينا
إذا وجدت شفاء الغيظ فينا ... فزاد الله غيظ المحنقينا
نصون حمى البلاد وإن أصبنا ... ونثبت في الجهاد وإن محينا
فذلك عهدنا الأوفى لمصر ... وتلك سبيلنا للمقتدينا
أهاب المؤمنون به دعاء ... تلقته الجموع مؤمنينا
يضم كتابه دنيا المعالي ... ودين المجد للمتمسكينا
يثير الهامدين وهم رفات ... وينهض بالجذوع الجامدينا
كأن الكيمياء تسل منه ... عجائب سرها للعارفينا
تبور مذاهب الزعماء إلا ... إذا جاءوا الروائع معجزينا
وإن وهن الحماة أو استكانوا ... فليسوا في الجهاد بمفلحينا
ولن تلد الحياة الخلد إلا ... لمن ولدوا نوابغ نابهينا
أتوا لوزان يلتمسون فيها ... دعاة الحق في المتآمرينا
فما رأوا الدعاة أولي وفاء ... ولا وجدوا القضاة بسامعينا
إذا جد النضال أبوا عليهم ... ومالوا بالمناكب هازلينا
أقاموا دولة للظلم أخرى ... وراحوا بالضعاف موكلينا
فيا لك معرضا ما فاز فيه ... سوى كرزون شيخ العارضينا
تناهت عبقريته وتمت ... براعة قومه المتفننينا
يضن بحق مصر على بنيها ... وما ضنت على المتطفلينا
ويغضب أن يكون لها لسان ... يذيع شكاتها في المشتكينا
ويعجبب أن يرى منها رجالا ... يجوبون البلاد مناضلينا
فريسة قومه عكفوا عليها ... وصدوا عن بنيها الصارخينا
أما والموجعين لقد أصابوا ... بأنقرة شفاء الموجعينا
تولوا بالجراح تفيض سما ... وما شعرت نفوس الجارحينا
يؤمون المثابة لو أقاموا ... شعائرها لساروا محرمينا
مقدسة المسالك والنواحي ... تضيء بمشرقين مقدسينا
تولوا بالكرامة حزب مصر ... وشدوا أزرها متطوعينا
حفاوة قومنا وقرى ذوينا ... وعطف الأخوة المتوددينا
نحل ديارهم فنزور منهم ... مساميح النفوس محببينا
وننأى والقلوب هوى وشوقا ... قلوب الجيرة المتزاورينا
وحسبك نجدة ودفاع خطب ... إذا عقدوا اليمين معاهدينا
نجيء ببينات الحق تترى ... ويأبى باطل المتخرصينا
سيعلم قومنا أنا وفينا ... وأنا قد كفينا ما يلينا
حفظنا العهد غير مذممينا ... وأدينا الأمانة محسنينا
إذا استبق الرجال السبل شتى ... فإن لنا سبيل المهتدينا
ومن يعمل لأجر يبتغيه ... فعند الله أجر المتقينا
like-empty