دعْ ملاميباللّوى أورحْ ودعني – مهيار الديلمي
دعْ ملاميباللّوى أورحْ ودعني … واقفا أنشد قلبا ضاع منِّي
ما سألتُ الدار أبغي رجعها … ربَّ مسئول سواها لم يجبنى
إنما الحظُّ لقلبي عندها … ولعهدي لا لعينيَّ وأذنى
كن أخاً يُسعدُ أو بنْ عن قلى ً … فأخى الناصحُ ما استودعتُ جفنى
أنا يا دار أخو وحشِ الفلا … فيكِ من خان فعزمي لم يخنّى
قائما أو قائلا مفترشا … بين خدِّي وثرى أرضكِ ردني
ولئن غال مغانيك البلى … عادة الدهر فشخصٌ منك يُغنى
إن خبتْ نارٌ فها ذي كبدي … أو جفا الغيثُ فها ذلك جفني
ممّن الراكبُ نجَّته أمونٌ … زجرتْ سانحتي خصب وأمنِ
رشداً ما التقم الحادي بها … نجعة ً يعشبُ ما شاء ويُسني
يأخذ الحاجاتِ من غايتها … سهلة ً إن يتعنَّى أو يُعنِّي
دعوة ً صالحة ً مسموعة ً … فيه إن بلَّغ ما قلت ألِكني
أو أبانت خبرا ورحلتهُ … من لوى خبتٍ عن الحيِّ المبنِّ
كم على وادي أشيّ من هوى ً … مستعادِ العتبِ محبوبِ التجنِّي
وبرمّانَ سقى رمّانَ من … أيكة ٍ غناءَ أو ظبي أغنِّ
ووفاضٍ للتصابي ملئتْ … ملءَ أعراضك من طيب وحسنِ
وغصينيٍّ جموحٍ فتلتْ … رأسهُ الشاردَ حرَّى بنتُ غصنِ
خلطت حزنا بتغريدٍ فما … فرَّق السمعُ أتبكي أم تغنِّي
غرَّة ٌ في العيش كانت أفرجتْ … قبضة َ الأيام عنها بعد ضنِّ
ثم عادت تقتضيني ردَّها … أين هذا قبلَ أن يُغلق رهني
حيث لم يُلحمْ عذاريَّ ولا … رجمتْ بعدُ بشهبِ الشَّيب جنِّي
يا بياضا لستَ أولى وقعة ٍ … لي مع الدهر وجلَّى طرقتني
إنما يستطرفُ الرَّوعة َ من … نفَّرتْ منه بقلبٍ مطمئنِ
ما دعا باسمٍ سوى اسمي شرُّه … قطُّ إلاّ خلته إيَّاي يعنى
عبدهُ من ظن خيرا عنده … إنما حسَّنَ حالي سوءُ ظنِّي
لم يزل بي اليأس حتى لم تجد … معلقا فيّ حبالاتُ التمنِّي
فارضَ خلقى أو فسل خصمي بي … ربَّما لم ترضَ عن قولي سلني
لا تجاذبْ رسنى في طمع … وكا شئتَ مع الودِّ فقدني
ومتى تسمعْ بقومٍ أعجفوا … ليعزَّوا فابغني فيهم تجدني
جمَّة ُ الدنيا يسخّيني بها … شربيَ النُّطفة َ لم تمزجْ بمنِّ
قل لمن أنبضَ لي يوعدني … برقة ً تشهدُ أن ليستْ لمزنِ
قد أتتني فتبسَّمتُ لها … وقليلا أنستْ بالضِّحك سنيِّ
ربّما قبلك وافٍ ذرعه … مسحَ الأفقَ بكفٍّ لم تنلني
ودَّ لو ما تقلبُ الأرضُ به … قبلَ أن يقلبَ لي ظهرَ المجنّ
سامَ بغضا بي فلمّا داسها … فرآها جمرة ً قال أقلني
كنْ عدوّاً مبديا صفحته … أو فسالمني إذا لم تك قرني
أبقِ من يومي نصيبا لغدي … ربما سرَّك ما ساءك منّى
في اشتباه الناس ودُّ بينهم … وحزازات التنافي شرُّ ضعنِ
كم عدوّ سلَّ من ظهرِ أبي … وأخ لي أمُّه ما ولدتني
سقيتْ أنفسُ وافين زكتْ … بهمُ أرضى واستثمرَ غصني
أدركوني مثقل الظهرِ فحطُّوا … كلفَ الأيام عن جلبة ِ متني
وتمطَّيتُ بجنبيْ أجإٍ … منذ قاموا يزحمون الدهرَعنِّي
أدّبوا الأيام لي فاعتذرتْ … بعد أن كانت تجنَّى وهي تجني
ببني عبد الرحيم اعتدلتْ … واستقامتْ بعد ميلٍ وتثنّي
المحامون على أحسابهم … بصريحاتٍ من المال وهجنِ
وفَّروا الذكر فما يحفزهم … ما أصابَ المالَ من نقصٍ ووهنِ
تزلق الفحشاءُ عن أعراضهم … زلقَ الشفرة ِ عن ظهرِ المسنِّ
صرَّح الجدبُ فغطَّوا شمسه … بسحابٍ من نداهم مرجحنِّ
ودجا القولُ فعطّوا ليله … بحديداتٍ من الألسن لحنِ
تنطقُ السهلَ على ما ركبتْ … من ظهورٍ صعبة ِ الأردافِ خشنِ
بلغوا منها ومنأقلامهم … غاية َ الأبطالِ من ضربٍ وطعنِ
وأنابيبَ خفافٍ كسبت … من ندى أيديهمُ هزّة لدنِ
تقنصُ الأغراضَ ركضاً كلّما … أدركتْ فيّاً تعدّته لفنِّ
حلماء تعدل الأرضُ بهمْ … كلَّما مالت من الجهل بركنِ
خلقوا من طينة ِ الفضلِ فما … يرجع اليافعُ عن شأو المسنِّ
كلّما شارفَ عمريه أبٌ … منهمُ آزرهُ الإقبالُ بابنِ
وإذا قالَ دعيٌّ إنني … منهمُ قال له المجدُ وإنِّي
بأبي سعدٍ وفى عهدُ العلا … لأبيهِ وشروطُ المتمنّي
سبق الناسَ فتى ً علَّمهم … أنه لا يُحرزُ السبقُ بسنِّ
لو رأى فيهم سوى والده … أوَّلاً ما كان يرضى أن يُثنِّي
زاده مجدا وإن كان له … في مساعيه من السؤدد مغنى
إن رمى شاكلة ً فهو مصيبٌ … أو جزى يومَ عطاءٍ فهو مسنى
يُخلفُ المالَ لأن يتلفه … وبقاءُ العزِّ للأموال مفنى
حذيتْ نعليك خدّاً ناقصٍ … حدّثته بك جهلاتُ التظنِّى
خابطٍ يصلدُ في الخطبِ وتوري … وحريصٍ يهدمُ المجدَ وتبني
راح سرح الهمِّ عنى عازباً … بك واستأسر للأفراح حزني
صدتني بالخلقُ الرحبِ وكم … قد تقبَّضتُ بخلقٍ لم يسعني
ما تخيَّلتك حتى جبتهم … باحثاً أقلبهم ظهرا لبطنِ
رطبتْ بالشكر صدقا شفتى … منذُ ألقيتُ إلى بحرك شنِّي
فتسمَّعْ فقراً أقراطَ أذنٍ … هي في أعدائها وقرة ُ أذنِ
من بنات السير لو أطلقها … حظُّها ما انتظرتْ سهلاً بحزنِ
يتبادرنَ مروقا من فمي … فكأن لم يتقيَّدن بوزنِ