خُذْها فصبغُ الظلامِ قد نَصَلا – ابن سهل الأندلسي

خُذْها فصبغُ الظلامِ قد نَصَلا … وذيْلُهُ بالسَّنا قَدِ اشْتَعلا

وأُقحوانُ الرُّبى بَدا سَحَراً … وأُقحوانُ النجومِ قَدْ ذبُلا

و الوردُ مثلُ الخدودِ قد دميتْ … من نرجسٍ حدقتْ لها المقلا

يسقيكَ مِنْ كاسِهِ وناظِرِهِ … دراً بكاسيْ صبابة ٍ وطلا

تختدعُ السكرَ مُقلتاهُ فإن … نبَتْ به الكاسُ كان مستحلا

إن وَعَدَ الوصلَ سينُ طرَّته … قرأتُ في عارضيه لفظة َ لا

أيدَ حبي كتابُ عارضهِ … كذلكَ الكتبُ تعضدُ المللا

لا تعذلوني على محبتهِ … فسيفُ عينيْهِ يسبِقُ العَذَلا

مسلطٌ لا أذمُّ قدرتهُ … وظالِمٌ أشكرُ الذي فَعَلا

وباخِلٌ بالنَّوالِ عادَتُهُ … قد عَلّمَتْني بحبّه البَخَلا

فهاتها واسقني براحتهِ … و طاوعِ اللهوَ واعصِ من عذلا

راحٌ يزين الحبابُ حمرتها … كما يزينُ التبسمُ الخجلا

يقلِّدُ الماءُ جِيدَها دُرراً … ينهبها الشربُ بينهم نقلا

إن جَدَّدَتْ بالمزاجِ حِلْيتها … جددتَ شُرباً يسومُها العَطَلا

حاكمُها يظلِمُ العقولَ ولا … تصلحُ حالُ النفوس إنْ عدلا

نجمٌ لليلِ الهمومِ أكثرُ ما … يكشِفُ تلك الدُّجى إذا أفلا

قلوبهمْ في جنى النعيمِ بها … و إن بدتْ في وجوههم شعلا

قد ينتجُ الضدُّ ضدهُ وإذا … شِئتَ فجُودَ الوزيرِ خُذْ مثلا

رفيعني حظّه الحِمام كما … قد صانَ وجهي بكلِّ ما بذلا

يأتي بلا موعدٍ نداهُ فلو … كان كلاماً لكانَ مرتجلا

لَوِ اكْتَفى ساطِياً بهيبَتِهِ … كفَتْهُ بِيضَ السيوفِ والأسلا

أو لمْ ينلْ غيرَ بشرهِ صلة ً … أرْضَى بها كلَّ سائِلٍ سألا

يقترعُ البحرُ والغمامَة ُ مَنْ … أدناهُما من سماحِهِ سُبُلا

تاللهِ ما شرفَ السحابَ سوى … أن ضربوها لجودِهِ مَثَلا

ولا بِلُجِّ البِحارِ من كرمٍ … إلاّ جوارٌ بدارهِ اتصلا

كأنَّ جدوى يديه مأدبة ٌ … دعا إليها ببشرهِ الجفلى

للنفعِ والضُّرِّ عندَهُ شِيَمٌ … أمرَّ فيها لطاعمٍ وحلا

كأنما طعمُ عادتيه هوى … بَرَّحَ فِيها العتاب والقبلا

لابن خلاصٍ محمّدٍ هي تهدى … فَقَد حَكَتْ مدحَهُ غزلا

فاقتْ بهِ سبتة ُ البلادَ كما … دولة ُ يحيى قد فاقتِ الدولا

واعتدل الدهرُ حينَ حلَّ بها … فكان شمساً وكانَتِ الحمَلا

أحبهُ الناسُ دونَ مختلفٍ … كما أحبّوا الشّبابَ مُقتَبلا

أجني بهِ زخرفَ المعيشة إذ … لم يُبْقِ لي جودُ كفِّهِ أملا

بلغهُ اللهُ في الكمالِ مدى … إليه تصبو الورى وقدْ فعلا