خليليَّ ما للنفس هاج غرامُها – ابن شيخان السالمي
خليليَّ ما للنفس هاج غرامُها … وعاودها نيرانها واضطرامُها
أما آن أن نَسْتَبقي المهجةَ التي … عفا رسمُها وَجْداً وطال هيامُها
أأحبابَنا بِنْتُم وأودعتم الحَشَا … سرائرَ وُدٍّ لا يُطاق اكتتامُها
سر يتم فما للقلب إلا احتراقه … وجُرتم فما للعين إلا انسجامُها
فهلا رحمِتم مُغرَماً بهِواكم … سَهيرُ جفونٍ لم يَزرْها منامُها
إذا هبت النسماءُ من نحو أرضكم … تعاطيتُها كالخمر إذْ دارَ جَامُها
صِلوني فإن الوصل من شيم الوفا … فلي نفس صَبٍّ كاد يأتي حمامُها
وعودوا لما كنتم عليه من الصَّفا … وما فُرصاتُ الدهر إلا اغتنامُها
أحمِّل نسماءَ الصباح إليكم … رسائلَ شوق يُستهل انسجامُها
وما القصدُ إلا كشفُ وجدٍ مبرِّحٍ … وتعليلُ نَفْسٍ واللقاءُ مُرامُها
إذا وردت سكَرْى إليكم سقيمةً … فعَن سَقَمي يُروى إليكم سَقامُها
وإن أطلعتكم عن خبايا مودّةٍ … ففي القلب أضعاف وفيكم مُقامُها
ولم أنسَ منكم ظبيةً يوم ودَّعت … ولي زَفَرَاتٌ ليس يخبو ضرِامُها
رَنَت من بعيد والقلوب هواجس … فلم تُخْطِ حبَّاتِ القلوب سهامُها
فما كان إلا عَبرةٌ إثْرَ حسرةٍ … وما كان إلا مهجةٌ وانصرامُها
تَشارك مني الدمعُ والدمُ مثلماً … تشارك شِبْهاً عقدُها وكلامُها
وقالت سآتي بعد عام وكم مضت … شهور وأعوام ولم يأتِ عامُها
أُسائلُ باناتِ الحِمىَ عن ظِبائها … وما القصدُ إلا جيدُها وقَوامُها
ولي شَجَنٌ بالدُّرِّ والبرق مَوهناً … وما ذاك إلا ثغرُها وابتسامُها
وأبذل نفسي للنسيم لأنَّه … يمرّ بأرض مرَّ فيها غُلامُها
ولي خَطَرات تُضرم النار في الحشا … من الشوق في مَيدان قلبي زحامُها
أيا مَلْكةَ الحسن التي في قلوبنا … جرت سطوةً أحكامُها واحتكامُها
لئن كنتِ في أهل الجمال مَلِيكةً … فإني في أهل الغرام هُمامُها
عزيزةُ قَدر ذلَّلت نفسَ ماجدٍ … وما قَدْرُه إلا السَّما واستلامُها
فوا عجباً للأُسْد تقنِصها الظِبّا … وكم ظَبيةٍ صِيدت ونيل مُرامُها
أُذلِّل نفسي في الهوى ولقد درى … جَماعاتُ بيت العِز أنّي إمامُها
ولي هِمَّةٌ في نيل كل جليلةٍ … ونفس الأجِلاّ بالجليل اهتمامُها
وبي سَكرة لم أَصْحُ منها بحبِّ مَن … تقوَّض عني ذاتُها وخيامُها
وأستعطف النسماءَ حتى تفوح من … حماها فيأتي عندها لي سلامُها
خليليَّ قُومَا فاسألا البارق الذي … أضا هل سقى ارضاً وفيها مُقامُها
وهل مطفئٌ لي جذوةً من لظى الجوى … فقد طال ما يصلى بها مُستهامُها
وهل فيك يا صوتَ السحائب طاقة … لحملي إلى دار جفتْني كرامُها
أأحبابَنا ماذا التمانُع والجفا … أكانت كذا أخلاقكُم وانتظامُها
تقسّم دمعي في هواكم ومهجتي … وبي صبوة يأبى لمثلي انقسامُها
إذا كان مني هكذا في جنابكم … فما بال نفسي لا يراعى احترامُها
سلوا واديَ الصمَّان عن فيض أدمعي … أما أعشبتْه سُحبها وغَمامُها
وإلاَّ فذا وادي الأراك سَلُوه عن … مراتبِ شوقٍ ليس يخفى مَقامُها
وما طابت الجرداء إلا بنَشركم … تعطّر منها رَندُها وخُزامُها
وما لي بظل الأنس إلا انتقاصة … وما لكم في الشمس إلا تمامُها
عسى يجمع الرحمن شملي بقربكم … فلله ألطاف تفيض رهامُها
إذا ما انتهت أوصافكم في كمالها … فبالملك السلطان مِنْكٌ خِتامُها