خلق العروبة أن تجد وتدأبا – أحمد محرم
خلق العروبة أن تجد وتدأبا … وسجية الإسلام أن يتغلبا
لا تلك تخفض من جناحيها ولا … هذا يريد سوى التفوق مطلبا
رفع النفوس عن الصغار وصانها … عن أن تخاف عدوه أو ترهبا
دين الفتوة والمروءة ما طغت … لجج المنايا حوله فتهيبا
المؤمنون على الحوادث أخوة … لا يعرفون سوى الكتاب لهم أبا
سلهم على شرف الأبوة هل رعوا … ما سن من أدب الحياة وأوجبا
بيت تفرق في البلاد وأسرة … صدع الزمان كيانها فتشعبا
وهن البناء فعاث في فجواته … عادي الفساد مدمرا ومخربا
لبيك يا وطن الجهاد ومرحبا … لبيك من داع أهاب وثوبا
لبيك إذ بلغ البلاء وإذ أبى … جد الزمان وصرفه أن نلعبا
من ذا يرى دمه أعز مكانة … من أن يخضب من فلسطين الربى
كبرت حين عفا الوفاء وما عفا … في أرضها أثر البراق ولا خبا
إني أرى المعراج عند جلاله … وأرى النبي وصحبه والموكبا
وطن يعذب في الجحيم وأمة … أعزز علينا أن تصاب وتنكبا
بقلوبنا الحري وفي أحشائنا … ما شب من أشجانها وتلهبا
وبنا من الألم المبرح ما بها … وأرى الذي نلقى أشد وأصعبا
نتجرع البلوى وندرع الأسى … نرعى لإخوتنا الذمام الأقربا
إنا لنعلم أن آكل لحمهم … سيخوض منا في الدماء ليشربا
جعلوا الكفاح عن العروبة حرثهم … وتعهدوه فكان حرثا طيبا
يسقون ما زرعوا دما في مخصب … لولا الدم الجاري لأصبح مجديا
البيت يطرب من أنين جريحهم … أرأيت في الدنيا أنينا مطربا
إن الذي زعم السلام مراده … جعل الدماء سبيله والمركبا
إن كان قد غمر الزمان وأهله … كذبا فمن عاداته أن يكذبا
ركب الرياح إلى القوي يروضه … شرسا يقلب نابه والمخلبا
طارت به وفؤاده في روعة … يتلمس المهوى ويبغي المهربا
أرأيت إذ سكب الدموع غزيرة … يأبى الحياء لمثلها أن يسكبا
متصنع باسم الضعيف يريقها … وهو الذي ترك الضعيف معذبا
ما كان أصدق نسكه لو أنه … رحم البريء ولم يحاب المذنبا
يهذي بذكر العدل في صلواته … أرأيت عدلا بالدماء مخضبا
رسل العروبة هل سألتم جرحها … ما باله استعصى وماذا أعقبا
جرح تقادم عهده وتفتحت … أفواهه تدعو الأساة الغيبا
أنتم أساة الجرح فاتذخوا له … من طب شيخ أساتكم ما جربا
وصف الدواء لكم وخلف علمه … فيكم فأين يريد منكم من أبى
يا قوم لستم بالضعاف فغامروا … وخذوا مطالبكم سراعا وثبا
أفما كفاكم قوة من دينكم … ما جمع الإيمان فيه وألبا
يا آل يعرب من يريني خالدا … يزجي الخميس ويستحث المقنبا
من شاء منكم فليكنه ولا يقل … ذهب القديم فإنه لن يذهبا
السر باق والزمان مجدد … والسيف ما فقد المضاء ولا نبا
ردوا المظالم عن محارم أمة … ردت ظنون ذوي الجهالة خيبا
لم يعط أوطان العروبة حقها … من كان يطمع أن تباع وتوهبا
كلمات: محمد العبدالله الفيصل
ألحان: طلال مداح