حيوا الهلال وحيوا أمة النيل – أحمد محرم
حيوا الهلال وحيوا أمة النيل … واستقبلوا العيد عيد العصر والجيل
يا أيها العام يزجي كل مرتقبٍ … من الرجاء ويدني كل مأمول
بشر بأصدق أنباء المنى أمماً … أنحى الزمان عليها بالأباطيل
طال الرجاء فعافت كل تسلية ٍ … من الأساة وملت كل تعليل
إكشف لنا من خفايا الغيب ما كتمت … حجب الحوادث من مرخًى ومسدول
إني أرى الأمر قد لاحت مخايله … في صادقٍ من عهود الله مسؤول
يمشي النبي به والآل هاتفة ٌ … والروح ما بين تكبير وتهليل
سارٍ من الوحي من ينكر جلالته … يكشف له الله عن روعات جبريل
من يمنع الأمر يقضي الله واقعه … ويدفع الحق من وحيٍ وتنزيل
يا داعي اليأس يرجو أن يروعنا … أنظر إلى الآي هل ريعت بتبديل
ماذا يريبك إذ تبغي بنا شططاً … من موعدٍ في ذمام الله مكفول
يا أيها العام أطلق من مواقفنا … في مصر كل أسير الساح مكبول
واسأل منابرها العليا أما رجفت … لما هوى الدهر بالغر البهاليل
كانوا المصاقع يهدي كل معتسفٍ … ما ينطقون ويشفي كل مخبول
إذا استهلوا بها ارتجت جوانبها … وارتجت الأرض ذات العرض والطول
لا يعرف الناس هل جاءوا ببينة ٍ … من رائع القول أم جاءوا بإنجيل
الأنبياء ورسل الله نعرفهم … أوفى الهداة وأولاهم بتفضيل
أوتوا اليقين فلم تخذل لهم هممٌ … لم تبق في الأرض جيشاً غير مخذول
تساقطت لهم التيجان من رهبٍ … عن المعاقد من واهٍ ومحلول
مراتب الفضل لم تقدر لذي خورٍ … ولم تتح لضعيف البأس إجفيل
والحق لولا الأنوف الشم ترفعه … علاه كل وضيع النفس مرذول
لولا العزائم لم تظفر بمنقبة ٍ … يدٌ ولم تغتبط نفسٌ بتبجيل
إن السيوف ليمضى كل ذي شطبٍ … في الروع منها وينبو كل مفلول
سن النبي لنا أيام هجرته … من صادق العزم شرعاً غير مجهول
مضى على الحق لم تعصف بهمته … ريح الضلال ولم يحفل بتهويل
غيظت قريش فهاجت كل منصلتٍ … ذي ساعدٍ يقطع الهندي مفتول
يبغون بالقتل مقداماً يصول على … دينٍ لهم في حمى الأصنام مقتول
لا يرهب الناس إن قلوا وإن كثروا … في مطلبٍ جللٍ لله أو سول
رام المدينة جم العزم يبعثه … قضاء أمرٍ لرب الناس مفعول
فاستعصم الغار واستعلت جوانبه … بعصمة الليث والأشبال والغيل
لما رأى غمرة الصديق كشفها … بمشرقٍ من بيان الله مصقول
فثابت النفس وارتد اليقين بها … وانجاب ما كان من ظن وتخييل
واسترسلت برسول الله همته … ترمي الصعاب وتلوي بالعراقيل
يزجي الضلال سراياه فيضربه … بصارمٍ في يمين الله مسلول
حتى علا الحق في الآفاق واطردت … بيض الشرائع تهدي كل ضليل
واستجمع الخير يمشي بعد مصرعه … على دمٍ من دعاة الشر مطلول
مدوا من الغي حبلاً رده بيدٍ … غالت قواه فأمسى غير موصول
رمى الملوك فلم تترك نوافذه … منهم لدى الكر شلواً غير مأكول
يهد عرشاً بعرشٍ طار قيصره … عنه ويقذف إكليلاً بإكليل
النفس تغلب إن صحت عزيمتها … فتك الجيوش وتدمير الأساطيل
ولن ينال مصون المجد طالبه … إلا بغالٍ من الأعلاق مبذول
ما أبعد النجع عمن لا مضاء له … وأضيع الأمر بين القال والقيل
الناس شعبان شعبٌ كله عملٌ … يبغي الحياة وشعبٌ كالتماثيل
يا حجة ً وقفت مصر تودعها … خذي مكانك خلف الدهر أو زولي
كم فادحٍ فيك لولا ما يؤيدنا … من قوة الله أضحى غير محمول
لم تتركي منزلاً آمناً ولم تدعي … لمدمن الخوف عيشاً غير مملول
ما تبصر العين من شيءٍ يلوح لها … إلا رأت عنده تمثال عزريل
إذا المنايا ارتمت حيرى أهاب لها … تهدار حادٍ على الآجال مدلول
ما أطلق الحتف إلا انساب في أجلٍ … مصفدٍ في يد الأقدار مغلول
نفسٌ تطير وأخرى لا قرار لها … إلا على عدة ٍ ترجى وتأميل
يدعو اللهيف لحقٍ لا مجير له … نائي الحماة إلى الديان موكول
لا يبصر الرشد في أمرٍ يدبره … ولا يفيء إلى رأيٍ ومعقول
عادٍ من الخطب لم تسكن روائعه … عن ذاهلٍ من بني مصرٍ ومشغول
لم ننس مصر ولم يخدع عزائمنا … ما حدثونا عن العنقاء والغول
سرنا على النهج نبغي خطة ً رشداً … تمحو الظنون وتنفي كل تأويل
لا مطلب المجد بدعاً في الشعوب ولا … ذو الحق في سعيه يوماً بمعذول
من علم القوم أن الحق يدفعه … زور الأقاويل أو سوء الأفاعيل
قالوا أقاطيع يغشى الذل جانبها … فاهتاجت الأسد تحمي عزة النيل
وأقبلت مصر يمشي أهلها زمراً … من حاشدين ومن شتى أبابيل
تهذي الرياحين من غضٍ ومن خضلٍ … مضمخٍ بدموع الغيد مطلول
لم تبق في خدرها بيضاء ناعمة ٌ … من العذارى ولا العوذ المطافيل
تلهب البأس إذ خفت عقائلها … بين الأساور منها والخلاخيل
ينشدن من رائعات الآي مطربة ً … يزدنها حسن ترديدٍ وترتيل
يهتفن مصر ومصر كل منجبة ٍ … ومنجبٍ من بنيها غير مفضول
وما الممالك إلا العاملون لها … من ناضلٍ في مراضيها ومنضول
من كان يحذر تنكيل الخطوب به … لا يبرح الدهر مفجوعاً بتنكيل
قالوا السلام فهز الكون صارخهم … عن منهلٍ بدم الأبطال معلول
واسترسلت ترفع النجوى وتنفثها … أيدي اليتامى وأفواه المراميل
وبشرونا بما سن الرئيس لنا … من شرعة ٍ ذات تبيانٍ وتفصيل
وغالطوا الدهر فيما حدثوه به … حتى انقضى بين تفويضٍ وتوكيل
لا يصعب الأمر يوهي الشعب جانبه … بمنكبيه ويرميه بتذليل
اليوم يعطف أحرار الشعوب على … وعدٍ لمصر بعيد العهد ممطول
لو قيل يوم يقوم الناس موعدنا … قالوا مساريع راعونا بتعجيل
الله يمنع ما شاءت عنايته … ألا يباح ويأبى كل مدخول
أنظر إلى البيت هل ضاعت محارمه … لما أغار عليه صاحب الفيل
رماه بالطير ملء الجو مسرعة ً … تهوي إليه وترميه بسجيل
إنا لعمر الألى ظنوا الظنون بنا … لا بالضعاف ولا القوم التنابيل
نسمو إلى الشرف الأعلى ويرفعنا … مجدٌ لنا لم نزده غير تأثيل
راسٍ على الدهر إن جاشت زلازله … تطوي الجبال وترميها بتحويل
نصون مصر ونحميها بما علمت … من الدروع الغوالي والسرابيل
تلك القلوب التي ترعى ودائعها … من كل صبٍ بها حران متبول
يرتد أمضى الظبي عنها وإن عبثت … بها الهموم فأمست كالغرابيل
لم يبرح الوجد يطغى في جوانبها … حتى رماها بداءٍ ذي عقابيل
يا مصر عامك عام الخير فارتقبي … فيه المنى وثقي منه بتنويل
الله خولك النعمى التي عظمت … هل يسلب الله نعمى بعد تخويل
ما أخلف الله من وعدٍ ولا كذبت … آمال شعبٍ بلطف الله مشمول