حسبوا العلا خفّاً وكنَّ ثقالا – مهيار الديلمي

حسبوا العلا خفّاً وكنَّ ثقالا … فتكلَّفوها ظالعين هزالا

جبناءُ شدُّوا الحزمَ لسنَ وثائقا … فيها ومدّوا البوعَ لسنَ طوالا

لم يعقدوا للرأي فيها حبوة ً … يوما ولا اقتسموا عليها فالا

فتطلّعوا هجناءَ من أطرافها … فخرَ الشواحج تنسُبُ الأخوالا

وسعى النجيبُ مقدِّما بشياتها … عنقا وجسماً تحتها وجمالا

يقظان يستلب الكرى من عينه … أنفٌ حماه أن يرى الأمثالا

فخرا بني عبد الرحيم بأنكم … كنتم قبيلا للحسين وآلا

ما زال حتى أوطئت أعقابكم … قممَ العدا وعددتمُ أقيالا

فإذا توضَّح يومُ أمرٍ مشكل … يتوزَّع الأقوال والأعمالا

لقي الورى جبناءَ عن أقلامه … وسيوفهِ ولقيتموه رجالا

يلوى لنصركم المخاوفَ وحده … صلبَ الحصاة ِ ويركب الأهوالا

ما خُيِّرت بين اثنتين ركابه … إلا تخيّر منهما التَّرحالا

لا يمنع البطلَ المشهّر نفسه … حتى يهبَّ فيقنصَ الأبطالا

والأُسدُ لم تظفرَ بحاجِ أكفّها … حتى تجوبَ وتهجرَ الأغيالا

كم يوم بينٍ قد حمدنا آجلا … منه ونحن نذمّه استعجالا

نجني الإياب الحلو من شجراته … ثمرا ونسكن آمنين ظلالا

كاليوم ردَّ كرى ً وشدّ سواعدا … وأعاش أفئدة ً وراش نبالا

طلعتْ سعودُك صارفاتٍ شمسه … عنا ببدرٍ غاب أمسِ هلالا

وسط السماء وعاد غاية َ تمِّهِ … فأضاء لا كلفا ولا ميّالا

دلّ الملوكَ عليك كونُك رشدة ً … لهمُ وكون العالمين ضلالا

قد جرّبوا فرأوك أثقبَ منهمُ … زندا وأرجحَ فيهمُ مثقالا

وإذا همُ وجدوا السيوفَ قصيرة ً … في موطنٍ وجدوا خطاكِ طوالا

وسقيمة الأعضاء وكِّلَ طبُّها … بك مذ تفاقم داؤها إعضالا

ناطوا بها وقد التوت منشورة ً … من حسن رأيك ساعدا وقبالا

وقليلة الخُطَّاب عند نشوزها … إن تستطيع لها الرجالُ بعالا

لا يطمع الكفءُ الشريفُ بسعيه … فيها ولو ساق المهورَ وغالى

ما أبصرت جيبا يجاب لها ولا … ذيلا على غير الملوك مذالا

أعطيتَ عذرتها فكنت أباً لها … عفت الحرام وقد أخذت حلالا

أشعرتَ منها منكبيك خميلة ً … ما ضرّها حبسُ السماء بلالا

وسم الصوانعُ صدرها ومتونها … وسمَ الطوابع رقّة ً وصقالا

لا تثبت العينان فيها لحظة ً … إلا اختطاف الشمس تنصف آلا

ما إن ملأتَ بها النواظر شارة ً … حتى ملأت بها القلوب جلالا

مستبطنا من تحتها شفّافة ً … جسماً يُخال من النحولِ خلالا

وملوثة ما جرِّبتْ من قبلها … خرقُ العمائم تعصبُ الأجبالا

أخذتْ من التاج النّضارَ وزادها … فخراً عليه لينُها وجمالا

جلَّت بأن لويت عليك وأنّها … من دقّة ٍ حقٌّ يُظنُّ محالا

ومقابل الأبوين ينسُج عرقه … عمّاً إلى متن الوجيه وخالا

مما يفدَّى بالبنين وتُصطفى … أزرُ البناتِ براقعاً وجلالا

ويحلّ بيعُ العرس وهو محرم … يعتدُّ في الفقر المبرِّح مالا

فتق الغزالة غرّة ً في وجهه … وجرى الطرادُ به فكان غزالا

وضفا على مجرى العنان بعنقه … قنوانِ قد ثقلا عليه فمالا

ووراءه ذيلُ العروس حمى إذا ال … أذناب أسلم بعضُها الأكفالا

يدجو فينظر من سراجى راهب … فتلت شفارهما فكنّ ذبالا

كالطود أتلعَ هاديا ورديفه … حتى إذا اشتدّ انطوى فانهالا

يسم الصخورَ فليس يبرحُ مطلعاً … في كل واضحة أصاب هلالا

يزهى بحقٍّ إن زهى متعطلا … عريانَ يجلو نفسه واختالا

فتراه كيف نظرته متحلّيا … غرر الكواكب جامعاً رئبالا

سلب الثريا خدّه وعذاره … وتوشّح الشِّعرى وشاحا جالا

وكأنما الجوزاء تردُف سرجه … وتطول رسغيه إذا ما طالا

أركبتَه وجنبتَ آخر مثله … سهمى مصيب قارباك منالا

أعطاهما عن نيّة من صدره … لا مكرهاً أعطى ولا مغتالا

والأبيضَ الماضي وأختَ الدرع مح … مولين وابنَ الأسمر العسالا

هذا تصيب إذا ركبت به وذا … وزرٌ يقيك إذا أردت نزالا

نعمٌ عوارفُ أين منك محلّها … ويقعن عند معاشر جُهّالا

كانت تميل إليك عوج رقابها … فالآن قمن سويّة ً أعدالا

متحدّثات أنهنّ لقائحٌ … ينتجن أضعافاً لهاأمثالا

جرى الأتيِّ توسّم الوادي به … خيطا فخيطاً ثم مدّ فسالا

حتى ثنيت بحيث طوَّلَ باعه … حبلَ الرجاء ووسَّع الآمالا

حسد الحسودُ فما عدا أنيابه … نكتا عليك وقلبه بلبالا

أسهرته ورقدت عن أشغاله … بعضُ الفراغ يكثِّر الأشغالا

أبلغْ بحظّك قدرَ حقّك تقسم ال … أرزاق بين الناس والآجالا

وامدد يمينك لي أقبِّلْ ظهرها … فلعلّها تعدينيَ الإقبالا

أنا من سمعتَ له وتسمع آنفا … غررا رشاقا في الكلام جزالا

عبقت بها أعراضكم منشورة ً … عبقَ الخزامى باكرته شمالا

ما اجتزن بالآذان كنَّ مفاتحا … وعلى قلوب عداكمُ أقفالا

تقتصّ وهي مقيمة ٌ أخباركم … وتسير ترسل فيكم الأمثالا

تلهى الحليمَ فتستقلُّ وقاره … وتجرُّ حبلَ عرامه البطَّالا

ما فقتُ فيها الناسَ فضلَ إصابة ٍ … ما شئت حتى فقتمُ أفضالا

ساقيتني عنها الجزاءَ مودّة ً … بيضاءَ صافية ً وزدتَ نوالا

فحلفتُ لا أبصرت مثلي قائلا … أبدا ومثلك فاعلاً ما قالا

لا كالمخادع بشرُهُ عن لؤمه … إن سرّ قولٌ منها ساء فعالا

ضحكٌ كنار أبى الحباحب خدعة … لا جذوة ً تعطى ولا إشعالا

أوفى بنارٍ أعجبته وما درى … جهلا أيوقد مندلا أم ضالا

يُعطى على الغرض الخبيث وبخله … عند الحقوق ويعذل البخَّالا

داجانيَ الكلمَ العذابَ وكدَّني … وعدا تحنظلَ طعمه ومطالا

وأرادني أن يستدرَّ شفاعة ً … رزقي وآخذَ ما لديه سؤالا

هيهات إعدتني إذن أخلاقه … سفها وكنتُ على الرجال عيالا

ولقد نصحتُ له لو أنّ مكلفاً … بالعجب أرعى سمعه العذّالا

قلت انتهز بصنيعة ٍ إمكانها … إنّ الزمانَ يحوّل الأحوالا

لو كان بقيَّ الشكر سرّ عطائه … فمضى وبقّى السوءة الأقوالا

جمح الغرورُ به فمتر برأسه … فكأنّه بالأمس ظلٌّ زالا

بكرتْ عليك وروَّحت بقصائدي … سحبُ الثناء مجدَّة ً إسبالا

تجري التهانئ ماءها وهواءها … عطرَ النسيم وبارداً سلسالا

ينبتن عرضكَ زهرة ً موشيّة ً … تبقى وأرضك روضة ً محلالا

يمزجن إذ كارا بمدحٍ شاكرٍ … والماءُ يصلح مزجه الجريالا

زدني كما قد زدتُ يزددْ حسنها … إنَّ المكارم تبعث الأقوالا

حتى تفوتَ الناسَ جدّاً صاعداً … وأفوتُهم بندى يمينك حالا