حبستُ وأيّامُ الملوكِ كذاكا – مهيار الديلمي
حبستُ وأيّامُ الملوكِ كذاكا … تكونُ إساراً مرّة ً وفكاكا
ويحجبُ ظلُّ الأرضُ غرَّة َ شمسها … فتنزلُ خفضاً تارة ً وسكاكا
وليسَ يضرُّ النّجمَ مهوى غروبهِ … إذا عادَ في أفقِ السّماءِ سماكا
وما قصَّروا منْ خطو سعيكِ للعلا … وإنْ قصّروا بالقيدِ رحبَ خطاكا
ومنْ كانتْ الجوزاءُ بالأمسِ نعلهُ … يكونُ لهُ القيدُ الغداة ُ شراكا
ملكتُ زماناً جائراً فقسرتهُ … على العدلِ إذْ ولّيتهُ فأباكا
ومنْ جعجعً الأقدارَ عنْ طرق كيدهِ … عطفنَ عليهِ فاستثرنَ وشاكا
حملتَ الّذي أعيا الرجالَ وغيرهمْ … فخافوا على ضعف الرقابِ قواكا
ونفّرَ ذؤبانَ الغضا ريحُ ضيغمَ … تطيحُ عليهِ نوشة ً وعراكا
فدّبوا فسدّوا غابه وهو خادرٌ … فضاقَ عليهِ نهضة ً وحراكا
وقدْ غرّهُ أنْ يعملَ الحزمَ سابقاً … على الكيدِ أنْ ليسَ الذئابُ هناكا
مشى حافياً فوقَ القتادة ِ حاقراً … لما شامَ منها أخمصيهْ وشاكا
فإنْ فصدتْ أظفارهِ فلطالما … أراحَ بها ردعُ الدماءِ وصاكا
ولاحتْ بهِ للوثبِ نفساً حميّة ً … تردُّ الرقابَ المصمياتَ ركاكا
فقلْ للعدا لا تمضغوها تحليّاً … وإنْ هي طابتْ ذوقة ً وملاكا
ولا تلمسوا بعدَ التّجاربِ حدّها … فإنَّ بني عبدِ الرّحيمِ أولاكا
همْ اليزنيّاتُ الّتي إنْ أغبَّكمْ … بها زاعرٌ منّي فكرَّ دراكا
فلا تستقلّوا مغمدا منْ سيوفهمْ … وقدْ حزَّ في أعناقكمْ فأحاكا
ولا تحسبوا استهلاككمْ خزنَ مالهمْ … يجرُّ على غيرِ النّفوسِ هلاكا
فإنَّ الجيادَ الطيّباتَ عروقها … تكونُ هزالاً مرّة ً وتماكا
ألا يا بشيرَ الخيرِ قلْغير متّقٍ … متى نلتَ منْ رؤيا الوزيرِ مناكا
وأمكنكَ الحرَّاسُ منْ بسطِ قولة ٍ … تبوحُ بها جهراً وتفتحُ فاكا
توكَّلْ على منْ غمّها في سفارها … فكمْ كنتَ في أمثالها فكفاكا
وإنْ هذا طمّتْ على إخواتها … فوكّلْ بها الصّبرَ الجميلَ أخاكا
ولا تحسبنَّ الشرَّ ضربة َ لازبٍ … وإنْ طالَ في هذا المطالِ مداكا
فقدْ يخطئُ الجلدُ المصيبُ بغدرة ٍ … وكمْ وألتْ منْ عثرة ٍ قدماكا
ستخلصُ منْ أدناسها نازعاً لها … ولمْ يتعلّقْ عارها برداكا
كأنّكَ بالإقبالِ قدْ هبَّ ثائراً … فناشكَ فيها ثمَّ ردّكَ ذاكا
وقد زادكَ التخميرُ عبقاً وضوعة ً … ونشراً كأنَّ الحبسَ كانَ مداكا
وسلِّمْ سهمُ الانتقامِ مفوّقاً … إليكَ لترمي منْ بغى فرماكا
فودَّ إذاً لو شقَّ عنهُ إهابهُ … وما شقَّ بالغدرِ المصرِّ عصاكا
فعاذرُ ركنُ الدينِ في الحفظِ أنّهُ … جناهُ عليكَ ماعليهِ جناكا
فما زالَ معْ إلماعهِ لكَ بالأذى … إذا أقرضَ الإنغامَ منكَ قضاكا
يزيدكَ علماً بالرجالِ وفطنة ً … ويكرهُ قوماً بغضة ً وفراكا
ويعلمْ أنْ ما زلتُ في كلِّ حالة ٍ … سناداً لهُ في ملكهِ وملاكا
وتمشي بكمْ وخداً وجمزاً أمورهُ … وتمشي بأقوامٍ سواكَ سواكا
فعطفاً على المألوفِ منْ برِّ عهدهِ … وإنْ هو في هذا المقامِ جفاكا
وسمعاً وإنْ لمْ تستمعْ لعيافتي … وزجري وإنْ لمْ تصغِ لي أذناكا
وحاشاكَ أنْ تخلو منْ اسمكَ مدحة ٌ … ويقفرَ منْ وفدِ الثناءِ ذراكا
وأنْ لا أرى في الصدرِ وجهكَ طالعاً … وعينِ القوافي والرَّجاءِ تراكا
وحاشاكَ منْ يومٍ جديدٍ وموقفٍ … أقومُ إليهِ منشداً لسواكا