ثملتُ بشدوِكَ يا بُلبُلُ – الياس أبو شبكة
ثملتُ بشدوِكَ يا بُلبُلُ … وَكَيف بشدوكَ لا أَثملُ
أَعدتَ إِلى القَلبِ ذكرى الجَمالِ … فَأَنتَ بِتِذكارِهِ أَجمَلُ
نَقَلتَ إِلى مَسمَعي صَوتَ حُبّي … نَعمتَ وَنِعمَ الَّذي تنقلُ
كَأَنَّكَ أُرسَلتَ تَلعبُ دَوراً … جَميلاً بِقَلبيَ يا مُرسَلُ
تَنقَّل تَنَقَّل عَلى الغُصنِ وَاِرفَل … فَشدوُكَ في مُهجَتي يرفَلُ
فَعَمّا قَريبٍ ستارُ حَياتي … عَلى كُلِّ ما مَرَّ بي يُسدَلُ
وَلكِن غَداً حينَ أُمسي رفاتاً … وَيَحجبُني قَبرِيَ المُقفَلُ
تَعالَ فَتَلفي فُؤاديَ حَيّاً … كَزَهرَة توتنخَ لا يَذبلُ
تَعالَ وَأَنشِد قَليلاً فَإِنّي … عَلى رُغمِ ما حلَّ بي أَجزَلُ
فَصَوتُكَ شِعرٌ يَجولُ بِفِكريَ … موحى مِنَ اللَهِ أَو مُنزَلُ
تَعالَ تَجِد فَوقَ قَبرِيَ صَخراً … كَهَمّي الثَقيلِ الَّذي أَحملُ
وَصَفصافَةً تَنحَني تارَةً … وَطوراً تُلاعِبُها الشمألُ
وَبِالقُربِ من ذلِكَ القَبرِ وادٍ … رَهيبٌ تخلَّلَهُ جَدولُ
تمرُّ عَلَيهِ السُنونو عجالى … وَمن مرَّ كَالطَيرِ يُستَعجلُ
فَهذي الطُيورُ كَأَفراح قَلبي … تَطيرُ سِراعاً وَلا تَمهلُ
وَيخلفها الأَلَمُ المُستَزيدُ … فَيَفعَلُ في الصَدرِ ما يفعَلُ
تَعالَ غَداً حينَ أَمسي وَحيداً … وَزَرنيَ زَورَةَ مَن يَسأَلُ
وَأَسمَع فُؤاديَ لَحناً شجيّاً … فَيَحيا بِهِ حبُّهُ الأَوَّلُ