تُراك ترى غدوّاً أو أصيلا – مهيار الديلمي
تُراك ترى غدوّاً أو أصيلا … يعود ولم يُعدْ خطباً جليلا
وهل تلقى مقيلا من هموم … وجدن حشاك للبلوى مقيلا
بلى هي تلك تأكلني سميناً … أصابتني فتُمعنُ أو هزيلا
نواهض بعد لم أنهض بعبءٍ … وقد قرَّبن آخر لي ثقيلا
كموج البحر خطبٌ إثرَ خطبٍ … فليت الدهرَ روَّحني قليلا
إلام أصاحب الأيامَ جلداً … وجسمي ليسَ يصحبني نحولا
أعاركها ولي لا بدَّ منها … غداً قرنٌ يغادرني قتيلا
وما خطبٌ أجبتُ نداءَ حزني … له ودعوتُ يا دمعي نزولا
كصبح حين صبَّح أمسِ عيني … أراني كيف أغتبقُ العويلا
ومفجوعين من أبناء سعد … فروع علاً يبكُّون الأصولا
رضوا بالصمت من حزنٍ خشوعاً … وقد وجدوا إلى القول السبيلا
وما استغفرتمُ إلاّ لشخصٍ … أعدّ ليومه الذخر الجزيلا
وحاكت أمّكم للحشر ثوباً … عريضاً من نزاهتها طويلا
ستلبسه غداً ويطول عنها … فتُلحقكم شفاعتُها الفضولا
سقى يا قبر ساقيتيْ دموعي … وما عطشاً سألتُ لك السيولا
محلّتك المنسيتي شبابي … ومنزلك المذكّرني الرحيلا
سحابٌ يُنبت الحصباءَ خصباً … ويؤهلُ صوبهُ الرَّبعَ المحيلا
ولا برح النسيم ثراك حتى … يجرّرَ فوقه الروضُ الذيولا
لقد أنطقتَ خرساءَ النواعي … وعلَّمت المؤبِّن أن يقولا
وقالوا ما يمسُّك من مصابٍ … عداك الأهلَ والأبَ والقبيلا
فقلت وهل جناني منه خالٍ … إذا ما ناب تربا أو خليلا
أبا الغاراتِ إن الصبر حصنٌ … من التسليم عيبُك أن يميلا
قبيحٌ والفضائلُ عنك تُروى … يبَصَّر مثلُك الصبرَ الجميلا
وما شمسُ النهار وأنت بدرٌ … بمزعجة ٍ إذا عزمت أفولا
أعرها كلّما صعُبتْ عزاءً … يريك وعورَ مسلكها سهولا
وصن بالصبر قلبك وهو سيفٌ … قراعُ الهمّ يملؤه فلولا
إذا رضى الحجورَ الموتُ قسما … فمشكور بما ترك الفحولا