تمدُّ بالآذانِ والمناخرِ – مهيار الديلمي
تمدُّ بالآذانِ والمناخرِ … لحاجرٍ ومنْ لها بحاجرِ
تغرُّها منهُ أحاديثُ الصِّبا … ولا معاتٌ في السَّحابِ الباكرِ
وأعينٌ موكَّلاتٌ بالحمى … منْ مستقيمِ اللَّحظِ أوْ مخازرِ
تودُّ لو أنَّ ثراهُ عوضٌ … منْ دمعها يستافُ بالمحاجرِ
أرضٌ بها السَّابغُ منْ ربيعها … وشوقها المكنونُ في الضَّمائرِ
مشاربٌ تخرُّ تحتَ سوقها … وعشبٌ يضفو على المشافرِ
وحيثُ دبَّتْ وربتْ فصالها … وبركتْ تفحصُ بالكراكرِ
وأمنتْ ساربة ً سروحها … شلَّة َ كلِّ مطاردٍ مغاورِ
تمنعها سيوفُ بكرٍ أنْ ترى … بؤساً وتحميها رياحُ عامرِ
فهل لها وهلْ لمنْ تحملهُ … منْ عائفٍ بحاجرٍ أوْ زاجرِ
سارتْ يمينا والغرامُ شأمَّة ٌ … ياسرْ بها يابنَ رواحٍ ياسرِ
فإنَّها منْ حبِّها نجداً ترى … بكثبِ الغورِ شفارَ الجازرِ
وبالحمى أفئدة ٌ منْ شجوها … خالية ٌ سالمة ُ الضَّمائرِ
وأعينٌ تحسبها قريرة ً … نائمة ً عنْ أعينٍ سواهرِ
يرمينَ كلَّ ساهرٍ بمزعجٍ … وكلَّ مجبورِ الحشا بكاسرِ
كفَّلهنَّ السُّقمُ بقلوبنا … فكلُّ قلبٍ في ضمانِ ناظرِ
ياليتَ شعري والمنى تعلَّة ٌ … هلْ بمنى ً لعهدنا منْ ذاكرِ
أمْ هلْ على بعدِ النَّوى إلى التي … لها الهوى منْ راكبٍ مخاطرِ
لعلَّهُ يحملْ منْ سلامنا … نخبة َ زادِ الرجلِ المسافرِ
ألوكة ً خفَّتْ ومنْ ورائها … بلابلٌ تعقرُ بالأباعرِ
إذا رأيتَ الشَّمسَ في أترابها … فاحبسْ وقلْ عنِّي غير صاغرِ
اللهُ يا ذاتَ اللمى في أدمعٍ … قوائرٍ وأدمعٍ فواترِ
وفي عهودٍ كتبها مبلولة ٌ … وهي لديكَ في النَّسيِّ الدَّاثرِ
فإنَّ منْ دينكمْ في يعربٍ … أنْ تأنفوا منْ الذَّمامِ الفاجرِ
وفي الضُّيوفِ الغرباءِ عندكمْ … قلبٌ يضامُ مالهُ منْ ناصرِ
فقرِّبوا صحبتهُ واحتفظوا … فيهِ بحقِّ البائعِ المهاجرِ
إمّا قرى النَّادي الكريمِ أو فر … دُّوهُ على أربابهِ بالخاطرِ
أكلَّ كفٍّ ظفرتْ لئيمة ٌ … وكلُّ عقدٍ في بنانِ غادرُ
منْ لكَ بالنّاسِ ولا ناسُ همُ … إلاّ كلامُ المحرجِ المكاشرِ
نفسكَ صنْ ليسَ أخوكَ غيرها … فقاللِ النّاسَ ولا تكاثرْ
واعلمْ بأنَّ عزَّها قنوعها … برزقها الميسورِ في المعاسرِ
وإنْ وصلتَ أو سألتَ فأخاً … صحَّ على التّجريبِ والمخابرِ
أخاً ترى لوجههِ قبلَ الجدا … أسرَّة ً تلقاكَ بالبشائرِ
مثلَ ابنُ أيُّوبٍ وأينَ مثلهُ … مثِّلَ للأشباهِ والنَّظائرِ
منْ طينة ِ المجدِ الّتي فروعها … تنبيكَ عنْ طهارة ِ العناصرِ
الطَّيِّبينَ أنفساً باقية ً … وأرمساً في ظلمِ الحفائرِ
يدلُّكَ المجدُ على الأوائلِ ال … ماضينِ منهمْ بعلا الأواخرِ
داسوا ثرى المجدِ القديمِ ومشوا … خطراً على خدِّ الزَّمانِ الغابرِ
وأنطقوا بالخرسِ منْ أقلامهمْ … ألسنة َ الدَّسوتِ والمنابرِ
كلَّ كريمٍ لاسمهِ في مجدها … مالأسانيدِ الحديثِ السَّائرِ
ولابنهُ منْ بعدهِ ما يرثُ ال … شُّبولُ في الغابِ عنِ القساورِ
شهادة ٌ صدَّقها محمَّدٌ … صدقَ الربى عنِ الغمامِ الماطرِ
قامَ فأدَّى ثمَّ مرَّ زائدا … تجاوزَ الذِّراعِ شبرَ الشَّابرِ
قضى لهُ قاضي السَّماحَ والنَّدى … يومَ تحورُ حجَّة ُ المفاخرِ
قضيَّة ٌ شقَّتْ على الهضبة ِ منْ … رضوى وأزرتْ بالفراتِ الزَّاخرِ
رأى الكمالَ حلَّة ً فاحتلَّها … وربعها مقوٍ بغيرِ عامرِ
ونهضَ الفضلُ لهُ في مزلقٍ … مسَّنمٍ يكسرُ بالعوابرِ
جرى ففاتَ والعلا منْ خلفهِ … تقولُ قاصرْ منْ خطاكَ قاصرِ
حتّى أرانا العجزُ في قولهمُ … طالبُ شأوِ المجدِ غيرُ ظافرِ
للهِ أنتَ منْ جمالٍ ظاهرٍ … وخلقٍ صافي الغديرِ طاهرِ
وعدَّة ٍ ليومٍ لا يغني أخا ال … حاجة ِ إلاَّ أنفس الذّخائرِ
عهدٌ كملمومِ الصّفاة ِ متعبٌ … جانبها لنْ يبتغى لفاطرِ
وخلَّة ٌ لا يهتدي لنقضها … على الزَّمانِ ناقضُ المرائرِ
أحرزَمنْ كنتَ وراءَ ظهرهِ … حصنا لهُ منْ جولة ِ الدَّوائرِ
يحسدكَ النَّاسُ وأيُّ عاجزٍ … لمْ تدوهِ شقاوة ٌ بقادرِ
وإنَّني معْ بغضِ كلِّ حاسدٍ … أقضي لحسَّادكِ بالمعاذرِ
يفديكِ كلُّ ساكتٍ مدامجٍ … بغلَّة ٍ وبائحٍ مظاهرِ
وشامتٍ إنْ رفعتْ لعينهِ … صيفية ٌ منَ السَّحابِ العابرِ
جهامة ٌ يفتحُ فاهُ نحوها … يحسبها جهلاً منَ المواطرِ
يسرّهُ العاجلُ منْ أظلالها … وهي غداً مهتوكة ُ السَّتائرِ
وربَّما عادتْ بذي حواصبٍ … عليهِ واجتاحتْ وذي صراصرِ
كمنْ جنى البغيُ على أمثالهِ … منْ غامطٍ نعماءَ كمْ وكافرِ
وأنتمُ في معزلٍ منْ شرِّها … وجانبٍ منَ النَّجاءِ وافرِ
عوائدٌ للهِ فيكمْ ضمنتْ … لمَّ الشَّتيتِوجبورِ الكاسرِ
كمْ مثلها قدْ غلطََ الدَّهرُ بها … ثمتَ لاذّ منكمُ بغافرِ
دجتْ ولكنْ أقشعتْ عنء أنفسٍ … سواكنِ وأعينٍ قرائرِ
وكمْ تعيَّفتُ لكمْ سفورها … منْ قبلِ أنْ يبرزَ وجهُ السَّافرِ
فلمْ تكذَّبْ فيكمُ زاجرتي … قطُّ ولا خُيِّبَ يمنُ طائري
فانتظروها ويدي رهنٌ بها … فربما كانتْ كرجعِ النَّاظرِ
بكَ استجابَ الدَّهرُ لي ودعوتي … تجولُ منُ حولَ سمعٍ واقرِ
وأبصرَ الحظُّ الطَّريقَ فاهتدى … إليَّ وهو أبلهُ البصائرِ
حصَّنتَ وجهي وحقنتَ ماءهُ … فليسَ مذْ حقنتهُ بقاطرِ
ولمْ تدعْ لي منذُ أولدتَ المنى … مشقَّة ً إلى لقاحِ العاقرِ
كمْ أربٍ كنتُ إليهِ سببي … فتلتهُ بمحصدِ المرائرِ
وخلَّة ٍ أعضلني شفاؤها … شفيتني منْ دائها المخامرِ
ملكتني ملكَ الوفاءِ بيدٍ … تطلبُ بعضي فتحوزُ سائري
فصارَ يرضيني بما ترضاهُ لي … منذُ عرفتُ نافعي منْ ضائري
فلا تخفْ فيكَ اللَّيالي جانبي … بقاصدِ السَّهمِ ولا بغائرِ
ولا يزلْ عزُّكَ لي ذخيرة ً … لأوَّلٍ منْ عيشتي وآخرِ
مالاحَ صبح بضحى أضاءَ لي … وشوّقَ الواردُ ريُّ الصَّادرِ
وحسرَ النيروزَ منْ قناعهِ … طلعتهُ على الرَّبيعِ النَّاضرِ
وزاركمْ يرفلُ في وشائعٍ … منْ حللِ الرَّوضِ وفي حبائرِ
بكلِّ عذراءَ لها في خدرها … صرامة ً ما للهصورِ الخادرِ
حاطمة ٍ تنحى على معاشرٍ … وتحفة ٍ تهدى إلى معاشرِ
إقذاعها على عداكمْ ولكمْ … منها يدُ الرَّاضي ولفظُ الشَّاكرِ
تطربُ للحادي إذا غنَّى بها … فيكمْ وتستقصرُ ليلَ السَّامرِ
كأنَّهمْ لمْ يسمعوا منْ قبلكمْ … في ماجدٍ مقالة ً منْ شاعرِ