تأَمَّلتُ الورى جِيلاً فجيلا – الأبيوردي

تأَمَّلتُ الورى جِيلاً فجيلا … فَكانَ كَثيرُهُمْ عِندي قَليلا

لَهُمْ صُوَرٌ تَروقُ ولا حُلومٌ … وَأَجْسامٌ تَروعُ ولا عُقولا

وَأُبْصِرُ خامِلاً يَجْفو نَبيهاً … وَأَسْمَعُ عالِماً يَشْكو جَهولا

إذا ما شِئْتَ أَنْ يَلقاكَ فيهم … عَدُوٌّ فاتَّخِذْ مِنْهُمْ خَليلا

وَإنْ تُؤْثِرْ دُنْوَّهُمُ تُمارِسْ … أّذى ً تَجِدُ العَناءَ بِهِ طَويلا

وَإنْ ناوَلَهُمْ أَطرافَ حَبلٍ … وَهي فاهجُرهُمُ هَجراً جَميلا

وَلِنْ لَهُمُ وَخادِعْهُمْ أَوِ اشْدُدْ … عَلى صَفَحاتِهِمْ وَطْئاً ثَقيلا

فَإمّا أَنْ تغالِبُهم عَزيزاً … وَإمّا أنْ تُدارِيَهُمْ ذَليلا

وَمَن راقَتْهُ ضَجْعَتُهَ بِدارٍ … يُقِلُّ المَشرَفيُّ بِها صَليلا

فَلَسْتُ مِنَ الهَوانِ وَلَيْسَ مِنّي … فَأَلْبَسَهُ وَأَدَّرِعَ الخُمولا

إذا الأَمَوِيُّ قَرَّبَ أَعْوَجِيّاً … وَضَاجَعَ هُنْدُوانِيّاً صَقيلا

فَذَرْهُ وَالمِصاعَ، فسوفَ تُؤتَى … بهِ مَلِكاً مهيباً أو قَتيلا

وَطامِحَة ِ العُيونِ، على مَطاها … أُسودٌ يَتَّخِذْنَ السُّمْرَ غِيلا

أَظُنُّ مِراحَها راحاً، فَمِنْهُ … بِها ثَمَلٌ وما شَرِبَتْ شَمولا

وَأَزْجُرُ مِنْ نَزائِعِها رَعيلاً … إذا وَقَذَ الوَجى منها رَعيلا

وَأُورِدُها الوَغى وَالنَّقْعُ كابٍ … فَتَسْحَبُ مِنْ وشائِعِهِ ذُيولا

وَتَعْثُرُ بِالكُماة ِ الصِّيدِ صَرْعَى … فَتَنْفِرُ وَهْيَ تَحْسَبَهُمْ نَخيلا

بِحَيثُ النَّسرُ لا يُلْفِي لَدَيْهِمْ … سِوى الذِّئْبِ الأَزَلِّ لَهُ أَكيلا

وَتَخْطِرُ في نَجيعٍ غِبَّ طَعنٍ … وَجيعٍ يَسْلُبُ البَطَلَ الشَّليلا

كَأَنَّ الشَّمْسَ قد نَضَحَتْ جِيادي … بِذَوْبِ التِّبْرِ إذْ جَنَحَتْ أَصيلا

وَسَيْفي تَتَّقيه الهَامُ حَتّى … تُفارِقَ قَبْلَ سَلَّتِهِ المَقيلا

بِهِ بَعْدَ الإلهِ بَلَغْتُ شَأْواً … يُسارِقُهُ السُّها نَظَراً كَليلا

وَطَافَتْ بِالعُلا هِمَمي وعافَتْ … غِنى ً أَرْعى بِهِ كَلأً وَبيلا

فَلَمْ أَحْمَدْ لِعارِفَة ٍ جَواداً … ولم أَذْمُمْ على مَنعٍ بَخيلا

نَماني كُلُّ أَبْيَضَ عَبْشَمِيٍّ … تُعَدُّ النِّيِّراتُ لَهُ قَبيلا

فَآبائي مَعاقِلُهُمْ سُيوفٌ … بِها شَجُّوا الحُزونَة َ وَالسُّهولا

وَأَرضى اللهَ نَصْرُهُمُ لِدينٍ … بِهِ بُعِثَ ابنُ عَمِّهِمُ رَسولا

وَهُمْ غُرَرٌ أَضاءَتْ في نِزارٍ … وكانَ بَنوهُ بَعْدَهُمُ حُجولا

متى هَذَرَ القَبائلُ في فَخارٍ … بِأَلْسِنَة ٍ تَهُزُّ بِها نُصولا

فنحنُ نكونُ أَطْوَلَها فُروعاً … إذا نُسِبَتْ وَأَكْرَمَهَا أُصولا