بين قطرين – محمد مهدي الجواهري

سقى تُربَها من ريِّقِ المزن هطّالُ … دياراً بعثْنَ الوقَ والشوقُ قتالُ

خليليَّ أشجَى ما ينغِّص لذتي … مَناحٌ أقامته عيالٌ وأطفال

وأيد وأجيادٌ تُمَدّ وتلتوي … ومنهن حال بالدموع ومعطال

خليليَّ لو لم يَنطق الوجدُ لم أقل … فقد كذَّبت قبلي لذي الحبّ أقوال

وحيداً فلو رُمتم على الوجد شاهداً … لما شَهِدت الا بُكورٌ وآصال

وما برِحت أيدي الخطوب تنوشُني … بفارسَ حتى بغَّضَ الحلَّ ترحال

وما سرني في البُعد حال تحسَّنَتْ ، … بلاديَ أشهى لي وان ساءتِ الحال

فمن شاقه بَردُ النعيم بفارسٍ … فاني إلى حَرِّ العراقين ميّال

أُحب حصاها وهو جمر مؤجَّج … وأهوى ثراها وهو شَوكٌ وأدغال

واني على أنَّ البلادَ جميلةٌ … تروق كما ازدادت من الدلِّ مِكسال

منعَّمة أما هواها فطيّب … نسيم وأما الماءُ فيها فسَلسال

يسيل على أجبالها وهو لجّةٌ … ويجري على حَصبائها وهو أوشال

تحيط به خُضرُ الرياض أنيقةً … كما رُقِمت فوق الصحائف أشكال

أحنُّ إلى أرض العراق ويعتلي … فؤادي خُفوقٌ مثلَما يَخفُق الآل

وما الهول غِشيانَ الدروبِ وضيقُها … عراكُ الهوى والوجدُ والذكرُ أهوال

خليليَّ أدنى للبيب رُقيُّهُ … إلى النجم من أن يَسلَم العزُ والمال

ألا مُبلغٌ عني ” المعرِّيَ ” أحمداً … ليسمَعَه والشعر كالريح جوّال

بأني وإيّاه قرينا مصائبٍ … وان فَّرقت بين الشعورينِ أحوال

واني وإياه كما قال شعره : … ” مغاني اللوي من شخصكَ اليوم أطلال “

” تمنيت أن الخمر حلَّت لنشوة … تُجَهِّلُني كيف استقرَّت بيَ الحال “

احباي بين الرافدين تيقَّنوا … بأني وان أُبعِدتُ عنكم لسّآل

لئن راقكم ماءُ الفرات وظلِّلتْ … عليكم من الصَفصاف والنخل أظلال

فانيَ من دمعٍ عليكم أُذيله … شَروبٌ ومن سَوداءٍ قلبي أكّال

لقد كان هذا القلب في القُرب مضغةً … وها هو من بعد الأحبَّة أوصال

التعليقات 1
Atilah
18/11/2022 pm 07:17

Merci