بنت سورية – إيليا أبو ماضي

ليس يدري الهم غير المبتلي … طال جنح اللّيل أو لم يطل

ما لهذا النّجم مثلي في الثّرى … طائر النّوم شديد الوجل

أتراه يتّقي طارئة … أم به أني غريب المنزل؟

كلّما طالعت خطبا جللا … جاءني الدّهر بخطب جلل

أشتكى اللّيل ولو ودعتّه … بتّ من همّي بليل أليل

يا بنات الأفق ما للصّبّ من … مسعد في النّاس ؛ هل فيكنّ لي؟

لا عرفتنّ الرّزايا إنّها … شيّبت رأسي ولم أكتهل

سهدت سهدي الدّراري إنّما … شدّ ما بين المعنّى والخلي

ليت شعري ما الذي أعجبها … فهي لا تنفكّ ترنو من عل

أنا لا أغطبها خالدة … ولقد أحسدها لم تعقل

كلّما راجعت أحلام الصبى … قلت يا ليت الصبى لم يزل..

أيّها القلب الذي في أضلعي … إنّما اللّذّة جهلا فاجهل

تجمل((الرّقة)) في العضب فإن … كنت تهواها فكن كالمنصل

هي في الغيد الغواني قوة … وهي ضعف في الفؤادالرّجل

لا يغرّ الحسن ذا الحسن فقد … يصرع البلبل صوت البلبل

تقتل الشاة ولا ذنب لها … هي ، لولا ضعفها ، لم تقتل

إن نكن في الوحش كن الثّرى … أو تكن في الطّير كن كالأجدل

أو تكن في النّاس كن أفواهم … ليست العياء حظّ الوكّل

ما لقومي لا وهى حبلهم … قنعوا من دوهرهم بالوشل

أنا من أمرهم في شغل … وهم عن أمرهم في شغل

كلّما فكرت في حاضرنا … عافني اليأس عن المستقبل

نحن في الجهل عبيد للهوى … ومع العلم عبيد الدّول

نعشق الشّمس ونخشى حرّها … ما صعدنا وهي لما تنزل

قد مشى الغرب على هام السّهى … ومشينا في الحضيض الأفسل

سجّل العار علينا معشر … سجّلوا المرأة بين الهمل

فهي إمّا سلعة حاملة … سلعا أو آلة في معمل

أرسلوا تزرع الأرض خطا … وتباري كلّ بيت مثل

تتهاداها الموامي والرّبى … فهي كالدّينار بين الأنمل

لا تبالي القيظ يشوي حرّه … لا، ولا تحذر برد الشّمأل

ولها في كلّ باب وقفة … كأمرىء القيس حيال الطلل

تتّقي قول ((اغربي)) خشيتها … قوله القائل ((يا هذي ادخلي))

فهي كالعصفور وافى صاديا … فرأى الصيّاد عند المنهل

كامنا ، فانصاع يدنيه الظّما … ثمّ يقصيه اتّقاء الأجل

ولكم طافت به آملة … وانثنت تقطع خيط الأمل

ولكم مدّت إلى الرفد يدا … خلقت في مثلها للقبل

ما بها ؟ لا كان شرا ما بها … ما لها من أمرها في خبل؟

سائلوها أو سلوا عن حالها، … إن جهلتم، كلّ طفل محول

في سبيل المال أو عشّاقه … تكدح المرأة كدح الابل

ما تراها وهي لا حول لها … تحت عبء فادح كالجبل

شدّت الأمراس في ساعدها … من رأى الأمراس حول الجدول؟

جشّمةها كلّ أمر معضل … وهي لم تخلق لغير المنزل

فإذا فارقت الدّار ضحى … لم تعد إلاّ قبيل الطفل

ألفت ما عوّدوها مثلما … تألف الظّبية طعم الحنظل

بنت سوريّا التي أبكي بها … همّة اللّيث وروح الحمل

ما أطاعوا فيك أحكام النّهى … لا ولا قول الكتاب المنزل

قد أضاعوك وما ضيّعتهم … فإضاعوا كلّ أم مشبل