بلادي – إيليا أبو ماضي

تركت النّجم مثلك مستهاما … فإن تسه سها أو نمت ناما

بنفسك لوعة لو في الغوادي … لصارت كلّ ماطرة جهاما

وفيك صبابة لو في جماد … لأشبه دمعك الجاري انسجاما

هوى بك في العظام له دبيب … أشابك وهو لم يبرح غلاما

يظنّ اللّيل يحوي فيك شخا … وما يحوي الدّجى ألاّ عظاما

نفيت الغمض عن جفنيك يأتي … كأنّك واصل فيه الملاما

أتأرق ثمّ ترجو الطّيف يأتي … شكاك الطّيف لو ملك الكلاما

شجتك النّائحات بجنح ليل … فبت تساجل النّوح الحماما

لكدت تعلّم الطّير القوافي … وكدت تعلّم اللّيل الغراما

إذا ذكر الشّآم بكيت وجدا … وما تنفك تذّكر الشّآما

وكنت سلونه إلاّ قليلا … وكنت هجرته إلاّ لماما

رويدك أيّها اللاّحي رويدا … لك الويلات ليت سواك لاما

أأرقد والخطوب تطوف حولي … وأقعد بعدما الثقلان قاما

ويشقى موطني وأنام عنه … إذا من يدفع الخطر الجساما؟

بلادي لا عرا شرّ بلادي … ولا بلغ العدى منها مراما

لبست اللّيل إشفاقا عليها … وإن شاءت لبست لها القتاما

وقفت لها البراع أذبّ عنها … فإن يكهم وقفت لها الحساما

سقى قطر الشّآم القطر عني … وحيا أهله الصّيد الكراما

دوت صياحهم في كلّ صقع … فكادت تنشر الموتى الرماما

وتطبع في المحيّا الجهم بشرا … وتغلق في فم الشّكلى ابتساما

فحوّلت القنوط إلى رجاء … وصيّرت الونى فينا اعتزاما

غدونا كلّما ذكروا طربنا … كأن بنا المعتّقة المداما

ولم أر كالضّمير الحرّ فخرا … ولم أر كالضّمير العبد ذاما

إذا غاب الذّليل النّفس عني … نظرت إلى الذي حمل الوساما

إذا جاب الكلام علّي عارا … هجرت النّطق أحسبه حراما

وأجفوا القصر يلزمني هوانا … وأهوى العزّ يلزمني الحماما

رجال التّرك ما نبغي انتقاضا … لعمركم ولا نبغي انتقاما

ولكنّا نطالبكم بحقّ … ونكره من يريد لنا اهتضاما

حملنا نير ظلمكم قرونا … فأبلاها وأبلانا وداما

رعيتم أرضنا فتركتموها … إذا وقع الجراد رعى الرّغاما

فبات الذّئب يشكوكم عواء … وبات الظّبي يشكوكم بغاما

جريتم (بالهلال) إلى محاق … ولولا جهلكم بلغ التّماما

وكنتم كلّما زدنا ليانا … لنسير غوركم زدتم عراما

فما راقيتم فينا جوارا … ولا حفظت لنا يدكم ذماما

أثرتم بيننا الأحقاد حتّى … ليقتل بعضنا بعضا خصاما

وشاء اللّه كيدكم فبتنا … كمثل الماء والخمر التئاما

فجهلا تبعثون الرّسل فينا … نديف لنا مع الأري السّماما

سنرمقهم إذا طلعوا علينا … كأنّا نرمق الدّاء العقاما

فإنّ عرى سددناها وثاقا … نموت ولا نطيق لها انفصاما

خف التّركي يحلف بالمثاني … وخفه كلّما صلّى وصاما

ومن يستنزل الأتراك خيرا … كمن يستقبس الماء الضّراما

هم نزعوا لواء الملك منّا … ونازعنا طغامهم الطّعاما

وقالوا: نحن للإسلام سور … وإنّ بنا الخلاقة (والإماما)

فهل في دين أحمد أن يجوروا … وهل في دين أحمد أن نضاما؟

إلى كم يحصرون الحكم فيهم … وكم ذا يبتغون بنا احتكاما

ألسنا نحن أكثرهم رجالا … إذا عدوا وأرفعهم مقاما

إذا طلعت ذكاء فليس تخفى … ولو حاكوا الظّلام لها لثاما

مخوّفنا المثقّفة العوالي … لقد هدّدت بالجمر النّعاما

سنوقدها تعير الشّمس نارا … ويعيي أمرها الجيش اللّهاما

وعلم المرء أنّ الموت آت … يهون عنده الموت الزّؤاما

كلمات: تركى

ألحان: طارق محمد