بكرَ العارضُ تحدوه النُّعامى – مهيار الديلمي

بكرَ العارضُ تحدوه النُّعامى … فسقاكِ الرِّيَّ يا دارَ أماما

وتمشَّتْ فيكِ أرواحُ الصَّبا … يتأرَّجنَ بأنفاس الخزامى

وإذا مغنى ً خلا من زائرٍ … بعدما فارق أو زير لماما

فقضى حفظُ الهوى أن تصبحى … للمحبّين مناخا ومقاما

أجتدى المزنَ وما ذا أربى … أن تجودَ المزنُ أطلالاً رماما

وقليلا فيكِ أن أدعو لها … ما رآني الله أستجدي الغماما

أين سكانك لا أين همُ … أحجازا أقبلوها أم شاما

صدعوا بعد التئامٍ فغدت … بهم أيدي الموامي تترامى

وتبقَّوا كلّ حيرانَ بليدٍ … يسأل الجندل عنهم والرَّغاما

يا لواة َ الدَّين عن ميسرة ٍ … والضنيناتِ وما كنَّ لئاما

قد وقفنا قبلكم في ربعكم … فنقضناه استلاما والتزاما

سعدَ الراكبُ تحتثُّ به … جسرة ٌ تخلط وهدا وإكاما

تطأ العسفَ فتدمي خفَّها … جبهاتُ الأرض شجّاً ولطاما

تتنزَّى أنفاً في خلقها … أن تُطيع السوطَ أو ترضي الزِّماما

تطعمُ البيد إذا ما هجَّرتْ … شبعَ البيداء نقيا وسُلامى

ماؤها بسلٌ على أظمائها … أو ترى بالنَّعف هاتيك الخياما

وبجرعاء الحمى قلبي فعجْ … بالحمى فاقرأ على قلبي السلاما

وترجَّلْ فتحدَّثْ عجبا … أن قلبا سار عن جسمٍ أقاما

قلْ لجيران الغضا آهِ على … طيب عيش بالغضا لو كان داما

نصل العامَ وما ننساكمُ … وقصارى الوجد أن نسلخَ عاما

حمِّلوا ريحَ الصَّبا نشركمُ … قبلَ أن تحمل شيحا وثماما

وابعثوا أشباحكم لي في الكرى … إن أذنتم لجفوني أن تناما

وقفَ الظامي على أبوابكم … أفيقضى وهو لم يشفِ أواما

ما يبالي من سقيتنَّ اللَّمى … منعكنَّ الماءَ عذباً والمداما

واعجبوا من أن يرى الظَّلمَ حلالا … شارب وهو يرى الخمرَ حراما

أشتكيكم وإلى من أشتكي … أنت الداء فمن يشفى السَّقاما

أنتمُ والدهرُ سيفٌ وفمٌ … ما تملاّنِ ضرابا وخصاما

كلّما عاتبتُ في حظّيَ دهري … زاده العتبُلجاجا وعُراما

وإذا استرهفتُ خلاًّ فكأني … منه جرَّدتُ على عنقي حساما

لمتُ أيّامي على الغدرِ فقد … زادت الإجرامَ حتى لا ملاما

ولزمتُ الصمتَ لا أشكو وصمتي … بعدَ أن أفنيتُ في القول الكلاما

قعد الناسُ بنصري في حقوقٍ … قعدَ المجدُ يبكِّيها وقاما

دفعَ اللهُ وحامى عن رجالٍ … قد رعوني لم يضيعوا لي سواما

كفَّني جودهمُ أن أجتدي … وأبى عزّهمُ لي أن أضاما

طلعوا في جنح خلاَّتي نجوما … وانتحوا نحو مراميَّ سهاما

وأضاءت لي أمانيُّ بهم … عشيتْ في الناس تيها وظلاما

عرفوا بالجود حتى أصبحوا … من وضوحٍ في سواد الدهر شاما

لم أذمِّم حرمة ً سالفة ً … في معاليهم ولا عهدا قدامى

ما استفادوا كرما في ولكن … خلقوا من طينة ِ المجد كراما

من رجال لبسوا الملكَ جديدا … وافتلواناصية َ الدهر غلاما

روَّضوا العلياءَ حتى اقتعدوا … ظهرها الذّروة َمنه والسَّناما

وإذا الأيامُ غمَّت أقبلوها … غررا تقدح في الخطب وساما

ببني عبد الرحيم استحلبتْ … مزنُ الجود وقد كنَّ جهاما

أولدواأمَّ الندى فالتقحتْ … ببنيها بعدَ أن حالت عقاما

ورثوا أصلَ العلا فافترعوا … بنفوس ضمنتْ فيها التّماما

تركوا الناس قعودا للحبى … يشتكون العجز أفواجا قياما

فتحوا باب الندى واستشهدوا … بزعيم الدين إذ كان ختاما

جاء مأموما وقامت آية … فيه دلت أنه جاء إماما

سبق الناسَ قروما قروما قرّحا … جذعٌ ريضَ وما عضَّ اللجاما

وحوى السؤددَ من أطرافه … فكلا جنبيه أيمانا وساما

وانتهى في الفضل من حيث ابتدا … ما تثنَّى غصنه حتى استقاما

ورعى الدولة َ من تدبيره … يقظ العين إذا الذائدُ ناما

لو رأى الذئبُ قريبا سرحهُ … لعمي من فرقٍ أو لتعامى

حاطها سيفا ورأيا ولسانا … إن تداهى وتلاحى وترامى

وشفى أدواءها من معشرٍ … قبلُ طبوُّها فزادوها سقاما

فهو فيها وأخوه وأخوه … يذبلٌ ساندَرضوى وشماما

عزماتُ كالمقادير مضاءً … وقضايا كالأنابيب انتظاما

ويدٌ يرتعد السيفُ بها … وسماحٌ لقَّنَ الجودَ الغماما

وسجايا تشرب الصهباءَ منها … كلّما أرعشَ رأسا وعظاما

ومعالٍ كملتْ ما تبتغى … لك فيها زائدا إلا الدواما

شرفٌ كان عصاميّاً فلم … يرضَ عن كسبك أو صرتَ عصاما

أنتَ من جاثيتُ أيّامي به … وهي خصمٌ فتحامتني احتشاما

وتروَّحتُ من الثقل وقد … حفيتْ جنبايَ ضغطا وزحاما

كم يدٍ أرضعتني درَّتها … بعدَ أن قد كنتُ عوجلتُ الفطاما

أدركتْ حالي فكانت بالندى … في ضرام الفقر بردا وسلاما

كنتَ لي أمتنهم حبلَ ودادٍ … في الملمّاتِ وأوفاهم ذماما

فعلام ارتجعَ الإعراضُ منى … ذلك الإقبالَ والعطفَ علاما

وكمالنسيانُ والشافعُ لي … يخفرُ الذّكرة َ بي والإهتماما

وإذا سحبُك عني عبستْ … فمتى آملُ من أرضي ابتساما

والملالُ المرُّ لمْ فاجأني … من فتى ً كان بحبي مستهاما

ونعمْ أعذركم فالتمسوا … عذرة المجد إذا ما المجدُ لاما

وانظروا أيَّ جوابٍ للعلا … إن أتت تغضب لي أو تتحامى

فتمنَّوا فضلتي واغتنموا … ما وجدتم من بقاياي اغتناما

واستمدّوها نطافا حلوة ً … تنهلُ الإعراضَ غزرا وجهاما

تنفض الأرضَ بأوصافكمُ … طبقَ الأرض مسيرا ومقاما

لو أقيمت معجزاتي فيكمُ … قبلة ً صلَّى لها الشعرُ وصاما

أو زقا الأمواتُ يستحيونها … نشرت بالحسنِ رمَّاتٍ وهاما

فاسمعوها عوَّدا وابقوا لها … وزراً ما صرفَ الصبحُ الظلاما

واستماحت روضة ٌ ربعيّة ٌ … صبحة َ النيروز وطفا ورُكاما

وسعى الوفدُ يحلُّون الحبى … نحو جمع ويزفّون جماما

كلَّ يوم للتهاني عندكم … سوقُ ربح في سواكم لن تقاما