الوطن والشباب – محمد مهدي الجواهري
أتت زمراً فهدَّدت البلادا … خطوبٌ هزَّت الحجرَ الجمادا
فيا وطناً تناهبتِ الرزايا … حُشاشتَه وأقلقتِ المهادا
برغمي أنَّ داءك لاأقيه … وجرَحكَ لاأطيق له ضمادا
وأنْ يِردوا مياهَكَ صافياتٍ … مرقرقةً وأنْ أرِدَ الثمادا
وأن تصفو مواردُهم فتحلوا … لهمْ وبنوكً لا يَجِدونَ زادا
تدفقْ ماءَ دجلة فاخترقْها … سهولاً طبنَ مرعىً أو وهادا
وجلّلْها عميمَ النبت واخلعْ … عليها الحُسْنَ وافرُشْه وسادا
وقُلْ للزارع المسكين يزرعْ … ويتركه إذا بلغ الحصادا
أراد السوطُ أن نشقى ليهنوا … وماضٍ حكم “سوطٍ ” إنْ أرادا
وسيّدُ نفسه شعبٌ ولكنْ … قضى الفردُ المسلَّطُ أن يُسادا
ألا ساعٍ ولو بخيال طيفٍ … يبشّر أنَّ عصَ الظلم بادا
أخُلانَ العبادِ على استواءٍ … لِمن وعلى مَ اسلَمْتِ العِبادا
رأوا في الرافدين ثرىً خصيباً … يروقُ العين فانتشروا جرادا
سل النشءَ الجديدَ حماه ربي … أيقدِر أنْ يُبلّغنَا المرادا
أيقدر أن يُري التاريخ سعياً … متى نمرُرْ عليه نقلْ أجادا
وأن يسعى ليصلحها شعوباً … بنوها أوسعت فيها فسادا
فانَّ على الوجوه سماتِ خيرٍ … حساناً تكشف الكُرَبَ الشدادا
مدارسَنا احفظي الأولد إنا … وضعنا بين أضلعك الفؤادا
أريهم واجبَ الوطنِ المفدَّى … لكيما يُحسنوا عنه الجهادا
أريهمْ أننا بالعلم ننمو … كما ينمو الثرى سُقِي العهادا
أريهم أننا نبغي رجالاً … نسود بها الممالك لا سوادا
أشبَّانَ العراق لكم ندائي … ومثلُكُمُ جديرٌ أن يُنادى
ألستم إنْ نبا بالشعب خطبٌ … نضيناكمْ له قضباً حدادا
وحسب الشعبِ بالفكرِ اعتقاداً … وبعد الله بالنشء اعتضادا
لساني نافثٌ سماً وطبعي … يلطفُه فتحسبُه شِهادا
لئنْ غطى على كَبدي اديمٌ … فكم من جمرةٍ كُسِيَتْ رَمادا