المرأة والمرآة – إيليا أبو ماضي

أقامت لدى مرآتها تتأمّل … على غفلة مّمن يلوم ويعدل

وبين يديها كلّما ينبغي لمن … يصوّر أشباح الورى ويمثّل

من الغيد تقلي كلّ ذات ملاحة … كما بات يقلي صاحب المال مرمل

تغار إذا ما قيل تلك مليحة … يطيب بها للعاشقين التغزّل

فتحمرّ غيظا ثمّ تحمرّ غيرة … كأنّ بها حّمى تجيء وتقفل

وتضمر حقدا للمحدّث لو درى … به ذلك المسكين ما كاد يهزل

أثار عليه حقدها غير عامد … وحقد الغواني صارم لا يفلل

فلو وجدت يوما على الدّهر غادة … لأوشك من غلوائه يتحوّل

فتاة هي الطاووس عجبا وذيلها ، … ولم يك ذيلا ، شعرها المتهدّل

سعت لاحتكار الحسن فيها بأسره … وكم حاولت حسناء ما لا يؤمّل

وتجهل أنّ الحسن ليس بدائم … وإن هو إلاّ زهرة سوف تذبل

وأنّ حكيم القوم يأنف أن يرى … أسير طلاء بعد حين سينصل

وكلّ فتّى يرضى بوجه منمّق … من الناعمات البيض فهو مغفّل

إذا كان حسن الوجه يدعى فضيلة … فإنّ جمال النّفس أسمى وأفضل

ولكنّما أسماء بالغيد تقتدي … وكلّ الغواني فعل أسماء تفعل

فلو أمنت سخط الرّجال وأيقنت … بسخط الغواني أوشكت تترّجل

قد اتخذت مرآتها مرشدا لها … إذا عنّ أمر أو تعرّض مشكل

وما ثمّ من أمر عويص وإنّما … ضعيف النّهى في وهمه السهل معضل

تكتّم عمّن يعقل الأمر سرّها … ولكنّها تفشيه ما ليس يعقل

فلو كانت المرآة تحفظ ظلّها … رأيت بعينيك الذي كنت تجهل

وزاد بها حبّ التبّرج أنّه … حبيبّ إلى فتيان ذا العصر أوّل

ألمّوا به حتى لقد أشبهوا الدّمى … فما فاتهم،واللّه ، إلا التكحّل

فتى العصر أضحى في تطّريه حجة … تقاتلنا فيها النساء فتقتل

إذا ابتذلت حسناء ثمّ عذلتها … تولّت وقالت كلّكم متبذّل