الشباب المر – محمد مهدي الجواهري

طوت الخطوبُ من الشباب صحيفةً … لم ألقَ منها ما يُعِز فراقها

ومسهدٍ راع الظلامَ بخاطر … لو كان بالجوزاء حَلّ نطاقها

ترنو له زُهرُ النجوم وإنها … لو انصفته لسَوّدتْ احداقها

أفدي الضُّلوع الخافقات يروعني … أن الرقاد مسكِّن خفاقها

وأنا الموآخذ في شظايا مهجة … حَمّلْت مالا تستطيع ، رقاقها

ضمنت لي العيش المهنأ لوعة … أَخذت على شُهْب السما آفاقها

يشتاق إن يردَ اللواذع منهلا … صبٌ ولولا لذةٌ ما اشتاقها

هزجٌ اذا ما الوُرق نُحن لانني … خالفت في حب الأسى أذواقها

كم نفثةٍ لي قَنَّعتْ وجه الدجى … هماً وأوحت للسُها إخفاقها

ومهونٍ وجدي عَدَتْهُ لواعجٌ … اخرسن ناطقَ عذله لو ذاقها

ما في يديْ هي مهجةٌ وهفا بها … داءٌ ألّح ، وَعبرةٌ وأراقها

يا مهبِطَ الرسل الدعاة إلى الهدى … عليا بنيك عن العلى ما عاقها

زحفت بمدرجة الخُطوب ففاتها … شأو المُجِدِّ من الشعوب وفاقها

لحقت فلسطينٌ بأندلسٍ اسىً … والشامُ ساوت مصرَها وعراقها

مهضومةٌ من ذا يرد حقوقها … وأسيرةٌ من ذا يفُك وَثاقها

يسمو القويُّ وذاك حكم لم يدع … حتى الغصونَ فشذَّبت أوراقها

نقضت مواثيقَ الشُّعوب ممالكٌ … باسم العدالة أبرمت إرهاقها

لم تُنْصفوا الأمم الضِعافَ ، ورَدَتُمُ … عذْب الحياة وأُرِدت غَسْاقها

ان الذي قسم الورى جعل الحبا … نصفاً وقسَّم بينهم أرزاقها

هُبي ليوثَ المشرقينِ وجددي … منها الحياة وقوِّمي أخلاقها

صبحٌ من الآمال أشرق إن يكنْ … حقاً فشمسكَ عاودت إشراقَها

أسمعت تَهْدار الأُسود مهاجة … تحمي العرينَ وهل رأيت وفاقها

تلك الشُّعوب المستكينة . من جلا … عنها القذى ؟ من حثَّها ؟ من ساقها ؟

ولقد علمت بان ذاك لغاية … تسمو بها إذ أكثرت إطراقها

لك في محاني ” الدردنيل ” معاصم … آلت تمد على رُباك رِواقها

حلَفت بمجد الشرق لا خانت له … عهداً، فأحكمَ حِلفُها ميثاقها