الحرب العظمى – إيليا أبو ماضي
لو استطيع كتبت بالنّيران … فلقد عييت بكم وعيّ بياني
ولكدت استحي القريض وأتّقي … أن يستريب يراعتي وجناني
أمسى يعاصيني لما جشّمته … فيكم وكنت وكان طوع بناني
يشكو إلّي وأشتكي إعراضكم … اللّه في عان يلوذ بعان
عاهدته أن لا أثير شجونه … أو يستير كوامن الأشجان
يا طالما استبكيته فبكى لكم … لولا الرّجاء بكيته وبكاني
كم ليلة أحيتها متململا … طرفي وطرف النّجم ملتقيان
تحنو على قلمي يميني والدّجى … حان على فتيات والفتيان
أجلو عرائسه لكم وأزفها … ما بين بكر كاعب وعوان
متألما فيكم وفي أبنائكم … وهم وأنتم نائمو الأحزان
ما غال نومي حبّ معسول اللّمى … ممنوعه، لكن هوى الأوطان
أنفقت أيّام الشّباب عليكم … في ذّمة المضي الشّباب الفاني
كم تسألوني أن أعيد زمانه … يا قوم ، مرّ زمانه وزماني
هان اليراع على البواتر والقنا … ما تصنع الأقلام بالمرّان
ليس الكلام بنافع أو تغتدي … حمر المضارب خلف كلّ لسان
والشّعب ليس بمدرك آماله … حتّى يسير على النّجيع القاني..
صلّ الحديد وشّمرت عن ساقها … وتنكّر الإخوان للإخوان
فالخيل غاضبة على أرسانها … والبيض غاضبة على الأجفان
والموت من قدّامهم وورائهم … والهول كلّ ثنيّة ومكان
بسطت جناحيها ومدّت ظلّها … فإذا جناحا السّلم مقصوصان
تغشى مواكبها ثلاث غياهب … من قسطل ودجنّة ودخان
ويردّ عنها كلّ خائض لّجة … سيلان: من ماء ومن نيران
أنّى التفتّ رأيت رأسا طائرا … أو مهجة مطعونة بسنان
يمشي الرّدى في إثر كلّ قذيفة … فكأنّما تقتاده بعنان
فالجوّ مّما من أرواحهم … لا تستبين نجومه عينان
والنّهر مّما سال من مهجاتهم … يجري على أرض من المرجان
والأرض حمراء الأديم كأنّها … خدّ الييّة أو خضيب بنان
كم من مبيح للضّيوف طعامه … أمسى طعام الأجدال الغرثان
ومقاتل ناش الكتيبة، ناشه … ظفر العقاب ومخلب السّرحان
ومخلّق بين المجرّة والسّها … صعد الحمام إليه في الطيران
ومشيّد وقف الزّمان حياله … متحيّرا بجماله الفتّان
أخنى على ذكر ((الخورنق)) ذكره … وسما على ((الحمراء)) و((الإيوان))
وقضى العصور النّاس في تشييده … أودت به مقذفة وثوان
ومدينة زهراء آمنة الحمى … هدمت منازلها على السّكان
خرست بلابلها الشّوادي في الضّحى … وعلا صياح البوم والغربان
وتعطلّت جنّانها وقصورها … ولقد تكون بغبطة وأمان
حرب أذلّ بها التّمدّن أهله … وجنى الشّيوخ بها على الشّبان
سحق القويّ بها الضّعيف وداسه … ومشى على أرض من الأبدان
بئس الوغى يجني الجنود حتوفهم … في ساحها والفجر للتيجان
ماأقبح الإنسان يقتل جاره … ويقول هذي سنّة العمران
بلي الزّمان وأنت مثلك قبله … يا شرعة قد سنّها الجدّان
فالقاتل الآلاف غاز فاتح … والقاتل الجاني أثيم جان
لا حقّ إلاّ تؤيّده الظّبى … ما دام حبّ الظّلم في الإنسان
لو خيّر الضّعفاء لاختاروا الرّدى … لكنّ عيش الأكثرين أماني
ما بال قومي نائمين عن العلى … ولقد تنبّه للعلى الثّقلان
تبّاع أحمد والمسيح ، هوادة … ما للعهد أن يتنكّر الأخوان
اللّه ربّ الشّرعتين وربّكم … فإلى متى الدّين تختصمان
مهما يكن من فارق فكلاكما … ينمى إلى قحطان أو غسّان
فخذوا بأسباب الوفاق وطهّروا … أكبادكم من لوثة الأضغان
في ما يحيق بارضكم ونفوسكم … شغل لمشتغل عن الأديان
نمتم وقد سهر الأعادي حولكم … وسكنتم والأرض في جيشان
لا رأي يجمعكم إذا اختلف القنا … وتلاقت الفرسان بالفرسان
لا رأية لكم يدافع دونها … مردالعوارض، والحتوف دواني
لا ذنب للأقدرا في إذلالكم … هذا جزاء الغافل المتواني
لو لم يعزّ الجهل بين ربوعكم … ما هان جمعكم على الحدثان
المرء ، قيمته المعارف والنّهى … ما نفع باصرة بلا إنسان
ما بالكم لا تغضبون لمجدكم … غضبات ملطوم الجبين مهان
أو لستم كالنّاس أهل حفائظ … أم أنتم لستم من الحيوان؟
أبناؤكم ، لهفي على أبنائكم … يلهو بهم أبناء جنكيز خان
النّازعون الملك من أيديكم … العابثون بكم وبالقرآن
أو كلّما طلعت عليهم أزمة … هاجوا ضغائنكم على الصّلبان
لا تخدعنّكم لسّياسة إنّها … شتّى الوجوه كثيرة الألوان
لو تعقلون عملتم لخلاصكم … من دولة القينات والخصيان
عارعلى نسل الملوك بني العلى … أن _ يستذلّهم بنو الرّعيان
ثوروا عليهم واطلبوا استقلالكم … ونشبّهوا بالصّرب واليونان
مذا يروع نفوسكم ، ما فيكم … وكلّ ولا التّرك غير جبان
وهبوهم الرّومان في غلوائهم … أفما غلبتم أمّة الرّومان
ما الموت ما أعيا النّطاسي ردّه … موت الذّليل وعيشه سيّان