اتمنَّى والمنى جهدُ المقلُّ – مهيار الديلمي

اتمنَّى والمنى جهدُ المقلُّ … وأقضِّي الدهر في ليت وهلْ

وأداوي كلفَ العيش إذا … أظلمتْ لي بطلاواتِ الأملْ

سلوة ٌ وهي الغرامُ بالمشتكى … وتعاليلُ أسى ً هنَّ العللْ

وهوى ً أهونُ ما يسمى الضنا … بمسيءٍ بالإساءاتِ مُدلّ

لا ترى أعجبَ منّى مشرفا … أسأل الركبانَ عمن لم يسلْ

أحسب الظبية َ لاحت غمرة ً … والثِّفالَ النِّضوَ بالقاع الطللْ

يا بنة السعديّ ما جورٌ لكم … ووفاءٌ عاد غدرا ونجلْ

أنزعتِ العربَ عن دينهمُ … أم تفرّدتِ بدينٍ منتحلْ

ليَ في كلّ قتيلٍ قائلٌ … ما ودى عنّي ومولى ً ما عقلْ

تعسلُ الأرماحُ من دونهمُ … وحماة ُ النحلِ من دون العسلْ

فمن المطلوبُ بيشاط دمٌ … ثأرهُ مقتسمٌ بين الحللْ

حال يا خنساء حولُ البين بي … أفترعين لعهدٍ لم يحلْ

قلتِ صبرا فهبيني فلقة ً … من أبانٍ قد أذابتني المقلْ

أين بالبطحاء ميثاقكمُ … ربّ آل واسمهُ فيكنَّ إلُّ

وسعى الواشي بجمع بيننا … لا مشت رجلُك يا ذاك الرجلُ

ظنَّه حبّا مريبا فوشى … فرأى وصلا كريما فعدْل

لا تخل شرّا وسلْ عن باطن … عفَّ عن قولك من يسمعْ يخلْ

لم يكن بعدك إلا نظرٌ … جرحَ القلبَ ولو دام قتلْ

سافرات بمنى ً لولا التقى … خمَّرتهنّ شفاهٌ بالقبلْ

كلّ بيضاء تمنَّى الكحلُ لو … أنه ما بين جفنيها الكحلْ

نصفها الأعلى نشاط كلُّه … والذي يدنو من الأرض كسلْ

لم تعنها هزَّة ٌ في قدّها … إنه من صفة الرمح الخطلْ

ما على دين الغواني حكما … يوم قاضيتُ إليه لو عدلْ

رشفت أنمله أن نصلتْ … وعذارى عيفَ لمّا أن نصلْ

قلن إذ أبصرنني أفٍّ له … ضلّ شيخا وتعاطيه الغزلْ

ولقد كنَّ متى استبطأنني … قمن يسألن أخونا ما فعلْ

فإذا ريحانة العمر الصِّبا … وسنوه وإذا الشيبُ الأجلْ

غالطوا وجدي وقالوا أكثرُ ال … عمرِ في الشيبِ فمن لي بالأقلْ

غفلاتٌ كنَّ حلما فانقضى … وشبابٌ كان ظلاًّ فانتقلْ

لو أراني الدهر ما أخّر لي … لتعلّقتُ بأيّامي الأولْ

يا لخالٍ من مكاني قلبه … بعد ودِّي كيف بالرأي أخلْ

ليت شعري عنّي اعتاض بمن … هل لعين فارقت رأسا بدلْ

إنّ جيدا سقطت من عقده … درّة ٌ مثلي حقيقٌ بالعطلْ

ولدخَّالين في الأمر معي … بوجوهٍ يتواصفن الدخلْ

حُرِموا الفضلَ فسدّوا ملقا … بفضولِ القولِ خلاَّتِ العملْ

كلّ ذي شدقين رحبين معي … وفؤاد ضيّق المسرى دغِلْ

قال حسنى ونوى سيّئة ً … ليتَ من لم ينوِ خيرا لم يقُلْ

ساط شهدا ليَ في حنظلة ٍ … لستَ حلوا إنما خمرُك خلْ

ناكروا حلمي فجاهلتهمُ … فإذا أحرج ذو الحلم جهلْ

ألمتْ من جلستي مستوطئا … فرُشَ الوحدة ِ والوحدة ُ ذلْ

إنما أفردني مطّرحا … قدرٌ مرَّ بقومي فنزلْ

أكلَ الدهرُ فأفنى معشري … ليته أشبع دهرا ما أكلْ

درجوا واستخلفوني واحدا … وإذا قلَّ عديدُ المرء قلْ

غرضا ما ليَ من سهمٍ سوى … كلِّ رامٍ ينتحيني من ثعلْ

تعجبُ الأحداثُ من حملي لها … وإذا أكره ذو العرِّ حملْ

كم ترى أعرك جنبي نافيا … حصياتِ الأرض عن جلدٍ نغلْ

غير نفسي همُّه شأنُ غدٍ … وحديثُ الأمس تكريرٌ يُملْ

أشكُ من يومك أو فاشكر له … ما مضى كان وما يأتي لعلْ

ببني عبد الرحيم انفسحت … طرق حاجاتي على ضيق السُّبلْ

تهتُ في الناس فولّيتهمُ … وجهَ آمالي فيمَّمت القبلْ

أنجبي يا أرضُ لي مثلهمُ … إخوة ً أو قلّديهم للهبلْ

أرتعونيوالأنابيبُ سفاً … وسقوني والقراراتُ وشلْ

عدلوا الودّ ففيهم نصفه … وإذا جادوا يزيدون فضلْ

كرماءٌ حيثما كشّفتهم … سادة ُ المكثر إخوانُ المقلْ

نقلوا السوددَ في أظهرهم … كلّ ظهرٍ مثلما طاب نسلْ

كابرا عن كابرٍ يبتدر ال … مجدَ منهمُ مقبلٌ بعد مولْ

كالأنابيب اتصالا كلّما … قلت تمّ الفضلُ فيهم وكملْ

أنبت الدهرُ غلاما منهمُ … عاقلَ الجود إذا قال فعلْ

ألمعيّاً لا يبالي عزّة ً … وهو طفلٌ أيّ عمريه اكتملْ

أدرجتْ في القمط منه راحة ٌ … موضعُ الأقلام منها للأسلْ

كلّما أصحرَ في عليائه … غار نفسا أن تصبّاه الظُّللْ

طبعتْ شمسُ الضحى في وجهه … سهمة ً لا تتلافاها الأصلْ

عقدتْ لي بأبي سعدهمُ … ذمّة ٌ غيرُ قواها ما يُحلْ

الفتى العطّاف ما ناب كفى … والحيا الوكاف ما صابَ هطلْ

والمحيّا وجههُ إن لعنتْ … أوجهٌ لم تتلثّمْ بالخجلْ

يملأ الصدرَ لسانا ويدا … ويصيب الرأيَ ريثا وعجلْ

عفَّ والسنُّ له معذرة ٌ … ورأي العجزَ فراغا فاشتغلْ

تبلغ العجمَ به مسعاته … فإذا استقربه الحقّ نزلْ

عازفُ الهمّ إذا عاشرتهُ … يقمحُ الشربة َ والماءُ عللْ

كلّما لزَّ إلى أقرانه … ظلعوا غيرَ عجافٍ واستقلْ

حسدوا فيه أباه خاب من … يحسُد الشمس على البدرِ وضلْ

إنها فارضوا لها أو فاغضبوا … أيكة ٌ تطعمُ مجدا وتُظلْ

هم وإن أنكرهم حاسدهم … بُرة ٌ يعرفها أنفُ الجملْ

ومنيع غابها مغلقة … طرقُ المكر إليها والحيلْ

كلّما أبرمَ بالرأي لها … مرسٌ أسحلَ من حيث فتلْ

سهر الحاوون في رقيتها … وهي صمّاء تعاصي بالعصلْ

يعجزُ الصارمُ عن تبليغها … ما تقولُ الكتب فيها والرسلْ

مدّ حتى نالها فارسهم … قلّما يذرعُ والرمح أشلْ

أدَّب البرُّ لها كم فآقتفى … كلُّهم جودَ أبيه وامتثلْ

إنما قلَّلَ من أموالكم … فرطُ ما تعطون والمعطي مقلْ

أنستْ بالعدم أيمانكمُ … وإذا سوّدك الصعبُ سهلْ

ضامني الدهر فجاورتكمُ … فإذا جاركمُ من لا يذلْ

مكرمٌ يحسب في أبياتكم … منكمُ في كلّ ما طاب وحلْ

يرد الماء فيسقى أوّلا … لم يسمْ ضربَ غريباتِ الإبلْ

إنَّ مرعى ً أنت فيه رائدي … لعميم البنتِ مأنوسُ المحلْ

رضتني بالحبّ فاقتدْ عنقا … طالما عزّت على ليِّ الطِّلولْ

ألهم الشعرُ بأني ناصحٌ … لك في المدح فصفَّى ونخلْ

حظوة في القول منّي قسمتْ … لك والشعرُ حظوظٌ ودولْ

كلّما عنّ ترنحتُ له … فيشكُّون أفكرٌ أم ثملْ

شاقني فيك فطرّبتُ به … مرحَ الطِّرفِ إذا حنَّ صهلْ

كلّ بيت ماثلٌ من دونكم … هضبة ً أو سائرٌ سيرَ المثلْ

هاجه جودك لي مبتدئا … ما رعى المجدَ كمعطٍ لم يسلْ

لك حبى حزته أكرمته … عن عقيم اليدِ مولودِ العللْ

فرقٍ من لا ضنينٍ بنَعم … وهي غرمٌ وإذا سيل سعلْ