إليها – محمد مهدي الجواهري

تَهَضَّمَني قَدُّكِ الأهيفُ … وألهَبَني حُسنُك المُترَفُ

وضايَقَني أنَّ ذاك المِشَّدَ … يضيقُ به خَصرُك المُرهَف

وقد جُنَّ وركُكِ من غَيظِه … سَمينٌ يُناهِضُه أعجَف

فداءً لعَينَيك كلُّ العيون … أخالَط جفنيهِما قَرْقفَ

كأنّي أرى القُبَلَ العابثاتِ … من بينِ مُوقَيهِما تَنْطِف

ورعشةَ أهدابِك المثقلاتِ … على فرْط ما حُمِّلَت تَحْلِف

كما الليلُ صَبَّ السَوادَ المُخيفَ … صَبَّ الهوى شعرُك الأغدَف

تَلَبَّدَ مِثلَ ظَليلِ الغمام … وراحتْ به غُمَمٌ تُكْشَف

أطار الغرورَ نثيرُ الجديلِ على … دَورة البَدر اذ يُعقفَ

وراحَ الحُلُي على المِعصمَين … بأعذبَ الحانِه يَعزِف

وأوشكَ هذا النسيجُ اللصيقُ … بنَهديك من فَرْحةٍ يهتِف

وكاد يُذيعُ حديث الجنانِ … واسرارَ كَوثَرِه المُطرّف

مُنى النفسِ إنَّ المنى تَرتَمى … على قَدَمَيكِ وتَستَعطِف

وطوعَ يَدَيك كما تَشْتَهين … حياةٌ تجَدَّدُ او تَتْلَف

مُنى النفسِ إنّ على وَجنَتيكِ … من رَغبةٍ ظُلَلاً تزحف

تَعالي نَصُنْ مقلةً يرتمي … بها شَرَرٌ وفماً يَرجِف

ونُطاقْ من الاسر رُوحاً … تجيشُ في قفصٍ من دمٍ ترسِف

تعالي أُذقْكِ فكلُّ الثمار … تَرفُّ ونوارُها يقطَف

صِراعٌ يطولُ فكمْ تهدفين إلى … الروح مني وكم أهدِف

إلى الجسم مِنكِ وكم تَعرِفين … أين المَحَزُّ وكم أعرِف

وما بينَ هذينِ يمشي الزمانُ … ويُفنى مُلوكاً ويستخلِف

أميلي بصدركِ نَبْعَ الحياةِ … وخلِّي فماً ظامئاً يُرشَف

وميطي الرِداء عن البُرعُمَينِ … يَفِضْ عَسلٌ منهما يَرعُف

ومُرِّي بكفي تَشُقُّ الطريقَ … لعاصفةٍ بهما تعصِف

أميلى فيَنبوعُ هذا الجمالِ … إلى أمَدٍ ثم يُستَنزَف

وهذا الشبابُ الطليقُ العنان … سيُكْبَحُ منه ويُستوقَف

أميلي فسيفُ غدٍ مُصلَتٌ … علينا وسمْعُ القَضا مُرهَف

عِدي ثُمَّ لا تُخلِفي فالحمام … صُنوك في العنفِ لا يُخلِف

خَبَرتُ العنيفَ من الطارئات … ما يَستميلُ وما يقصِف

وذُقتُ من الغِيد شرَّ السُموم … طعْماً يُميتُ ويُستَلْطَف

وخضتُ من الحُبِّ لُجِّيه … على مَتن جِنيَّة أُقذَف

فلا والهوى ما استَفزَّ الفؤادَ … الطفُ منكِ ولا أعنَف