إلامَ أرامي في المنى وأرادي – الشريف المرتضى

إلامَ أرامي في المنى وأرادي … وحشوُ صَلاحي في الزَّمانِ فَسَادي؟

و فجعي بما نالتْ يداي موكلٌ … فما سَرَّني أنّي بلغتُ مُرادي

فكم من مصيباتٍ إذا لم يُصبنَني … رواحاً وإمساءً فهنّ غوادِ

كأنّ جوادي يومَ يطلبني الردى … ولا ناصرٌ لي منه غيرُ جَوادِ

و لا وزرٌ منه بزرق أسنتي … ولا بِيضِ أسيافي وسُمرِ صِعادي

أفي كلّ يومٍ يقرع الموتُ مروتي … ويُضرمُ أحشائي بغيرِ زِنادِ؟

فيا أَسهماً يمضِينَ حَولَ جَوانبي … لرامي الرَّدَى أنَّى يُصِبْنَ فؤادي؟

فرُزْءٌ على رُزءٍ وفجعٌ يُبِيتُني … على حرَّ جمرٍ أو فراشِ قتادِ

و هل طمعي في العيش إلاَّ جهالة ٌ … وفي كفِّ رُوّادِ الحِمامِ قيادي؟

يُسارُ بنا في كلِّ يومٍ وليلة ٍ … إلى حفرٍ تطوى لنا بوهادِ

وما نافِعي في هذهِ الدَّار مرّة ً … بناءُ أهاضيبي ورفعُ عِمادي

فيا قربَ بين الفقر فيها من الغنى … وبين ازدراعي تارة ً وحَصادي

وما إنْ وفَى غيثُ الرَّدى في أصادقي … بأنْ عَلِقَتْ يُمناهُ لي بأعادِ

ومَن كانَ يُردي ذا حِذارٍ وفطنة ٍ … فماذا ملامُ المهملِ المتمادى ؟

سلْ الدهرَ عن سادات لخمٍ وحميرٍ … وأبناءِ نَهدٍ بعدَهُمْ ومُرادِ

وهل بقيتْ للعين والقلب بهجة ٌ … بهوجِ اللَّيالي في ديارِ إيادِ؟

و هل تركتْ أيدي الردى من مخبرٍ … لآلِ نزارٍ كلَّ يوم تنارِ ؟

ولو كنتُ مَوعوظاً بشيءٍ عرفتُهُ … يقلِّل حِرصي لاتَّعظتُ بِعادِ

مضَوا بعدَ أن كانوا يُظَنُّ بقاؤهُمْ … يكون على الدنيا بغير نفادِ

وقد قلَّدوا الأعناقَ منّا وأَتْرعوا … بطون الليالي من لهاً وأيادِ

فيا ” هبة َ اللهِ ” ارتجعتَ إلى الردى … و قد كنت في فضلٍ ذبالة َ نادِ

وما زلتَ خَرّاجاً عنِ الغيِّ والهوَى … مدى الدهرِ ولاجاً لكلَّ رشادِ

وكنتَ لعيني ثمَّ قلبي سوادَهُ … و ليس بياضٌ فيهما كسوادِ

فواللهِ ما ادري أغال نعيهُ … رُقاديَ حُزْناً أم أطارَ فؤادي؟

على أنه ذرّ الأسى في جوانحي … و أودعَ منيَّ في الجفونِ سهادي

وما ضَرَّني والنَّومُ ليس يزورني … دُجًى وضُحًى أنِّي بغيرِ وِسادِ

فإنْ لم أعِرْ جسمي عليك حِدادَهُ … فقلبيَ حزناً في ثيابِ حدادِ

و للهِ خطبٌ زارني بعد هجعة ٍ … فحرَّم في عينَيَّ طعمَ رُقادي

وشرَّدَ عنِّي باصطبارٍ عَهدتُه … ” وأحرج ” حيزومي وأضعف آدي

و عرف ما بيني وبين بلابلٍ … عمرتُ وما يمررن لي ببلادِ

كأنِّي قضيضُ الجنْبِ حُزناً ولَوْعة ً … و فرشي مهيداتٍ بغير مهادِ

ويا ليتني لمّا ثكلتُك لم أكُنْ … جعلتك من سكانِ دار ودادي

وليتك لم تحلُلْ رِكابُكَ عَقْوَتي … تراوحها صباً بها وتغادي

و ما بين قربٍ واشتياقٍ عهدتهُ … حَوَتْ أضلُعي فَرقٌ وبينَ بُعادي

سقى اللهُ مَيْتاً لا يُرجَّى إيابُهُ … وحلَّ عليه رَبْطَ كلِّ مَزادِ

وجادَ عليه كلُّ أَسْحمَ مُسْبِلٍ … بعَذْبٍ صَقيلِ الطُّرَّتَينِ بُرادِ

له من وميضِ البرقِ ثوبٌ مَعَصْفَرٌ … ومن رعدِه وهْناً زَماجرُ حادِ

و لا زالتِ الأنواءُ يسقين تربه … إذا رائحٌ ولَّى تصَوَّبَ غادِ

بلا موعدٍ تَخشَى له النَّفسُ خُلفة ً … و خيرُ اللها ما لم تكنْ بوعادِ