أَميرَ الشِعرِ لا نورٌ وَحقُّ – الياس أبو شبكة
أَميرَ الشِعرِ لا نورٌ وَحقُّ … وَلكِن سوءُ مُنقَلَبٍ وَخَرقُ
إِذا أَيَّدتَهم أَيَّدتَ حَقّاً … أَبي تَأييدَهُ شَرفٌ وَخُلقُ
أَميرَ الشِعرِ وَالثَوراتُ تَرقى … عَلى نُظُمٍ يُمَهِّدُها الحقُ
وَلا تَرقى عَلى مُهَجِ الأَيامى … فَإِنَّ دَمَ الأَيامى لا يحقُّ
أَباحوا في القِتالِ دَمَ النَصارى … وَفي أَجفانِهِم لِلبغضِ وَدقُ
وَما رَفَقوا بِأَيتامٍ صغارٍ … فَجازوهُم بِما لَم يَستَحقوا
وَقالوا نَهضَة الأَوطانِ تَقضي … وَعاثوا في بِلادِهِم وَشَقّوا
وَقِدرُ الدينِ في الجَهّالِ تَغلي … وَلم يُسمَع لِطَبل الدينِ طَرقُ
أَتَحتَرِمُ الحُقوقَ وَفي فَضاها … من الأَحقادِ زَوبَعَةٌ وَبَرقُ
وَفي راياتِها لَهفُ اليَتامى … لَهُ في كُلِّ ثانِيَتَين خَفقُ
أَلإستِقلالُ يَنمو بِالتَآخي … وَيَضمر بِالشقاقِ وَيستدقُّ
وَبِالحُبِّ الصَحيحِ يشيدُ صَرحاً … أَساسُ خُلودِهِ شَرفٌ وَصِدقُ
أَلَسنا في الهمومِ أولي اِتِّفاقٍ … فَلِم لا يَنتحِيا اليَومَ وفقُ
وَلم يَسعى إِلى التَفريقِ قومٌ … يوحّدُ بَينَهُم وَطَنٌ وَنُطقُ
أَعادوا سوءَةَ الماضي بِنزقٍ … وَلم يَنبِض لَهُم في الحُبِّ عِرقُ
كَأَنَّهُم أَرادوا نَفيَ رقٍّ … بِجَهلٍ فيهِ لِلأَوطانِ رِقُ
كِلانا شاعِرٌ بِالظُلمِ يَرثي … بِلاداً بِالمَظالِمِ تسترقُ
وَنَحنُ نؤيِّدُ الثوراتِ لكِن … نَخُطِّئُها إِذا هيَ لا تَرُقُ
أَميرَ الشِعرِ حَسبُ دِمَشقَ حُزنٌ … بِأَنَّ جنانِها يبسٌ وَطرقُ
فَأَزهرُها من الأَرزاءِ صَفرٌ … وَأَنهرُها من الأَهوالِ بلقُ
وَما في الغَوطتين سِوى زَفير … يصعِّدُهُ مِن الآلامِ عُمقُ
وَما في الجامِعِ الأَمَوِيِّ إِلّا … صُراخٌ من تَفَجُّعِهِ وَشَهقُ
كَأَنَّ الجِنَّ تَخطُرُ في دُجاه … وَفي جنباتِهِ لِلبومِ نعقُ
وَأَجفانُ السُموأَلِ فيهِ تَبكي … وَأَدمُعِها شكاياتٌ وَعِشقُ
أَلا أَينَ الخَرائِبُ من قُصورٍ … لَها بِمَذاهِبِ الآفاقِ سبقُ
وَأَينَ من السُمُوِّ جلالُ نَسق … هَوى رِضماً فَما بِدِمشقَ نَسقُ
وَأَينَ مَعاهِدُ الآثارِ فيها … وَأَينَ الحُسنُ وَالفَنُّ الأَدقُ
جَلائِلُ كُنَّ في الماضي مزاراً … جُموعُ حجيجِهِ خُلقُ فَخُلقُ
مطهَّرة العُصور بَغى عَلَيها … حَزازاتٌ من التَدنيسِ حُمقُ
عَلى مَن تَبعة الآثامِ تُلقى … وَكُلُّ هَوىً يَقولُ أَنا المُحقُ
غَمزَت إِباءَهم فَمَضى حَقوداً … وَضَجَّت مِن صَغارَتِهِ دِمَشقُ
وَلَو عَقلوا لَحرَّرهم نِظامٌ … عَلى أَبوابِ حَقِّهِمِ يدقُ
تخذتَ الشِعرَ لِلإِصلاحِ مرقىً … فَهل أَصلَحتَ خُلقَهُم لِيَشقوا
وَهَل عَلَّمتَهُم رميَ القَوافي … لِيَرموا بِاليَتيمِ وَليسَ رِفقُ
سَلِ الأَهرامَ يا اِبنَ المَجدِ عَنّا … يُجِبكَ الدَمعُ وَالنَفسُ الأَرقُ
فَفي الأَهرامِ يا شَوقي بَقايا … مِنَ النسبِ المُؤَثَّلِ لا تَعُقُ
وَفي النيلِ المُرَقرَقِ عاطِفاتٌ … مَشى مِنها إِلى لُبنانَ رزقُ
يَعزُّ عَلَيهِ أَن تَشقى بِلادٌ … بِها من شيمَةِ الأَجيالِ عتقُ
أَلَستَ تَرى أُميَّة كَيف تَرنو … إِلى لُبنانَ عَن مُقلٍ تُشقُ
وَكلٌّ مِنهُما يَهوي بِنَزعٍ … وَفي دَمِعِ من الأَهوالِ حَرقُ
وَلِلمُستَقبَلِ الآتي عَجيجٌ … عَلى قَدَمَيهِ لِلأَوطانِ زَهقُ
أَميرَ الشِعرِ حَسبُ الشِعرِ فَخرٌ … بِأَنَّ لماكَ لِلإيحاءِ فَتقُ
أَنا مُصغٍ إِلى قَطَراتِ سِحرٍ … لَها من شِعرِكَ العَلويِّ دَفقُ
أَلا هَذِّب شَبابَ الشَرقِ هَذِّب … لِيَرقى مَوطِنٌ لَهُمُ وَيَرقوا
وَقُل لَهُم أَخاكُم فَاِعضدوهُ … تَنالوا المَقصَدَ السامي وَتَبقوا