أيُّ روحٍ لي في الريح القبول – عبدالجبار بن حمديس

أيُّ روحٍ لي في الريح القبول … وسُراها من رسومي وطلولي

وظباءٍ أمِنَتْ من قانصٍ … لم ينلها الصيدُ في ظلّ المقيلِ

نشرتْ عندي أسرارَ هوى … كنتُ أطويهنّ عن كل خليلِ

وأشارت بالرضى ، رُبّ رضى ً … عنك يبدو في شهادات الرسولِ

عجبي كيف اهتدتْ مُهْدِيَة ٌ … خَصَرَ الرِيِّ إلى حرج الغليل

ما درت مضجَعَ نومي إنَّما … دلّها ليلي عليه بأليلي

لستُ أبغي لسقامي آسياً … فَبُلولي منه بالريح البَليل

طرفهُ أشعثُ كالسيفِ سرى … حدّهُ بين مضاءٍ ونحول

عبرتْ بحراً إليه واتّقتْ … حوله بحرا من الدمع الهمول

يا قَبُولاً قد جلا صيقَلُهُ … صدأً عن صفحة الماءِ الصقيلِ

عاوِدِي منكِ هُبُوباً فيه لي … وَجَدَ البُرْءَ عليلٌ بعليلِ

كرياحٍ عَلّلَتْنِي بِمنى ً … كِدْنَ يُثْبِتْنَ جوازَ المستحيل

أصباً هبّتْ بريحانِ الصِّبا … أو شمال أسْكَرَتْنِي بالشِّمول

حيثُ غَنّتني شوادي روضة ٍ … مطرباتٍ بخفيفٍ وثقيل

في أعاريضَ قصارٍ خَفِيَتْ … دِقّة ً في الوَزْنِ عن فهمِ الخليل

ولحونٍ حارَ فيها معبدٌ … وله علمٌ بِموسيقى الهَديل

والدّجى يرنو إلى إصباحهِ … بعيونٍ من نجومِ الجوّ حُولِ

خافَ من سيلِ نهارٍ غَرَقاً … فتولّى عنه مبلول الذيول

زرعَ الشيبُ بفوديّ الأسى … فنما منه كثيرٌ من قليلِ

فحسبتُ البيضَ منه أنجماً … عن بياضٍ لاذَ منّي بالأفول

كلّ منْ ينظُرُ مِنْ عِطْفِ الصِّبا … نظرَ المُعجَبِ بالخلقِ الجميلِ

فجوازي باضطرارٍ عندها … كجوازِ الفتح في الحرف الدخيلِ

كيف لي منها إذا ما غَضِبَتْ … برّحتني محْنَة ُ السّخْطِ القَتول

غادة ٌ يأخذُ منها بابلٌ … طَرف السحرِ عن الطرْفِ الكحيل

فإذا قابلَ منها لحظَها … فلّلَتْ منه حديداً بكليلِ