تفشي يداكَ سرائر الأغمادِ – عبدالجبار بن حمديس
تفشي يداكَ سرائر الأغمادِ … لقطافِ هام واختلاءِ هوادِ
إلاَّ على غزو يبيدُ به العدى … لله من غزو له وجهاد
وعزائمٍ ترميهمُ بضراغم … تستأصل الآلاف بالآحادِ
من كلّ ذِمْرٍ في الكريهة ِ مُقدمٍ … صالٍ لحرّ سعيرها الوقّادِ
كسنادِ مسمَرة ٍ وقسورِ غيضَة ٍ … وعُقَابِ مَرْقَبَة ٍ، وَحيَة ِ وادِ
وكأنهم في السابغاتِ صوارم … والسابغات لهم من الأغمادِ
أسد عليهم من جلود أراقمٍ … قُمُصٌ أزرّتها عيونُ جراد
ما صونُ دينِ محمدٍ من ضَيْمهِ … إلاّ بسيفكَ يومَ كلّ جلاد
وطلوعِ راياتٍ، وقودِ جحافلٍ … وقراع أبطالٍ، وكرّ جياد
ولديكَ هذا كلّهُ عن رائحٍ … من نصْرِ ربّكَ في الحروب، وغاد
إن اهتمامَكَ بالهدى عن همّة ٍ … علويّة الاصدارِ والايرادِ
وإقامة ُ الأسطولِ تؤذنُ بَغْتَة ً … بقيامة ِ الأعداءِ والحسَّادِ
والحربُ في حربيّة ٍ نيرانُها … تطأُ المياهَ بشدّة ِ الإيعاد
ترمي بنفط طيف يُبقي لفحُهُ … والشمّ منهُ مُحَرّقُ الأكباد
وكأنَّما فيها دخان صواعقٍ … مُلِئَتْ من الإبراقِ والإرعاد
لا تسكنُ الحركاتُ عنكَ إنها … لخواتم الأعمال خيرُ مبادي
وأشدّ مَنْ قَهَرَ الأعادي مِحْرَبٌ … في سلمه للحربِ ذو استعداد
سيثيرُ منكَ العزمُ بأساً مهلكاً … والنَّارُ تنبع عن قِدَاحِ زناد
وغرارُ سيفك ساهرٌ لم تكتحل … عينُ الردى في جفْنه برقاد
وزمانُك العاصي لغيركَ، طائعٌ … لك، طاعة َ المنقادِ للمقتادِ
ونرى يمينك، والمنى في لثمها … في كلّ أفقٍ بالجنود تُنادي
من كان عن سَنن الشجاعة والندى … بئس المضلّ فأنت نعم الهادي
هل تذكر الأعلاج سبيَ بناتها … بظُباً جُعِلنَ قلائدَ الأجياد
من كلّ بيضاء الترائب غادة ٍ … تمشي كغُصْنِ البانَة ِ المَياد
مجذوية ٍ بذوائبٍ كأساودٍ … عبثتْ بهنّ براثن الآساد
من كلّ ذي زَبَدٍ علته سُفْنُهُ … يخرجنَ من جسدٍ بغير فؤادِ
ثعبان بحرٍ، عضُّهُ بنواجذ … خُلِعَتْ عليه من الحديد، حِداد
يُبْدِي منه سقطَ حمامة ٍ … ببياضه في البحر جريُ سواد
وكأنما الريحُ التي تجري به … روحٌ يحرّك منه جسمَ جماد
يا أيها الممضي قواهُ وحزمَهُ … ومحالفُ التأويب والإسآد
هذا ابنُ يحْيَى ذو السماح جنابُهُ … مُسْتَهدَفٌ بعزائم القصّاد
فرِّغْ من السْيْرِ الرذيَّة َ عنده … تملأ يديكَ بطارفٍ وتلاد
مَلِكٌ مَفَاخِرُهُ تَعَدّ مفاخرا … لمآثرِ الآباءِ والأجدادِ
ومراتعُ الروّاد بينَ رُبُوعِهِ … محفوفة ٌ بمناهِلِ الوُرّادِ
ثبتتْ قواعدُ مُلْكِهِ فكأنَّما … أرساه ربّ العرشِ بالأطواد
وطريدهُ، من حيثُ راحَ أو اغتدى … في قبضة ٍ منهُ بغيرِ طراد
والأرضُ في يُمناه حَلْقَة ُ خاتم … والبحرُ في جدواه رَشْحُ ثِماد
لا تسألنْ عمّا يصيبُ برأيه … وطعانه بمقوَّمٍ ميّاد
يضعُ الهِنَاءَ مواضعَ النُّقَبِ الذِي … يضعُ السّنانُ مواضعَ الأحقاد
كالبدرِ يومَ الطعن يُطفىء رمحه … روحَ الكميّ بكوكبٍ وقّاد
تبني سلاهبهُ سماءَ عجاجة … من ذُبّلِ الأرماح، ذاتَ عماد
وبردّ سُمرَ الطعن عن أرض العدى … وكأنَّها في صِبْغَة ِ الفرصاد
وسقوط هاماتٍ بضرب مناصل … وصعودُ أرواح بطعن صعاد
أمَّا شِدَادُ المجرمين فعزُّهُ … أبقاهُمُ بالذلّ غيرَ شِداد
والنَّارُ تأخذ في تضرمها الغَضَا … جُزْلاً، وتتركُهُ مَهيلَ رماد
يا من إليه بانتجاعِ مُؤمِّلٍ … مستمطرٌ منه سماءَ أيادِي
أُلْقِيتُ من نَيلِ المنى عن عاتِقٍ … فكأنني سيف بغيرِ نجاد
ما لي بأرضكَ يومَ جودكَ مُعربٌ … بلسانهِ عن خدمتي وودادي
إلاّ قصائدٌ بالمحامدِ صغتها … غُراًّ تهزّ محافل الإنشاد
خلعتْ معانيها على ألفاظها … ألحانَ أشعارٍ ونَقْرَ شَوَاد
رَجَحتْ بِقَسطاسِ البديع وإنَّها … لخفيفة ُ الأرواحِ والأجسادِ
تبقى كنقشِ الصخرِ وهي شواردٌ … مَثَلُ المقيمِ بها وحَدْوا الحادي