حتى متى بين اللوى فالأجرعِ – عبدالجبار بن حمديس
حتى متى بين اللوى فالأجرعِ … لَوْماً، فما أمرّه في مسمعي
ويحكَ لو كنتَ وفياً لم تقلْ: … “ويحكَ لا تبكِ برسمٍ بلقعِ”
وهو الحمى سَقْياً لأيّامِ الحِمَى … فإنها ولّتْ ولمّا ترجعِ
مالك لا تبكي بكاءً بالأسى … بين رسومٍ وبَوَالي أربعُ
بأدمعٍ بين الجفونِ حوّمٍ … وأدمعٍ على الخدمد وقّعِ
وزفرة ٍ موصولة ٍ بزفرة ٍ … تَصْعَدُ عن نارِ حشى ً مُلَذَّع
وقفتَ في الدار بعينٍ لا تَرَى … تغيُّرَ الربعِ وأذنٍ لا تعي
ولوعة ٍ بالشوق غيرِ لوعتي … وأضلعٍ في الوجد غيرِ أضلعي
وإنَّما يبكي بكائي شجناً … ووجعٌ يعرفُ فيه وجعي
لو أنطقَ المربعَ وهو أخرسٌ … تضرُّعٌ، أنطقهُ تضرعي
ووقعة ٍ ردّتْ قيانِ وُرقهِ … نوائحاً بالحزن يبكين معي
كأنها وما لها من أدمعٍ … أعارها القطرُ سجالَ أدمعي
يا منزلاً تَنْشُرُه يدُ البُلى … نشرَ يمانٍ خلقٍ لم يُرقعِ
بالله خبرني أأنت رَبْعُهُمْ … أم أنْتَ مَرْعى ً للظباءِ الرّتّع
فقال: بل ربعُهُمُ وإنَّما … تحمّلتْ عني شموسُ مطلعي
أدرئة الغوط سترن ظبية … تدير عَيْنَيْ فتنة ٍ في البُرقع
سيفٌ وسهمٌ لحظها ولهذمٌ … يا عجبا لفتكها المُنَوَّع
كأنما تبسمُ إن مازحتها … عن بَرَدٍ بين بروقٍ لُمّع
كأُقْحوانِ روضَة ٍ يَصْقُلهُ … مِدْوَسُ شمسٍ في النّدى المميَّع
كأن في فيها سلافَ قهوة ٍ … صرفٍ بماءِ ظَلْمها مُشَعْشَع
إذا رضيع الكاس أصغى سحراً … إلى صفيرِ الطّائِرِ المُرَجِّع
خُصّتْ من الصوتِ بمعنى مؤيسٍ … من لغة الوصل ولفظ مُطْمع
ومهمهٍ متصلٍ بمهمة ٍ … مَرْتٍ بموّاج السراب مُتْرع
كأنَّ منشورَ المُلاء فوقه … متى تملْ ذكاء عنها تُرفعِ
كأنَّما جُنْدُبُه مُرَجِّعٌ … نغمة َ شادٍ ذي لحون مسمع
يذيب صمَّ الصخر حرٌّ لاذعٌ … يقبضُ فيه روحَ كلّ زعزع
لكلّ غارٍ فيها ماء، وشوى … فيه أُوَارُ الشمس كلّ ضفدع
لا نارَ تُذكى في الدجى لسفرهِ … إلا بريقَ مقلة السمعمعِ
تَعْسِلُ منه جانباه إنْ عَدا … مثل اضطراب السمهريِّ المشرع
يقفو راذيا جُنّحاً في السير لا … لا تُوضَعُ عنهنّ سياطُ المُزْمع
يصكّ منها دَأياتٍ دملت … فهي بشمّ الأنفِ فيها ترتعي
وذاتِ أخفافٍ سَرَتْ أربعها … منتعلاتٍ بالرياحِ الأربع
كأنها وللنجاة ما نجت … منهوشة ٌ بين أفاعٍ لُسّع
تُحْدَى بسحرِ ساهر في نِغْضَة ٍ … شهمِ الجنانِ لوذعيّ ألمعي
والشهبُ كالشهبِ لسبْقٍ أُرْسِلَتْ … لمغربٍ فيه أفولُ المطلعِ
كأنها واضعة ٌ خدودها … لهجعة ٍ فيه وإنْ لم تَهْجَعْ