أيقظني للبرقِ وهو نائمُ – مهيار الديلمي

أيقظني للبرقِ وهو نائمُ … جهالة ً والعربيُّ حازمُ

لو هاج من دائك ما هيَّج لي … علمتَ أني للبروق شائمُ

حدَّثني عن الغضا وأهلهِ … فانكشفَ السِّترُ ونمَّ الكاتمُ

للبارقاتِ مطرٌ وهذه … مزنتها دموعيَ السواجمُ

في كلِّ ذات صبوة ٍ من عبرتي … ما يشكرُ الراعي ويرضى السائمُ

رعاية ً وإنه من شيمتي … عهدٌ حصينٌ وحفاظٌ دائمُ

سلا المحبّون وعندي زفرة ٌ … عسراءُ لا تنقضها العزائمُ

كم خطرٍ دونك يا ذات اللَّمى … خيضت له الفجاجُ والمخارمُ

وقفة ٍ ترمقني مرتابة ً … فيها ظبا قومكِ واللهاذمُ

أساند الدوحَ فتمتارُ الجوى … من نزواتِ صدري الحمائمُ

وباللوى من نظرة ٍ ضائعة ٍ … لم تغرميها والزعيمُ غارمُ

إنّ الظباءَ بالغضا ضياغمٌ … والأجمُ الكناسُ والصرائمُ

أصدّ عن سلعْ بقلبٍ كلّما … أطيرَ خوفا عاد وهو حائمُ

كما يطيعُ اليأسُ ثم يلتوي … طماعة ً مع الشميم الرائمُ

كم أنفقُ العمرَ على رعي المنى … وهي خبيثاتُ الثرى هشائمُ

وحاجتي إلى الزمان صاحبٌ … مساعدٌ وقدرٌ مسالمُ

أكلُّ من كاشرني بوجههِ … بشراً فوجهُ قلبهِ مجاهمُ

ما أغضبَ الناسَ عليّ هل سوى … أني بدنياهم خبير عالمُ

عندي الغنى عنها على خصاصة ٍ … وعندهم حظوظها الجسائمُ

والفضلُ والعفَّة ُ عنهم قسمة … أعطيتها كما أراد القاسمُ

وليسَ كلُّ شفة ٍ مبلولة ً … وإن سختْ بمائها الغمائمُ

لله في طرقِ المعالي فتية ٌ … رفيقهم على الزمان حاكمُ

تعرَّفوا ريحَ الهجيرِ فغدتْ … نسيمَ أنفاسهمُ السمائمُ

يضيقُ رحبُ الأرضِ في ازدحامهم … فأرضهم تحت السُّرى العزائمُ

صوَّح كلُّ نابتٍ في عامهم … حتى الجمامُ السودُ واللهازمُ

تحملهم منتقياتٌ سوقها … تحلُّ منها للرُّبى المحارمُ

تزقو بأصواتِ الحصا أخفافُها … كما تحصّ الوبرَ الجوالمُ

كأنما الأرضُ لها مهارقٌ … يملي السّرى وتكتبُ المناسمُ

مثل السهام فوقها بصائرٌ … مبيضَّة ٌ وأوجهٌ سواهمُ

إذا استغاثت تحتها تعريسة … تقاصرت ليلاتها التمائمُ

كأنما الليلُ سوادُ لمَّة ٍ … سلَّ من الصبحِ عليه صارمُ

قل للذي يحصب ظهري ريبة ً … زدْ سفها إني امرؤ محالمُ

لا تطمس الشمسَ يدٌ مُدَّتْ ولا … يغمزُ في الصَّعدة ِ نابٌ عاجمُ

قد كان أبدى لك دهري صفحتي … شيئا وبانت منى المراجمُ

فمن لك اليومَ ونصري حاضرٌ … وحظِّي الغائبُ عني قادمُ

والقمرُ الآفلُ قدْ أعيدَ لي … بدرا وأنفُ الظلمات راغمُ

ردَّ الندى إلى الثرى ورجعتْ … فملأتَ غمودها الصوارمُ

لكلّ شاكٍ غدرة ً من دهره … عند بني عبد الرحيمراحمُ

الأنجمُ الزُّهرُ فمنها ثاقبٌ … مستسلفُ النورِ ومنها ناجمُ

والعترة ُ البيضاءُ لم يعلقْ بها … من دنس الهجنة عرقٌ واصمُ

استبقوا الجودَ فكلٌّ دافعٌ … عن ضيفهِ أخاهُ أو مزاحمُ

وانتصفَ الفضلُ بهم مذ جعلت … منه إلى حكمهم المظالمُ

قل لأبي سعدٍ على ما جرَّهُ ال … شوقُ عليّ والفراقُ الغاشمُ

قد كنتُ أرضى أمسِ من أمنيّتي … بأن يقال عادَ وهو سالمُ

فاليومَ يا طيرة َ قلبي فرحاً … بأن يقالَ سالمٌ وغانمُ

قد قلَّدوا منه زمامَ أمرهم … أغلبَ لا تخضعه العظائمُ

إن الكفاة لم يكن عميدهم … في دائهم إلا الطبيبُ الحاسمُ

ألقابُ قوم نافراتٌ شمسٌ … تنبو وألقابكمُ مياسمُ

وما رأتْ عينُ العلا لنفسها … فيما يسدِّي المجدُ أو يلاحمُ

كخلعٍ رحتَ بها مكتسيا … عزّاً وتُكسى اللِّبدَ الضراغمُ

خاطوا السحابَ حلَّة ً فضمِّنتْ … جسمك فلتفخر بمن تجاسمُ

بيضاء أو صبيغة وشَّى لها … زهرَ النجومِ راقشٌ وراقمُ

ظاهرة الفخرِ ومن باطنها … أخرى وخير المنحِ التوائمُ

وتوَّجوك عمَّة ً وإنما … تيجانُ أمثالكم العمائمُ

وختَّموا ملساء لم يخدشْ بها … سنٌّ على إثر العطايا نادمُ

وسائل الغرّة ِ وافٍ ردفهُ … أدِّبَ أن يشفقَ منه الحازمُ

أحوى إذا قام إليه ماسحٌ … قام إلى وجه الوجيه لاطمُ

بنيَّة لا يدَّري صفاتها … يومَ الرِّهان من لغوبٍ هادمُ

منطلقٌ بأربع قوائمٍ … كأنهنّ خفة ً قوادمُ

مع الرياح لم يكن من قبلها … تهزأ بالأجنحة القوائمُ

يمرح في مقوده ذئبُ الغضا … وتوعد الوحشَ به القشاعمُ

ويتّقى ما تتَّقى برسغهِ … وهي على بطونها الأراقمُ

أركبته بدراً وقد حُطَّت لك ال … جوزاءُ فهي العذر والشكائمُ

نظائمٌ من النّضار عقنهُ … بهرا بما أثقلهن الناظمُ

ورحبة الصدر على ضيقٍ به … مفصحة وقومها أعاجمُ

لمياء تعطيك فماً أشدقَ لا … يغبُّه الدهرَ لسانٌ لائمُ

يحمدُ منه ما تذمُّ أبدا … بمثله الشِّفاهُ والمباسمُ

تزهى بصفرٍ من بني الروم لها … آباؤها الأحابشُ الأداهمُ

لها من الشمس وشاحٌ تحته … جيدٌ أغمُّ والبنانُ فاحمُ

افتضَّها الحلى ففي أحشائها … أجنَّة ٌ لم تحوهم مشائمُ

ليس لهم ما بقيتْ وما بقوا … عما أدرَّت من رضاعٍ فاطمُ

تمضي حدودَ القتلِ والطقع يدٌ … فيهم وليست لهمُ جرائمُ

لا ينطقون لغة ً وكلُّهم … بين الأنام رسلٌ تراجمُ

إمرتها دستك تستخدمها … يدٌ لها صرفُ الزمانُ خادمُ

دؤيُّكم جفونُ أسيافكمُ … وكتبكم لملككم دعائمُ

وكنتمُ متى عصت قبيلة ٌ … وأخذتْ بالكظم الخصائمُ

أطرتم منها إلى أعدائكم … أجدادلا أو كارها الجماجمُ

قم بمساعيك فنل أمثالها … إن المساعي للعلا سلالمُ

يفديك مشمولٌ بظلِّ غيره … يسعى سواه وهو كاسٍ طاعمُ

نامَ على هذي الصفاة ِ غفلة ً … وأنت من نبذ الحصة ِ قائمُ

عاقدَ في حبّ الهوينا عجزه … أن لا يبالي مايقولُ اللائمُ

إذا نضا سرباله كلَّمهُ … من حسدٍ في كلِّ عضوٍ كالمُ

بكم بنى عبد الرحيميامنت … إلى المنى وطيرها أشائمُ

زوّجتُ آمالي من أيمانكم … فولدتْ بطونها العقائمُ

بعاُ رجائي بكمُ موسَّعٌ … وغصنُ عيشي في ذراكم ناعمُ

أسمن قومٌ ملأتْ عرينهم … مثلَ الحصون الإبلُ السوائمُ

وعندكم جذيمُ مالٍ أبدا … تعرفهُ الحقوقُ والمغارمُ

تلتزمون كرما ما تدّعي … فيه العدا ويستحلُّ الظالمُ

إنكمُ من معشرٍ عندهم … فيما استفادَ ربُّهم مساهمُ

وقد لبستم فاخلعوا إن الندى ال … عادلَ أن تقسَّمَ المغانمُ

بنتم بها فبيِّنواواصفها … بمثلها فهكذا المكارمُ

خصُّوا بها تكرمة ً من لم يزل … تُهدى لكم بناته الكرائمُ

معربة ً بمدحكم فيها رضى … قومٍ وفي قومٍ لها سخائمُ

متى تكن سلولُ أو باهلة … آباءَ شعرٍ فأبوها دارمُ

سوائرٌ مع النجوم ترتمي … بها نجودُ الأرض والتهائمُ

تودّ أكبادُ العدا إن صغتها … أسورة ً لو أنّها معاصمُ

تدويهمُ غيظا وتشفيهم بما … تفصح فهي المسُّ والتمائمُ

يحبى بها يقظانُ منكم حاضرٌ … وغائبٌ عن البلاد حالمُ

ضاجعكم طيفي بها فأوِّلتْ … صادقة ً وقد يُغرّ النائمُ

يشهدُ لي مفتاحها وختمها … بأنني للشعراءِ خاتمُ