أهاج لك الشوق القديم خباله – الفرزدق

أهاجَ لَكَ الشّوْقَ القَدِيمَ خَبالُهُ، … مَنَازِلُ بَيْنَ المُنْتَضَى فالمَصَانِعِ

عَفَتْ بَعدَ أسْرَابِ الخَليطِ وَقد ترَى … بِها بَقَراً حُوراً حِسانَ المَدامِعِ

يُرِينَ الصِّبَا أصْحابَهُ في خِلابَةٍ، … وَيَأبَيْنَ أنْ يَسْقينَهمْ بالشّرَائِعِ

إذا مَا أتَاهُنّ الحَبِيبُ رَشَفْنَهُ، … كرَشْفِ الهِجانِ الأدمِ ماءَ الوَقائعِ

يَكُنّ أحَادِيثَ الفُؤادِ نَهَارَهُ، … وَيَطْرُقْنَ بالأهْوَالِ عندَ المَضَاجعِ

إلَيْكَ ابنَ عَبدِ الله حَملّتُ حاجَتي … على ضُمرِ الأحقابِ خُوصِ المَدامعِ

نَوَاعِجَ، كُلّفْنَ الذّمِيلَ، فلم تزَلْ … مُقَلَّصَةً أنْضَاؤها كالشّرَاجِعِ

تَرَى الحاديَ العَجلانَ يُرْقِصُ خَلفها … وَهُنّ كحَفّانِ النّعامِ الخَوَاضِعِ

إذا نَكّبَتْ خُرْقاً من الأرْضِ قابلَتْ، … وَقَد زَالَ عَنْها، رَأسَ آخرَ، تابعِ

بَدَأنَ بهِ خُدْلَ العِظامِ، فُأُدْخِلَتْ … عَلَيْهِنّ أيّامُ العِتَاقِ النّزَائِعِ

جَهِيضَ فَلاةٍ أعْجَلَتْهُ تَمامَهُ … هَبُوعُ الضّحى خَطّارَةٌ أُمُّ رَابِعِ

تَظَلّ عِتاقُ الطّيرِ تَنْفي هَجِينَها … جُنُوحاً على جُثمان آخَرَ نَاصِعِ

وَما ساقَها من حاجَةٍ أجْحَفَتْ بهَا … إلَيْكَ، وَلا مِنْ قِلّةٍ في مُجاشِعِ

وَلَكِنّها اخْتَارَتْ بِلادَكَ رَغْبَةً … عَلى ما سِوَاها مِنْ ثَنايا المَطالِعِ

أتَيْنَاكَ زُوّاراً، وَوَفْداً، وَشَامَةً، … لخالك خالِ الصّدقِ مُجدٍ وَنافِعِ

إلى خَيْرِ مَسْؤولَينِ يُرْجَى نَداهُما … إذا اخْتيرَ الأفْوَاهِ قَبلَ الأصَابِعِ