أمِن أجلِ مَن سارتْ بهنَّ الأباعرُ – الشريف المرتضى

أمِن أجلِ مَن سارتْ بهنَّ الأباعرُ … ضُحى ً والهَوى فيهنَّ قلبُك طائرُ؟

جزعتَ لأنْ غابوا وتلك سفاهة ٌ … تُلامُ بها لو أنَّ لُبَّك حاضرُ

و لما جحدتُ الحبَّ قال خبيره : … إذا كنتَ لاتهوى فلِمْ أنتَ زافرُ 

يلومونني والحبُّ عنديَ دونهمْ … ومن أينَ للمشتاقِ في النّاس عاذرُ 

أيا صاحِ في الربعِ الذي بان أهلهُ … كأنهمُ سربٌ على الدوَّ نافرُ

فلا الرَّبعُ فيه منهمُ اليومَ رابعٌ … و لا سمراتُ الجزعِ فيهنّ سامرُ

أعِنِّي غداة َ البينِ منك بنظرة ٍ … فقد عَشِيَتْ بالدَّمعِ منَّا النَّواظرُ

وسرَّك فاكتمْهُ عليك وخلِّنا … فقد ظهرتْ بالبين منا السرائرُ

و قل لحبيبٍ خاف مني ” ملالة ً ” … محلُّك من قلبي مَدى الدَّهر عامرُ

فللّهِ يومُ الشِّعب قلبي وقد بدَتْ … منَ الشِّعبِ أطلاءٌ لنا وجآذرُ

وفي السِّرْبِ ملآنٌ منَ الحسنِ مُتْرَعٌ … أوائلُ قلبي عندَهُ والأواخرُ

أجود عليه بالمنى وهوَ باخلٌ … وآتي وصالاً بينَه وهْوَ هاجرُ

أحبُّ الثَّرى النجديَّ فاحَ بعَرْفِه … إلى الركبِ رجراجُ العشياتِ مائرُ

و يعجبني والناعجاتُ مشيحة ٌ … خيالٌ من الزوراءِ في الليل زائرُ

يزورُ وأعناقُ المطيِّ خواضعٌ … كلالاً ” وأحشاها ظوامٍ ” ضوامرُ

إلى ملكِ الأملاكِ أعملتُ مادحاً … قوافيَ تنتابُ العلا وتزاورُ

نوازعَ لا يدنو الكلالُ وجيفها … و لا ” بتشـ ـكى ” أينهنَّ المسافرُ

حَملن إليه من ثنائي بفضلهِ … و إنعامه ما لا تقلُّ الأباعرُ

إلى حيث حلّ المجد جما عديدهُ … وحيثُ يكونُ السُّؤدُدُ المتكاثرُ

فأنت الذي أوليتني النعمَ التي … تغيبُ النجومُ الزهرُ وهيَ ظواهرُ

غرائبُ لم تَسبقْ إليهنَّ فِكرة ٌ … ولا أحضَرَتْها في القلوبِ الضَّمائرُ

عرفتُ بهنّ الناسَ لما أصبنني … فبانَ صديقٌ أو عدوٌّ مُكاشِرُ

كأنّ الذي يثنى بهنّ وما وفى … بمبلغهنّ كافرٌ وهوَ شاكرُ

و قبلك ما فتُّ الملوكَ فلم يكن … لتيجانِهمْ من نَظْمِ لفظي جواهرُ

و ما كان تاج الملة ِ احتلّ سمعهُ … قريضي ولم يشعرْ بأنيَ ششاعرُ

إلى أن مضى عني ومن كان بعده … و سارت بتقريضي علاكَ السوائرُ

ثناءٌ حدته من ” علاك ” كرائمٌ … ثقالٌ على الأعناق غُرٌّ غرائرُ

كأنِّيَ أَنْثوهُنّ ربُّ لَطيمة ٍ … تَجَعْجَعَها في سوقِ دارِينَ عاطِرُ

فهبْ ليَ مافرَّطتُ فيهِ وما مضَتْ … ضَياعاً به عنّي السِّنونُ الغوائرُ

ودونَكَ منِّي اليومَ كلَّ قصيدة ٍ … مهذبة ٍ قد ثقفتها الخواطرُ

إذا أُنشدتْ قال المُصيخون: هكذا … تنظمُ في أهلِ الفخار المفاخرُ

وقد علمَ المغرورُ بالملك أنَّكم … سِدادٌ له ممَّنْ سِواكُم وحاجرُ

و أنكمُ من دونهِ لمريغه … رماحٌ طِوالٌ أو سيوفٌ بواتِرُ

فكمْ مزقتْ أشلاءَ قومٍ تطامحوا … إلى الملكِ أنيابٌ لكمْ وأظافرُ

ودونَ الثَّنايا المطلعاتِ إلى الذُّرا … ذُرا المُلِكِ مفتولُ الذِّراعين خادِرُ

يصرِّفُ أحياءَ الوَرى وهْوَ وادعٌ … و يطرقُ إطراقَ الكرى وهو ناظرُ

وتصبحُ في فَجٍّ منَ الأرض دارُهُ … وفي أُذُنِ الآفاقِ منه زماجرُ

مهيبٌ فلا تلوى عليه حقوقه … مطالاً ولا تعصى لديه الأوامرُ

ويركبُ أثباجاً منَ الأمر لم يكُنْ … ليرْكَبَها إلاّ الغلامُ المخاطرُ

ومُغبَّرة ِ الآفاقِ بالنَّقعِ لا يُرَى … بأرجائها إلاّ القَنا المتشاجرُ

و إلاّ يدٌ تهوي إلى القرن بالردى … و إلاّ دمٌ من عاملِ الرمحِ قاطرُ

تَبلَّجتَ فيها والوجوهُ كواسِفٌ … وأقدَمْتَ بأساً والنُّفوسُ حواذرُ

وقُدتَ إليها كلَّ جرداءَ سَمْحة ٍ … لها أولٌ في السابقاتِ وآخرُ

إذا أُرْسِلتْ في الخيلِ تَعْدو إلى مدى ً … تُحاضرُ حتى لاتَرى مَن تحاضِرُ

فلا أوحشَتْ منك الدِّيارُ ولاخَلَتْ … محافلُ من أسمائكمْ ومنابرُ

و ضلتْ صروفُ الدهرِ عنك ” وحاذرتْ ” … رباعك أن تعتادهنّ المحاذرُ

تروح وتغدو في الزمان محكماً … وتَجري بما تَهواهُ فينا المقادِرُ

ويَفديك مَن لا يُرتَجى لِمُلَّمة ٍ … ولاهوَ فيما أنتَ تصبرُ صابرُ

تموهَ دهراً لومه ثم صرحتْ … به النفسُ إذ ضاقتْ عليه المعاذرُ

و هنئتَ يومَ المهرجانِ فإنه … زمانٌ ” كزهر الروض ” أخضرُ ناضرُ

توسَّطَ في قُرٍّ وحَرٍّ فخلْفَهُ … وقُدَّامَه ظهائرٌ وصَنابرُ

و دمْ مستقرَّ العزَّ مستوفزَ العدى … فأُمُّ زمانٍ لا يسرُّك عاقرُ