ألا هلْ أتاها كيف حزنيَ بعدها – الشريف المرتضى
ألا هلْ أتاها كيف حزنيَ بعدها … و أنّ دموعي لست أملك ردها ؟
تفيضُ على عينٍ مَرى الوجدُ ماءَها … ولم تستطعْ أنْ يغلِبَ الصَّبرُ وجدَها
غزيرة ُ أنواءِ الجفونِ كأنَّها … تَناهتْ إلى بعضِ البِحار فمدَّها
وقد كنتُ من قبلِ الفراقِ أهابُه … كما هابَ ظلمانُ الصريمة ِ أسدها
و أشفقُ مما لا محالة َ واقعٌ … و هلْ للمنايا قادرٌ أن يردها ؟
كأنيَ لما أنْ سمعتُ نعيها … أناخَ على الأحشاءِ فارٍ فقَدَّها
و لم أستطعْ في رزئها عطَّ مهجتي … و أجللتهُ عن أنْ أمزق بردها
و مما شجاني أنني لم أجد لها … على خبرتي شبئاً يهون فقدها
و أنيَ لما أن قضى اللهُ هلكها … على قلبيَ المحزونِ بُقِّيتُ بَعْدَها
حَنى يومُها الغادي كهولَ عَشيرتي … على جَلَدٍفيهمْ وشيَّبَ مُرْدَها
و حطّ الرجالَ الشمَّ من كلَّ شامخٍ … يلاقون بالأيدي من الأرض جلدها
و قلص عنها العزّ ما فدحتْ به … فتحسبُ مولاها من الذلَّ عبدها
فكم كبدٍ حرى تقطع حسرة ً … وكم عبرة ٍ قد أقرحَ الدَّمعُ خَدَّها
حرامٌ وقد غيبتِ عنيَ أن أرى … منَ الخلقِ إلاَّ نظرة ً لن أودَّها
و سيانِ عندي أنْ حبتني خربدة ٌ … بوصلٍ يرجى أو ” حبتني ” صدها
وهيهاتَ أنْ أُلْفى أُرقِّحُ صَرْمَة ً … وأطلبَ من دارِ المعيشة ِ رَغْدَها
ومن أينَ لي في غيرِها عِوَضٌ بها … وقد أحرزتْ سُبْلَ الفضائلِ وحدَها؟
أُسامُ التسلِّي وهْوَ عنِّي بمعزلٍ … وكيف تُسامُ النَّفْسُ ما ليسَ عندَها؟
وبينَ ضُلوعي يا عذولُ نوافذٌ … أبى العذلُ والتأنيبُ لي أنْ يسدها
و ودي بأنَّ الله يومَ اخترامها … تخرَّمَ من جنبيَّ ما حازَ وُدَّها
وإنِّيَ لمّا غالها الموتُ غالني … فبعدًا لنفسي إذْ قضَى اللهُ بُعدَها
أفي كلَّ يومٍ أيها الدهرُ نكبة ٌ … تكدُّ حيازيمي فأحملُ كدَّها؟
بلغتُ أشُدِّي، لا بلغتُ وجزتُهُ … وأعجلتَها مِن أنْ تجوزَ أشُدَّها
ففزتُ بأَسْنَى ما حَوَتْهُ رَواجِبي … و جاوزت في أمَّ المصيباتِ حدها
فيا قلبُ لمْ أنتُ الجليدُ كأنما … تحادثك الأطماعُ أنْ تستردها ؟
و ما كنتُ أهوى أنك اليومَ صابرٌ … ويدعوك فتيانُ العشيرة ِ جَلْدَها
أليس فراقاً لا تلاقيَ بعده … وغَيبة َ سَفْرٍ لا يُرجّون وفْدَها؟
أَلا فالبسِ الأحزانَ لِبسة َ قانعٍ … بأثوابه لا يبتغي أن يجدها
وصمَّ عنِ المُغْرينَ بالصَّبرِ، إنَّهمْ … يُطَفّون نارًا ألْهبَ اللهُ وقْدَها
و قبلكَ ما نال الزمانُ معلقاً … بأجبالِ رضوى ” يرتعي ثمّ مردها “
” تواعدَ ” في شماءَ يرقبُ مزنة ً … تصوبُ عليه أعذبَ اللهُ وردها
وتلقاهُ خُلْوًا لا يطالعُ رِيبة ً … و لا يتقي خطءَ الليالي وعمدها
و داءُ الردى أفنى ظباءَ سويقة ٍ … وطَيَّرَ عن أجزاعِ تَدْمُرَ رُبْدَها
و أفضى إلى حجبِ الملوكِ ولم يخفْ … ” شباها ” ولم يرقبْ هنالك حشدها
يسير إليها كلَّ يومٍ وليلة ٍ … على مهلٍ منه فبيسبقُ شَدَّها
وكم عُصبة ٍ باتتْ بظلِّ سَعادة ٍ … تخطفها ” أو ” أولج النحسَ سعدها
وهدَّمها مَنْ كان شادَ بناءَها … و جردها من كان أحكمَ غمدها
سلامٌ على أرضِ الطفوف ورحمة ٌ … مَرى اللهُ سُقياها وأضرمَ زَنْدَها
ولا عَدِمتْ في كلِّ يومٍ وليلة ٍ … حفائرُها من جنَّة ِ اللهِ رِفْدَها
فكمْ ثَمَّ من أشلاءِ قومٍ أعدَّها … ليعطيَها ما تَبْتَغي مَنْ أعدَّها
و للهِ منها حفرة ٌ جئتُ طائعاً … فأودعتُ ديني ثمَّ دنيايَ لحدها
و وليتُ عنها أنفضُ التربَ عن يدٍ … نفضتُ ترابَ القبرِ عنها وزَندَها
و لم يسلني شيءٌ سوى أنّ جارتي … قضى الله بعدي أن تجاور جدها
وإنِّيَ لمّا أنْ شققْتُ ضَريحَها … إزاءَ شهيدِ الله أنجزتُ وعْدَها
وكيفَ تخافُ السَّوءَ يومَ حِسابِها … و قد جعلتْ من أجندِ اللهِ جندها ؟
وتمسِكُ في يومِ القيامة ِ منهمُ … بحُجْزَة ِ قومٍ لا يُبالونَ حدَّها
يَقونَ الّذي والاهُمُ اليومَ حَرَّها … ويُعطونَه عَفْوًا كما شاءَ بَرْدَها