ألا صاحبٌ كالسيفِ حلوٌ شمائلهْ – مهيار الديلمي
ألا صاحبٌ كالسيفِ حلوٌ شمائلهْ … رداءُ الهوى مثلي على الشيبِ شاملهْ
أخو عزمة ٍ أو صبوة ٍ عربيّة ٍ … أحامسه شكوى الجوى وأغازلهْ
معي أين مالت بي من الأرض حاجة ٌ … أعطِّفه حتى كأنّي مفاصلهْ
أضنّ به ما ضنّ جفني بمقلتي … فلا أنا مهديه ولا أنا باذلهْ
خليليَّ هل من نظرة ٍ ترجعانها … إلى روح نجدٍ هل تخضَّر ذابلهْ
وهل رشأ بالبانتين عهدته … على ما افترقنا ليته وأياطله
رمى يومَ سلعٍ والقلوبُ حوائدٌ … فما رام حتى أثبتَ السهمَ نابلهْ
هربتُ بلبّي أتّقي سحرَ لفظهِ … ولم أدر أنّ السحرَ عيناه بابلهْ
رأى مهجتي مرعى ً وعينيَ مشرباً … فلم يغنه ماءُ النّخيل وباقلهْ
أساهر ليلا بالغضا كلّما انقضت … أواخره كرّتْ عليَّ أوائلهْ
كأنّ الدجى برد تعاقد هدبه … برضوى يمادي عمره ويطاولهْ
رفعت لحاظي والظلامُ يصدُّها … لحيٍّ بسلمى أين زالت زوائلهْ
كأنّ خلاطَ البين بين حمولهم … لواعجُ قلبي بعدهم وبلابلهْ
وخلفَ سجوف الرقمِ بيض أكنَّة ٍ … تكنّفه من جنب سلمى طلائلهْ
حمته الرماحُ والحصانة أن ترى … مصاونه أو أن ترام مباذلهْ
وأغيد أعياه سوارٌ يغصّه … بخضبِ يديه أو حقابٌ يجاولهْ
حفظتُ الذي استودعتُ من سرّحبّه … وهاجرته بغيا وقلبي مواصلهْ
فما زال طرفي في الهوى وسفاهه … بحلمِ فمي حتى علا الحقَّ باطلهْ
عذيريَ من دنياي فيما ترومه … على عفّتي من بذلتي وتحاولهْ
تكلّفني أطماعها تركَ شيمتي … لشيمتها والطبعُ يتعبُ ناقلهْ
كفى شربتيْ يومى رواحُ حلوبة ٍ … عليّ وشاءُ الحيّ دثر وجاملهْ
أرى المرء لا يضويه ما ردّ وجههُ … مصونا ولا يعييه ما هو باذلهْ
وما الحرصُ إلا فضلة ٌ لو نبذتها … لما فاتك الزادُ الذي أنت آكلهْ
ومن غالب الأيامَ كان صريعة ً … لجانب قرنٍ لا يضعضع كاهلهْ
يصيب الفتى بالرأى ما شاء حظَّه … وما جرت الأقدارُ وهي تنازلهْ
يداوى بصيرا كلَّ داءٍ يصيبه … ويعمى عن الداء الذي هو قاتلهْ
فما لي وفي الأحرار بعدُ بقيّة ٌ … تصافح كفّي كفَّ من لا أشاكلهْ
إذا ما ابن عبد الله صحَّ وفاؤه … كفاني الطلابَ ودُّه لي ونائلهْ
فما غام خطبٌ وجهُ أحمدَ شمسهُ … ولا جفَّ عامٌ كفُّ أحمدَ وابلهْ
كريمٌ جرى والبحر شوطا إلى الندى … فعاد بفضل السبق والبحرُ ساحلهْ
يُصدَّقُ ما قال الرواة فأسرفوا … عن الكرماء بعضُ ما هو فاعلهْ
لعاذله حقٌّ على من يزوره … لكثرة ِ ما يغريه بالجود عاذلهْ
كأنّ الندى دينٌ له كلّما انقضت … فرائضه عنه تلتها نوافلهْ
يلوم على إنفاقه كثر ماله … فمن لك أن تبقى عليه قلائلهْ
ترى مجده الشفَّافَ من تحت بشره … إذا الخير دلّتنا عليه دلائلهْ
كأنّ قناعَ الشمس فوق جبينه … ومنكبَ رضوى ما تضمّ سرابلهْ
مديدُ نجادِ السيف إن هو لم يُطلْ … إذا قام قيدَ الرمح وهو يعادلهْ
قليل رقاد العين إلا تعلَّة ً … لماما كأنّ الليلَ بالنوم كاحلهْ
إذا عجَّ ظهرٌ مثقلٌ فهو عامدٌ … لأثقلَ ما حمَّلتهُ فهو حاملهْ
فإن نزل الخطبُ الغريبُ تطلَّعتْ … له من خصاصاتِ الذكاءِ شواكلهْ
حمى الملكَ والذؤبانُ وفوضى تنوشه … تخاتله عن سرجه وتعاسلهْ
ولبَّى وقد ناداه يا ناصرَ العلا … على فترة ٍ فيها أخو المرء خاذلهْ
رمى خللَ الآفاق منه بسدّة ٍ … إذا وزنتْ بالدهر شالت مثاقلهْ
فيوماه عنه يومُ قرنٍ يحاولهْ … فيرديه أو خصمٌ ألدُّ يجادلهْ
إذا الدولة استذرت بأيام عزِّها … فما هي إلا رايهُ ومناصلهْ
ولم يك كالمدلي بحرمة ِ غيرهِ … ولا من أنالته العلاءَ وسائلهْ
غريبا على النعماء والخفضِ وجههُ … وناطقة بالعجز عنه مخايلهْ
ولكنَّه البدرُ الذي ما خبت له ال … كواكبُ حتى بيَّضَ الأفقَ كاملهْ
هو الراكب الدهماءَ تمشي بظهرها … على جددٍ لا يحسد الركبَ راجلهْ
عريض النياط لا يثور ترابه … بخفٍّ ولا تحفي المطايا جنادلهْ
أمين الظما لا تعرف العيسُ خمسهُ … ببلٍّ إذا ثارت عليه قساطلهْ
لزاجر أعجازِ السوابق فوقه … سياطٌ من النسل الذي هو ناسلهْ
تراه بحضنيه يحاركُ ظلَّه … يقاومه طورا وطورا يمايلهْ
وتحسبه يهوي ليفضي بسرّه … إلى جالسٍ ما إن يزال يزاملهْ
أمينٌ بسرّي أو مؤدٍّ تحيَّتي … ومن يحمل السرّ الذي أنا حاملهْ
لعلَّ الذي حمِّلتُ من شوق أحمدٍ … يخف بأن تشكى إليه دواخلهْ
عهدتُ فؤادي أصمعا لا يخونني … وصدري متينا لا ترثُّ حبائلهْ
فما بال قلبي يستكين لهذه … وجأشيَ قد جالت عليَّ جوائلهْ
وأولى الهوى إن يستخفَّكَ ثقلهُ … هوى ً لم يجرَّب قبله ما يماثلهْ
وقبلكمُ ما خفتُ أن تسترقَّني … مياهٌ عن الماء الذي أنا ناهلهْ
ولا أنّ ربعاً بالصليقِ تشوقني … على بغضها أو طانهُ ومنازلهْ
ولكن أبى الفضلُ المفرّع منكمُ … على الناس إلا ان يخيّلَ خائلهْ
جزى الله يوما ضمَّ شملي إليكمُ … صلاحا وأعطاه الذي هو سائلهْ
فما كنتمُ إلا سحابا رجوته … لبلِّ فمى فعمَّمتني هواطلهْ
ويا طيبَ ما استعجلتُ كتبَ ودادكم … لو أنّي ببعدٍ لم يرعني آجلهْ
بلغتُ بكم غيظَ الزمان وفيكم … وأكثرُ ممّا نلت ما أنا آملهْ
فهل أنتَ يابن الخير راعٍ على النوى … أخاً لك لم تشغله عنك شواغلهْ
نعم عهدك العقد الذي لا تحلّه … يدُ الغدرِ والحبلُ الذي لا تساحلهْ
وأنك قد أحرزتَ منّى مهنَّدا … يروق وإن رثَّتْ عليه حمائلهْ
وعذراءَ من سرّ الفصاحة بيتُها … طويل العمادِ متعبٌ من يطاولهْ
لها نسبٌ في الشعر كالفجر في الدُّجى … متى تظلم الأنسابُ ترفعْ مشاعلهْ
أبوها شريفُ الفكرِ والفخرُ كلُّه … إصابتُها صهرا كأنتَ تباعلهْ
أتاك بها النيروزُ منى هديّة ً … فلله ماأرسلتُ أو من أراسلهْ
إذا برزتْ في زيّ فارس قومها … فحليتها تيجانه وأكاللهْ
فعش يُعجز الأقوامَ ما أنت فاعلٌ … كما يعجز الأقوال ما أنا قائلهْ
وأفضل ما ملِّكته صفو خاطري … وها أنا مهديهِ فهل أنت قابلهْ