أكل متوجٍ يحمي البلادا – أحمد محرم

أكل متوجٍ يحمي البلادا … ويسلك في سياستها السدادا

ينام الحادث المعتس عنها … ويأبى طرفه إلا سهادا

فما تشقى رعيته بخطبٍ … ولا تشكو اضطراباً أو فسادا

تدين لتاجه التيجان طراً … وتسأله الرعاية والذيادا

وتفديه النفوس على اعتقادٍ … بأن حياته تحيي العبادا

أحب المالكين إلى الرعايا … مليكٌ ليس يألوها افتقادا

تغلغل في مكان الحس منها … فكان السمع فيها والفؤادا

أضر الناس ذو تاجٍ تولى … فما نفع البلاد ولا أفادا

وكان على الرعية شر راعٍ … وأشأم مالكٍ في الدهر سادا

تبيت له الأرائك في عناءٍ … تمارس منه أهوالاً شدادا

ويمسي ملكه في زي ثكلى … كساها فقد واحدها الحدادا

كأن الملك في عينيه حلمٌ … يلذ به فما يألو رقادا

ينادي صارخ الحدثان منه … فتى ً يزداد وقراً إذ ينادي

وتدعوه الرعية وهو لاهٍ … فتصدع دون مسمعه الجمادا

فلا هو يرتجي يوماً لنفع … يعز به الرعية والبلادا

ولا هو مالك كشفا لضر … إذا ما كائد الحدثان كادا

حياة ٌ توسع الأحياء عاراً … وذكرٌ يملأ الدنيا سوادا

وهل عز المليك بغير عزمٍ … يقيم به من الملك العمادا

وحزمٍ تنثني عنه العوادي … ويلقي عنده الدهر القيادا

عزيز النيل والآمال حيرى … تسائلك الهداية والرشادا

أضيء قصد السبيل لها وألف … أوابدها فتوشك أن تعادي

وقدها قود مأمونٍ عليها … يصاديها بأحسن ما تصادى

فإيه يا عزيز النيل إيهٍ … أما ترضى لملكك أن يشادا

وللشعب المصفد أن تراه … وقد نزع الأداهم والصفادا

ألست ترى البلاد وكيف أودى … بها المقدور أو كادت وكادا

عناها ما تكافح من خطوبٍ … تزيد على هوادتها عنادا

ألست ترى بنيها في شقاقٍ … فما يرجون ما عاشوا اتحادا

أتتركهم يهب الشر فيهم … ونار الخطب تتقد اتقادا

أتسلمهم إلى صماء تثني … فؤاد الدهر يرتعد ارتعادا

أتقذفهم إلى لهوات ضارٍ … مليٍ أن يغولهم ازدرادا

لقد طلبت على يدك الرعايا … طريف الخير والشرف التلادا

فخذها في قويمٍ من حياة ٍ … تكون لها قواماً أو عتادا

وحصناً ترتمي نوب الليالي … هوالك عن ذراه أو تفادى

أقم منآدها واشدد قواها … وجاهد في سياستها جهادا

وإما رام جاهلها فساداً … وزيغاً عن سبيلك وابتعادا

فأرجعه إليك فإن أسمى … خلالك أن تكون لنا معادا

وعودنا خلال الخير إني … رأيت الخير والشر اعتيادا

وما شغف المسود بمثل خلقٍ … يكون لدى المسود مستجادا

وللأخلاق بالأمم انتقالٌ … تدانى الحين منها أم تمادى

فهذي في مجاهلها تردى … وهذي في معالمها تهادى

تسايرها الأماني والمنايا … فما تنساق في قومٍ فرادى