أقول لمنحوض أعالي عظامها – الفرزدق
أقُولُ لمَنْحُوضٍ أعالي عِظامِها، … يَجُرّ أظَلاّها السَرِيحَ المُنَعَّلا
شرِيكَةِ خوصٍ في النَّجاءِ قد التقتْ … عُرَاها وَأجهَضْنَ الجَنينَ المُسَرْبَلا
تَسَنّى مِنَ الأحلاقِ ما كانَ دُونَهُ، … وَفَكَّ مِن الأرْحامِ ما كان مُقْفَلا
هَوَاجرُ يَحْلُبْنَ الحَميمَ، وَماكِدٌ … من السّيرِ لمْ تَطعَمْ مُنَدىًّ وَمَنزِلا
وَزَوْرَاءَ أدْنَى ما بِها الخِمسُ لا تَرَى … بها العِيسُ لَوْ حَلّتْ بها مُتَعَلَّلا
وَمُحتَقِرِينَ السّيرَ قد أنْهَجَت لهُمْ … سَرابِيلُ أبْقاها الذي قدْ تَرَعْبَلا
إذا قَطَناً بَلّغْتِنِيهِ ابنَ مُدْرِكٍ، … فَلاقَيْت من طَيْرِ العَرَاقيبِ أخْيَلا
ذُبَاباً حُساماً، أوْ جَناحَيْ مُقَطِّعٍ … ظُهُورَ المَطايا يَترُكُ الصُّلبَ أجْزَلا
قَوِيٌّ أمِينٌ لابنِ يُوسُفَ مُجزِىءٌ … بطاعَتِهِ عِندَ الّذي قد تَحَمّلا
وَلَوْ وُزِنَتْ سَلمى بحلمِ ابنِ مُدْرِكٍ … لَكانَ على الميزَانِ حِلمُكَ أثْقَلا
سأجْزِيكَ مَعرُوفَ الذي نِلْتَني بِهِ … بكَفّيْكَ، فاسمَعْ شعرَ مَن قد تَنَخّلا
قَصَائِذَ لمْ يَقْدِرْ زُهَيرٌ ولا ابْنُهُ … عَلَيْها، وَلا مَنْ حَوّلُوهُ المُخَبَّلا
وَلمْ يَستَطعْ نسْجَ امرِىءِ القيس مثلها، … وَأعْيَتْ مَرَاقيها لَبِيداً وَجَرْوَلا
وَنابِغَتيْ قَيْسِ بنِ عَيلانَ، والذي … أرَاهُ المَنَايَا بَعْضُ ما كانَ قَوّلا
فَما فَاضَلَتْ بَيْتاً بِبَيْتِكَ عامِرٌ … إلى المَجْدِ إلاّ كانَ بَيْتُكَ أفضَلا
هُوَ البَيْتُ بَيْتُ ابْنيْ نُفَيْلِ بنى لهُ … كِلابٌ وَكَعْبٌ ذرْوَةً لن تُحَوَّلا
أرَى ابنيْ نُفَيْلٍ مَن يكونُ أباً لَهُ … وَعَمّاً فَقَدْ، يَوْمَ الرّهانِ، تَمَهّلا
على مَنْ جَرَى، وَالرّافِعينَ أكُفَّهم … إلى كلّ فَرْعٍ كانَ للمَجْدِ أطْوَلا
وَمَنْ يَكُ بَينَ الخالِدَينِ وَأُمُّهُ … صَفِيّةُ، يَثْقُلْ عزّهُ أنْ يُحَلحَلا
وَكانَ أبُوها وابْنُها خَيرَ عامِرٍ، … سماكَينِ للهَلكَى إذا الغيثُ أمحَلا
أرَى المُقْسِمَ المُختارَ عَيْلان كُلَّها، … إذا هُوَ لمْ يَذْكُرْ نُفَيْلا تَحَلّلا
بَنُو أنْفِ قَرْمٍ لمْ يُدَعْثَرْ سَنَامُهُ … رُكُوباً، ولَكِنْ كانَ أصْيَدَ مُرْسَلا
إذا وَاضَحُوهُ المَجدَ جاءتْ دِلاؤهُ … مُلاءً إذا سَجْلٌ من المَجدِ شَوّلا
لهُمْ طُرُقٌ عَادِيّةٌ يُهْتَدَى بِهَا، … وَهُمْ خَيرُ قَيْسٍ آخِرِيّاً وَأوّلا
بَنُو عامِرٍ قَمْقَامُ قَيْسٍ، وَفيهِمُ … مَعاقِلُ جانِيها إذا الوِرْدُ أثْعَلا