أفى دراهمْ من بعدما ارتحلوا تبكى – الشريف المرتضى

أفى دراهمْ من بعدما ارتحلوا تبكى … وتَشكو، ولكن ليسَ تَشْكو إلى مُشْكِ 

فيا دمنة الحى ّ الذين تحمّلوا … بوادي الغَضا ماذا ألمَّ بنا منكِ 

خشعتِ فلا عينٌ تراكِ لناظرٍ … دثوراً ولا نطقٌ يخبّرنا عنكِ

وأذْكرْتِني والشَّيبُ يضحكُ ثَغرُهُ … بلمّتنا عهدَ الشّبيبة ِ والفتكِ

ليالى َ لا حلمٌ لذى الحلمِ والنّهى … ولا نسكٌ فيها يصابُ لذى نسكِ

فللهِ أفواهٌ لقينَ أُنوفَنا … بأذكى وقد ودَّعْن من عَبَقِ المسكِ

وكم من سقيمٍ ليس نرجو شفاءهُ … بأجراعكمْ أو من أسيرٍ بلا فكِّ

فقلْ للأُلى تاركْتُهمْ لاحتقارِهمْ … فأبصرَهمْ كفِّي وأَطمعَهمْ تركي

لَكَمْ مَرَّة ٍ مَحَّصتكمْ وخَبَرْتُكمْ … فبهرجكمْ نقدى وزّيفكمْ سبكى

فلا يبعدَنْ مَن كنتُ بالأمس بينهمْ … على هَضْبة ٍ الباني وفي ذِروة ِ السَّمكِ

بلغتُ بهمْ ما لم تَنَلْهُ يدُ المنى … وحُكِّمتُ حتَّى صرتُ أحكمُ في الملكِ

وجاورتهمْ شمَّ العرانين كلّما … معكتُ بهمْ جاروا ” سبيلى ” فى المعكِ

كرامٌ فلا أموالُهمْ لُعبابِهمْ … ولا دَرُّهمْ للحَقْنِ لُؤماً وللحَشْكِ

وأفنية ٌ لا يُعرَفُ الضَّيمُ بينَها … ولا الفقرُ مرهوبٌ ولا العيش بالضّنكِ

همُ أخرجوا من ضيقِ سخطٍ إلى رضاً … وهمْ أبدلوا قلبى اليقين من الشكِّ

وهمْ نزَّهوني أنْ أذِلَّ لمطمعٍ … وهمْ حقنوا لى ماءَ وجهى من السّفكِ

وهمْ ملّكونى بعدما كنتُ ثاوياً … مدى الدّهرِ واستعلوا بنجمى على الفلكِ

وكنتُ وكانوا إلفة ً وتجاوراً … مكان سرودِ العقدِ من مسلك السّلكِ

مَضَوا لابديلٌ لي ولا عِوَضٌ بهمْ … فها أنا ذا دهرى على فقدهمْ أبكى