أصبْ برأيي أصابًَ الحظُّ أو غلطا – مهيار الديلمي
أصبْ برأيي أصابًَ الحظُّ أو غلطا … فانهض لهُ كسلَ المقدارُ أو نشطا
ولا تفرِّطْ جلوساً في انتظارِ غدٍ … فخيرُ عزميكَ امرٌ لمْ يكنْ فرطا
خاتلْ يدَ الدَّهرِ وانصلْ غيلة ً أبداً … منْ حبلهِ مارقَ الجنبينِ منخرطا
ولا تشاورهُ في أمرٍ هممتَ بهِ … فربما لهوجَ الآراءَ أو خبطا
أنْ قلتَ خذْ بيدي في الخوفِ أرسلها … أو قلتَ في الأمرِ دعني مرسلاً ضبطا
أبو العجائبِ ادوى أو شفا وكسا … أو برَّ مرتجعاً أو حلَّ أو ربطا
جبْ هذهِ الأرضَ إمّا عشتَ محتشماً … مؤمِّلاً فوقها أو عشتَ معتبطا
إما ذنابى فلا تحفلْ بمنقصة ٍ … أو قمَّة َ الرأسِ فاحذرْ أنْ تقعْ وسطا
فما الحياة ُ وإنْ طالتْ بصالحة ٍ … لمنْ يعدّ متاعاً بائراً سقطا
ما خطَّة ُ العجزِ والأرزاقُ معرضة ٌ … إلاَّ لمنْ نامَ تحتَ الذُّلِّ أو قنطا
يا أهلَ بابلَ لا طارَ الوفاءُ لكمْ … بعدي إذا سرتُ في جوٍّ ولا هبطا
لأتركنَّ رحيليعنكمُ سمة ً … شنغاءَ يعلطُ فيها العارُ ما علطا
كمْ يمضغُ البينُ لحمي بينَ أظهركمْ … وربَّما ملَّ طولَ المضغِ فاسترطا
كأنَّني صعبة ٌ فيكمْ معبَّدة ٌ … بدتْ منْ السَّرحِ في وادٍ وقدْ قحطا
لا فرجة ُ الرائحاتِْ السَّائماتِ لها … ولا ترى ممسكاً في اللهِ مرتبطا
وإنْ رأى ربُّها نشدانها وقعتْ … في جانبٍ لمْ يعرفْ أهلهُ اللُّقطا
فهي لمثلي مقامٌ عندَ مثلكمُ … وعندَ سفنِ الفلا الإرقاصُ والملطى
والأرضُ حاملة ٌ ما شاءَ راكبها … بزلاءَ ذاتَ سنامٍ تامكٍ ومطا
فلتأتينَّكمْ بالغيبِ هاجرة ً … يضحي بها ورقُ الأعراضِ مختبطا
صوائباً كسهامِ النَّزعِ معتمداً … وافى لمقصدهِ أو عائراً مرطا
تمضي فلا يملكُ الإعتابُ رجعتها … ومنْ يردُّ عقيلاً بعدَ ما انتشطا
باتتْ تخوِّفني الأخطارَ مشفقة ً … ترى الإقامة َ حزماً والنَّوى غلطا
هلْ تعلمينَ أمرأً ردَّتْ محالتهُ … على الحفيظينِ ما خطَّا وما نقطا
وهلْ رأيتِ الذي نجَّاهُ مجثمهُ … بعقوة ِ الدَّارِ أو أرداهُ إنْ شحطا
ما نحنُ إلاَّ قطينُ الموتِ يعسفُ با … لواني ويلحقُ بالسلاَّفِ من فرطا
وطولُ أيَّامنا والدَّهرُ يطلبنا … مراحلٌ تنتهي أعدادها وخطا
وقدْ كانتْ الدَّارُ دراي والكرامُ بها … حماة ُ سرحي وجيراني معي خلطا
يحرِّموني فلا عودي بمهتصرٍ … فيهمْ ولا خضرُ أوراقي لمنْ خرطا
ويؤمنونَ بآياتي فيتبعهمْ … مقلِّداً منْ بغى فيها ومن غمطا
صحبتهمْ وشبابي روضة ٌ أنفٌ … ألوثُ منهُ برأسي فاحمِ قططا
مرفرفينَ على برِّي وتكرمتي … حتى غدا شعري في لمَّتي شمطا
لا الظنُّ أكدي ولا أجدي بمدحهمُ … وحبُّهمْ حاسَ مثقالاً ولا حبطا
أجادلٌ منْ بني عبدِ الرَّحيمِ علتْ … محلِّقاتٌ وخلتني ومنْ سقطا
لما رأتْ قللُ الأطوادِ ساكنة ً … أولى بها عافتْ الأوطانَ والغوطا
لو لمْ تكنْ أنجماً للنَّاسِ ما طلبتْ … ذرى الشَّواهقِ فاختطتْ بها خططا
ناطوا منازلهمْ بالهضبِ نازحة ً … فقطَّعوا وحشة ً منْ قلبيَ النِّيطا
كأنَّهمْ يومَ ذمُّوها مخيَّسة ً … كانتْ على كبدي أيدي المطي تطا
بانوا بغبطة ِ أيَّامي وكانَ بهمْ … عيشي كما اقترحَ المحبوب واشترطا
فإنْ سألتُ زماني أنْ يعوضني … بهمْ بديلاً فقدْ كلَّفتهُ شططا
سعى إلينا كمالُ الملكِ غادية ً … وطفاءَ ترضي من الإعراضِ ما سخطا
إذا سرتْ روَّضتْ بالأرضِ أوجعلتْ … عرضَ البسيطة ِ فيما بيننا بسطا
كأنّها بمجاري ذيلها رقمتْ … وشيِّاً بنمنمة ٍ أو فوَّفتْ نمطا
لها منَ الفكرِ إمدادٌ بلا أمدٍ … كأنما ماؤها منْ كفة ِ انبسطا
تردُّ معرضة َ الأسماعِ مقبلة ً … والجعدُ منْ كلِّ فهمٍ ليَّنا سبطا
تميسُ فيها سجاياهُ فتحسبها … كواعبُ الحيِّ قامتْ تحملُ الرِّيطا
جزاءُ ما حاطَ لي منْ حرمة ٍ ورعى … عهداً وما مدَّ منْ نعمى وما بسطا
فتى ً يرى يديَ العليا على يده … إذا سألتُ نوالاً أو قبلتُ عطا
أفادني العزَّ في الجدوى فصيَّرني … على انقباضي إلى جدواهُ منبسطا
ردَّ الكمالَ حبيساً في حبائلهِ … عبداً فأطلقَ عنْ يدي النَّدى الرُّبطا
لو كانَ خلقُ النَّدى مما يجادُ بهِ … حباكَ أخلاقهُ جذلانَ مغتبطا
خلائقٌ تحبسُ الغادي لحاجتهِ … طيباً وتستنزلُ الأحداجَ والرُّبطا
كانَ خمَّارَ بصرى باتَ يسكبها … أو فضَّ عطَّارَ دارينِ بها سفطا
حلوٌ جناها إذا عاذَ الصَّديقُ بها … وحنظلٌ منْ أعاديها لمنْ خبطا
سهولة ٌ الماءُ فيها رقَّة ٌ وندى … وقسوة ُ النَّارِ فيها هيبة ٌ وسطا
إذا حمى أقسطتْ أحكامَ صارمهِ … وإنْ همى قاسماً أموالهُ قسطا
إذا استجمُّوهُ لمْ تضغطهُ جلستهُ … توحشاً أو دعوهُ فرَّجَ الضَّغطا
كالسَّيفِ تلبسُ منهُ مغمداً شرفاً … وشارة ً ويقيك الشَّرَّ مخترطا
كفى القبيلَ وحيدٌ لا قرينَ لهُ … وسادَ أمردَ منْ بالشِّيبِ قدْ وخطا
قدْ ارهقوهُ فلا جبناً ولا جزعاً … واستخطبوهُ فلا عيَّاً ولا لغطا
إذا استغشَّوا فلولَ السَّيفِ واتهموا … منَ الذَّوابلَ محطوماً ومنتحطا
سلَّتْ يداهُ وعينُ الحربِ راقدة ٌ … لهمْ أساودَ يقسمنَ الرَّدى رقطا
ضمَّوا إلى تاردَ العلياءِ طارفها … تمازجَ الكسبُ والميراثُ واختلطا
بنتْ لهُ فارسٌ بيتاً دعامتهُ … في الأفقِ لا بينَ ذي طلحٍ وذي الأرطا
قومٌ قرى ضيفهمْ عقرُ البدورِ إذا … غدا قرى المعتمينَ السُّمنَ والأقطا
إذا احتبتْ حلقة ُ النَّادي بعزِّهمُ … نصُّوا الدُّسوتَ ومدَّوا دونها السُّمطا
كنتمْ رضايَ عنِ الدُّنيا فلو حفظتَ … منَ النَّوى شملكمْ لمْ أعرفْ السخطا
تركتمْ عيشتي بلهاءَ عاطشة ً … في مجهلٍ سبسبٍ ينسي القطاة َ قطا
قدْ عرقَ الدَّهرُ عظمي بعدَ فرقتكمْ … منْ بعدِ ماخرَّ منْ جلدي وما كشطا
فلاحظوني على بعدِ المزار بما … يكونُ ستراً على عوراتهِ وغطا
فليسَ بيني وبينَ الرِّزقِ غيركمُ … إنْ جلَّ أو دقَّ سفَّارٌ ولا وسطا
واسمعْ لها أنتَ خيرُ السَّامعينَ لها … عذراءَ ما طرَّ معناها ولا لقطا
مزفوفة ً لمْ يضيعها حواضنها … زوراً ولمْ تعرفْ المدري ولا المشطا
تغني بشافعها منْ حسنها أبداً … عنِ التَّحسُّنِ مستجلى ً ومشترطا
كأنَّها لعلوقِ السَّامعينَ بها … تهدي إلى كلِّ سمعٍ عاطلِ قرطا
للمهرجانِ بها والعيدِ سارية ٌ … ظهراً ينقِّلها رفعاً ومنهبطا
يومانِ إنْ خولفتْ جنساً هما فلقدْ … تناسبا في اجتماعِ السَّعدِ وارتبطا
للفرسِ والعربِ منْ شأنيهما شرفٌ … يردُّ خزيَّاً على اعقابها النَّبطا
فطاولْ الدَّهرَ مغبوطاً بحفظهما … في ظلِّ نعماءَ منْ دامتْ لهُ غبطا