أرى فساداً وشراً ضاع بينهما – أحمد محرم

أرى فساداً وشراً ضاع بينهما … أمر العباد فلا دينٌ ولا خلق

سيل تدافع بالآثام زاخره … ما قلت أمسك إلا انساب يندفق

نال النفوس فمبتلٌ يقال له … ناجٍ وآخر في لجاته غرق

الدهر مغتسلٌ من ذنبه بدمٍ … والأرض بالنار ذات الهول تحترق

قومٌ إذا ما دعا داعي الهدى نكصوا … فإن أهاب بهم داعي العمى استبقوا

لم يبق من محكم التنزيل بينهمو … إلا المداد تراه العين والورق

ضاقت بهم طرق المعروف واتسعت … ما بين أظهرهم للمنكر الطرق

ضج الصباح لما لاقت طلائعه … من سوء أعمالهم واستعبر الغسق

لم يفسق القوم غالتهم خبائثهم … في الذاهبين من الأقوام ما فسقوا

ماتوا من الجبن واشتدت إغارتهم … على الإله فلا جبن ولا فرق

هم حاربوه وما خافوا عقوبته … حتى رماهم فأمسى القوم قد صعقوا

أذاقهم مضض البلوى وجرعهم … من الهوان ذنوباً ماؤه دفق

يأتي الحصاد فيمضي الغاصبون بما … عاف الجراد وأبقى الدود والعلق

راحوا بطاناً وباتت مصر طاوية ً … غرثى تشد على أحشائها النطق

لم يبق منها وإن ظنوا الظنون بها … إلا الذماء يعاني الموت والرمق

عجبت للقوت يعيي القوم تحملهم … أرضٌ تدفق فيها النيل والعرق

ما يهدأون وما ينفك كادحهم … مشرداً في طلاب العيش ينطلق

فرعون أكرم عهداً في سياسته … من مستبدين لولا الظلم ما خلقوا

قالوا غويتم فجئناكم لنرشدكم … ثم الجلاء فما بروا ولا صدقوا

صوت الأباطيل في أفياء دولتهم … عالٍ يصيح وصوت الحق مختنق

رث الجديدان واسترخى لهم طولٌ … من المظالم لا رث ولا خلق

ما ينقضي نسق من سوء رعيتهم … إلا تجدد فينا بعده نسق

طال المقام فإن بتنا على قلقٍ … فالدهر مضطربٌ من ظلمهم قلق

ظنوا القلوب تواليهم وغرهمو … رضى الذليل وقول الزور والملق

ما كنت أخشى لأهل الظلم غائلة ً … لو اتفقنا ولكن كيف نتفق

متى أرى الأمر بعد الصدع ملتئماً … والقوم لا شيعٌ شتى ولا فرق

ويح الكنانة أمست من تفرقهم … حيرى الرجاء فما تدري بمن تثق

كل له مذهب يرجو الفلاح به … والحق يعرفه ذو الفطنة اللبق

سيعلم القوم عقبى الخائنين وما … جنى الغرور وجر الجهل والخرق