أدمعكَ أمْ عارضٌ ممطرٌ – مهيار الديلمي

أدمعكَ أمْ عارضٌ ممطرٌ … أمِ النَّفسُ ذائبة ٌ تقطرُ

دعوا بالرَّحيلِ فمستذهلٌ … أضلَّ البكاءُ ومستعبرُ

وقالوا الوداعُ على رامة ٍ … فقلتُ لهم رامة ُ المحشرُ

وأرسلتُ عيني بالأنعمينِ … لتبصرَ لو أنَّها تبصرُ

فما حملتْ خبراً يستطا … بُ إلاَّ الَّذي كذبَ الخبرُ

وعنَّفني منذرٌ خاليا … ألفتَ وفورقتَ يا منذرُ

وقالوا تحمَّلْ ولو ساعة ً … فقلتُ لهم مدَّتي أقصرُ

ولكنْ تطاللْ بعينِ النَّصيحِ … لعلَّكَ مستشرفاً تنظرُ

أجنب الغضا يقبلونَ الرِّكا … بَ أمْ عرعراً قالَ بلْ عرعرُ

فلا تذكرونَ لقلبي السُّلوَّ … إنْ كانَ ذاكَ كما يذكرُ

سقى اللهُ ما كرمتْ مزنة ٌ … وما وضعتْ حاملٌ معصرُ

وحنَّتْ فدرَّتْ على أرضها … سماءٌ تبوحُ بما تضمرُ

ملاعبنا بالحمى والزَّ … نُ أعمى وليلُ الصِّبا مقمرُ

وعصرُ البطالة ِ مثلُ الرَّبيعِ … حياً أبيضُ وثرى ً أخضرُ

وظبية ُ جارٌ إذا شاءَ زا … رَ لا تستريبُ ولا تحذرُ

إذا لذَّتُ اليومِ عنّا انطوتْ … وثقنا بأخرى غداً تنشرُ

وفي الحيِّ كلُّ هلاليَّة ٍ … هلالُ السَّماءِ بها يكفرُ

تذلُّ على عزِّها للهوى … وتسبى وأنصارها حضَّرُ

تسيلُ الأسنَّة َ منْ دونها … ونحنُ على سرِّها نظهرُ

فذاكَ وهذا لو أنَّ الزَّمانَ … إناءٌ إذا راقَ لا يكدرُ

تلوَّنَ في صبغِ أيَّامهِ … تلُّونَ ما نسجتْ عبقرُ

فيومٌ تعرُّفهُ غفلة ٌ … ويومٌ تجنُّبهُ منكرُ

يجدُّ ويبلى فطوراً غريبٌ … وطوراً يسدُّ الَّذي يعورُ

وحاجة ِ نفسٍ سفيرُ الرَّجا … ءِ يوْرِدُ فيها ولا يصْدرُ

تكونُ شجى ً دونَ أنْ تنقضي … وبابُ القضاءِ بها أعسرُ

بردتُ لساني أنْ أشتكي … أذاها وصدري بها يزفرُ

وعهدٍ رعيتُ وذي ملَّة ٍ … وصلتُ منَ الحقِ ما يهجرُ

أردتُ بقيَّتهُ فانعطفتُ … عليهِ وجانبهُ أزورُ

سها فتناسى حقوقي علي … هِ وهو على سهوهِ يذكرُ

أبالحقِ تهدمني بالجفاءِ … وأقطارُ عرضكَ بي تعمرُ

وتشربُ ظلمي مستعذباً … وظلمي ممرُّ الجنا ممقرُ

سأضربُ عنكَ صدورَ المطيِّ … وفي الأرضِ مغنى ً ومستمطرُ

نوازعُ تقمحُ وردَ الهوان … فتطمحُ تسهلُ أو توعرُ

وأنَّ لها في رجالِ الحفاظِ … مراداً إلى مثلهِ تزجرُ

وفوقَ ثنايا العلا أعينٌ … يهشُّ إليها ويستبشرُ

وفي جوِّ عجلٍ إذا أعتمتْ … وضلَّتْ نجومُ هدى ً تزهرُ

وأفنية ٌ تقبضُ الوافدينَ … إذا رفعتْ بينهمْ كبَّروا

يفيءُ لهمْ ظلُّها بالهجيرِ … وتأرجُ طيباً إذا أسحروا

متى تردِ الماءَ بالزّابيينِ … وترعى صريفينَ أو تعبرُ

تخضْ في جميمٍ يعمُّ السَّنام … وينصفهُ العنقُ المسفرُ

وتكرعُ منبسطاتِ الرِّقا … بِ لا يردُ النَّاسَ أو تصدرُ

ولراكبيها القرى والحمى … ورفدٌ يطيبُ كما يكثرُ

ومعقورة ٌ واجباتُ الجنوبِ … صفايا وفهَّاقة ٌ تهدرُ

فزاحمْ بها اللّيلَ حتَّى تكونَ … لها الصَّادعات لهُ الفجَّرُ

مواقرُ بالحاجِ تبطنُ حي … ثُ تطرحُ أثقالها الأظهرُ

فلا يعطفنَّكَ عنْ همَّة ٍ … هممتَ بها بارحٌ يزجرُ

فلا الجدُّ يدفعهُ أعضبٌ … ولا الحظُّ يصرفهُ أعورُ

ولا أنتَ رامٍ بها جانباً … يشطُّ ولا نيَّة ً تشطرُ

وعندَ أبي القاسمِ المكرما … تُ تنمي وأغصانها تزهرُ

كريمٌ يرى أنَّهُ بالملا … مِ يقذعُ أو بالغنى يفقرُ

إذا استأثرَ اللهُ بالمنفساتِ … منَ المالِ فهو بها مؤثرُ

يهينُ الحياة َ بحبِّ الفناءِ … وكفَّاهُ في حسبٍ يغمرُ

ويعطى عطاءَ ابنَ عيسى ابنهُ … وما بينَ بحريهما أبحرُ

فهذا يجودُ على فقرهِ … وذاكَ على جودهِ موسرُ

ففي الضَّيمِ عنهُ فؤادٌ أصمُّ … إذا قطرَ الصَّخرُ لا يقطرُ

وأنفٌ يجيشُ بهِ منخراه … إذا سدَّ في آخرٍ منخرُ

ونفسٌ إذا العيشُ كانَ اثنتين … علاً تقتنى وغنى ً يؤثرُ

مضتْ في سبيلِ الأشقِّ الأعزِّ … ولمْ يصبها الأروحُ الأصغرُ

ويومٍ منَ الدّمِ ساعاتهُ … قميصُ النَّهرِ بهِ أحمرُ

تبطِّنهُ خائضاً نقعهُ … يقلَّصُ عنْ ساقهِ المئزرُ

حميّة ُ من لا تنامَ التِّرا … تُ خلفَ حشاهُ ولا تهدرُ

وضوضاء قطَّرَ بالمفحمي … نَ ظهرُ مطيَّتها الأزعرُ

تخلَّصها فمهُ فانجلتْ … كمافارقَ الصَّدفَ الجوهرُ

فوترٌ مضاعٌ بهِ يستقادْ … وفضلٌ مذارٌ بهِ ينصرُ

إذا قالَ فاعقدْ خيوطَ التَّميم … عليكَ فألفاظهُ تسحرُ

ويا تاركَ الخمرِ لا تأتهِ … فإنّ خلائقهُ تسكرُ

يريكَ بظاهرهِ غادة ً … تزمُّ حياءً وتستخفرُ

وفي فهمهِ لكَ نضناضة ٌ … خدورٌ وفي درعهِ قسورُ

تعطَّرَ منْ طيبهِ المجدُ عنهُ … وعنْ قومهِ الأطيبُ الأطهرُ

ملوكٌ قديمهمْ كالحديث … وبالفرعِ يعرفُ ما العنصرُ

وما أخلفوا أنْ يحلِّي الزَّما … نَ منهمْ أميرٌ ومستوزرُ

وقاضٍ ينفِّذُ أحكامهُ … إذا أمرَ النَّاسَ لا يؤمرُ

همُ لعشيرتهمْ كالسَّما … ءِ كلُّ الَّذي تحتها يصغرُ

لهمْ كأسُ نشوتها بالعشيِّ … وخيلُ الصَّباحِ إذا استذعروا

وفيهمْ مرابعها والصف … يُّ والقدحُ إنْ علِّي الميسرُ

وما سارَ منْ ذكرها في السَّماح … فهم ريَّشوهُ وهمْ طيَّروا

مضوا سلفَ المجدِ واستعمروا … ديارَ العلا سعى منْ أخَّروا

وقدْ علموا بابنهمْ يومَ را … شَ أن رمائمهم تنشرُ

وما هبة ُ اللهِ إلاَّ المدا … مُ منْ مثلِ كرمهمُ تعصرُ

فلا عصمُ سوددهم بالقنا … يُحلُّ ولا عودهمْ يقشرُ

ومنتحلٍ سمة َ الفاضلي … نَ والفضلُ منْ شكلهِ ينفرُ

تقلّدَ فيما ادَّعى غيرهُ … هوى ً وهوَ في اللؤمِ مستبصرُ

رآكَ كملتَ فظنَّ الكمالَ … لكلِّ فتى ً رامهُ يقدرُ

ولم يدرِ أنَّ الحجا متعبٌ … ولا أنَّ حبَّ العلا مفقرُ

حلتْ نومة ُ العجزِ في عينهِ … فلمْ يدرِ ما فضلُ منْ يسهرُ

لكَ الخيرُ فاسمع فإنَّ الحدي … ثَ يقتَّصُّ ثمَّ لهُ منشرُ

يهبُّ شراراً ويمشي على السُّ … روحِ فتلهبُ أوْ تسعرُ

ولا ترعني سمعَ خالي الضُّلو … عِ ممّا أجنُّ وما أظهرُ

فغيركَ منْ لا أبالي بما … شكوتُ أيسمعُ أو يوقرُ

وغيرُ حياضكَ مالاأحومُ … عليهِ ولو أنَّهُ الكوثرُ

إلامَ تحرِّمُ شعري بكمْ … يضيعُ وذمَّتهُ تخفرُ

ويمطلَ ديني ودينِ الوفا … ءِ تاركهُ عندكمْ يكفرُ

وللمطلِ والصَّبرِ وقتٌ يحدُّ … فكمْ تمطلونَ وكمْ أصبرُ

ألمْ تعلموا أنَّني ما بقي … تُ أنظركمْ ثمَّ لا أنظرُ

أذمُّ زماني وبي حاجة ٌ … إلى القولِ شاهدها يحضرُ

وأرسلُ منْ رسنَ الإقتضاءِ … أواناً أعرِّضْ أو أذكرُ

فلا بالشِّكاية ِ ممَّا أبو … حُ أحظى ولا بالّذي أسترُ

وقدْ كنتُ أشكو وأيَّامكمْ … جعادٌ وعامكمُ أغبرُ

وأعذرُ والخالُ فيما أرو … مُ عنْ قدرِ همَّتكمْ تقصرُ

فكيفَ وقدْ أمطرتْ أرضكمْ … وأفعمَ واديكمُ أعذرُ

وأمرُ البلادِ ورزقُ العباد … إليكمْ وعنْ مثلكمْ يصدرُ

قدرتمْ فمنُّوا فكمْ ليلة ٍ … سهرتُ إلى اللهِ أنْ تقدروا

فما في الحميّة ِ أنْ يمنعَ ال … ملىء ُ وذو حقّهِ معسرُ

دعوناكمْ منْ وراءِ التي … لسانُ البليغِ بها يحصرُ

وعنْ خلَّة ٍ باطنٍ داؤها … تجمَّلُ بالصَّمتِ أو تسترُ

مكحَّلة ٍ خشنٍ مسَّها … إلى أكلنا فمها يغفرُ

يعزُّ على المجدِ والمكرما … تِ أنَّا بأنيابها نعقرُ

ونحنُ منَ الدَّهرِ بلْ منكمُ … بما سدَّ خلَّتنا أجدرُ

شموسٌ ببغدادَ منكمْ تضيء … ونحنُ بأقسامنا نعثرُ

وبالجزعِ فالمنحنى من دجيلٍ … سحابٌ على غيرنا يهمرُ

ونحنُ نظنُّ بأيّامكم … كما ظنَّ بالثمرِ المؤبرُ

فهلْ فيكمُ وبلى فيكمُ … فتى ً يصرخُ الفضلَ أو ينصرُ

فيذكرُ منْ حقِّنا ما نسي … ومثلُ أواصرنا يذكرُ