أخو الورقاء – إيليا أبو ماضي
للّه من عبث القضاء وسخره … بالناس والحالات والأشياء
كم درة في التاج ألف مثلها … في القاع لم تخرج من الظلماء
ولكمْ تعثر بالغبار سميذع … وانداحت الأطواد للجبناء
ولكم جنى علم على أربابه … وجنى الهناء جماعة الجهلاء
أرأيت أعجب حالة من حالنا … أزف الرحيل ولم تفز بلقاء
عاشت شهورا بالرجاء قلوبنا … وبلجظة أمست بغير رجاء
ماتت أمانينا الحسان أجنّة … لم تكتحل أجفانها بضياء
فكأنها برق تألّق وانطوى … في الليل لم تلمحه مقلة راء
وكأننا كنا نحلّق في الفضا … صعدا لنلمس منكب الجوزاء
حتى إذا حان الوصول … رمت بنا … نكباء عاتية إلى الغبراء
وكأن ((تكسس)) وهي في هذا الحمى … صقع ((كسانبول )) قصي ناء
طوبى لها إن كان يعلم أهلها … أنّ النزيل بها أخو الورقاء
كانت مسارح ((للرعاة)) فأصبحت … لما أتاها كعبة الشعراء
هو بلبل عبق النبوّة في أغانيه ، … وفيها نكهة الصهباء
وجلال لبنان ، وقد غمر المسا … هضباته، وانسال في الأوداء
غنّى ، ففي النسمات ، والأوراق، … والغدران، أعراس بلا ضوضاء
وبكى، فشاع الحزن في الأزهار، … والأظلال ، والألوان، والأضواء
هو نفحة قدسية هبطت إلى … هذا الثرى من عالم اللألاء
لو عاد للدنيا البراق وحزته … ما كان إلا نحوه إسرائي
أشكو البعاد وليس لي أن أشتكي … فسماؤه موصولة بسمائي
فلكم نظرت إلى الرّبى فلمحته … في الأقحوان الخيّر المعطاء
وسمعت ساقية تئنّ فخلتني … لبكائه أوطانه إصغائي
وإذا تلوح لي الجبال ذكرته … فالشاعر القرويّ طود إباء
من كان يحلم بالغدير فإنه … يبدو له في كلّ قطرة ماء
إن كنت لم أره فقد شاهدته … بعيون أصحابي، وذاك عزائي
أفتى القوافي كالشّواظ على … العدى وعلى قلوب الصّحب كالأنداء
سارت إليك تحيتي ولو انّني … خيرت ، كنت تحيتي ودعائي