أخا الدهر ما الدهر إذ ينسب – أحمد محرم

أخا الدهر ما الدهر إذ ينسب … وأين هي الأمم الغيب

شربت العصور فأفنيتها … وما زلت من دمها تشرب

تميت وتحيي على شرعة ٍ … يدور بها الزمن القلب

تثور وتسكن تقضي الأمور … فتطفو الحوادث أو ترسب

أخا الدهر أين حديث القرون … وأين المداد لمن يكتب

شهدت الممالك تزجي الجنود … وعاينتها رمماً تندب

وما حجب الدهر من سرها … فخافيه عندك لا يحجب

إليك انصرفت أضم المنى … وأبعثها نزعاً تدأب

غوالب تأخذ أقصى المدى … ويأخذها القدر الأغلب

يصرفها في أفانينها … هوى ً لا يضل ولا يكذب

على ملة ٍ من شعاع الضحى … يضاحكها الرونق المعجب

يجاوره أدبٌ ساطعٌ … كما جاور الكوكب الكوكب

فيا نيل أنت الهوى والحياة … وأنت الأمير وأنت الأب

ويا نيل أنت الصديق الوفي … وأنت الأخ الأصدق الأطيب

وأنت القريص الذي أقتفي … فيزهى به الشرق والمغرب

ولولاك تعذب للشاربين … لما ساغ مورده الأعذب

فإن أورث الخصب هذي العقول … فمما تعلمني تخصب

وإن أنا أطربت هذي النفوس … فصوتك لا صوتي المطرب

تسيل فتندفق الرائعات … وتجري فتستبق الجوب

قوافٍ يقود بها الحادثات … فتى ً لا يقاد ولا يجنب

عصيتك إن كان لي مأربٌ … سواك فيؤثر أو يطلب

قسمت الحظوظ فمن يشتكي … وسست الحياة فمن يعتب

لئن فاتني الذهب المنتقى … فما فاتني الأدب المذهب

وهبت لك الملك ملك القريض … وذلك أفضل ما يوهب

فهل وهبت مالها أمة ٌ … يظل الغرور بها يلعب

تضن عليك بنزر العطاء … ويسلبها الغي ما يسلب

تسيء إليك فلا تستطير … وتجني عليك فلا تغضب

وتقتل أبناءك النابغين … فتذهب في الحلم ما تذهب

ألم يئن أن تزع الجاهلين … فنحيا ونأمن ما نرهب

لئن وجب الحلم عمن أساء … فإن دفاع الأذى أوجب

فلا تجر إلا دماً أو ذعافاً … ولا تحفل القوم أن يعطبوا

أماناً فما بيننا ثائرٌ … وعفواً فما بيننا مذنب

عسى عقب منهمو صالحٌ … يعظم أقدار من تنجب