أتُراها يومَ صدت أن أراها – مهيار الديلمي

أتُراها يومَ صدت أن أراها … علمتْ أنِّي من قتلى هواها

أم رمتْ جاهلة ً ألحاظها … لم تميِّز عمدها لي من خطاها

لا ومن أرسلها مفتنة ً … تحرجُ النُّسكَ بجمعوقضاها

ما رمى نفسيَ إلا واثقٌ … أنه يقضي عليها من رماها

سنحتْ بين المصلَّى ومنى ً … مسنح الظبية ِ تستقري طلاها

فجزاها الله من فتكتها … في حريم الله سواءاً ما جزاها

قال واشيهاوقد راودتها … رشفة ً تبردُ قلبي من لماها

لا تسمها فمها إن الذي … حرَّم الخمرة َ قد حرَّم فاها

أُعطيتْ من كلّ حسنٍ ما اشتهتْ … فرآها كلُّ طرفٍ فاشتهاها

وحماها خفرٌ في وجهها … ووقارٌ قبلَ أن تُسمي أباها

لو خلتْ من أسرة ٍ في قومها … ونفاها حسبٌ زاكٍ نماها

غدت الشمسُ إذا ما أسفرتْ … أختها والغصنُ إن ماست أخاها

ورأتْ في العين من أشباهها … من قبيلٍ وعديدٍ ما كفاها

كيف والدَّهناء غابٌ دونها … وظبا سعدٍ أسودٌ وقناها

ولو أن النجمَ يرتاحُ لها … لحظة ً في غيرجمع ما اجتلاها

آه مما أسأرتْ في كبدي … من جوى ً تلك الليالي البيضُ آها

أشتكي البينَ وفي صدري ندوبٌ … من زماني دامياتٌ ما اشتكاها

ويُندُّ النومَ عن عيني حبيبٌ … هاجرٌ يرحلُ عنّى بكراها

والليالي خالساتٌ من لحاظي … كلَّ مولى قربهُ يجلو قذاها

ديمي في المحلِ تسري وحماتي … يومَ أسدُ الغاب مبذولٌ حماها

والمقاري والمصابيحُ إذا … دجت الليلة ُ أو جنَّت ضياها

وإذا الرمل غدا معتصرا … ظمأً واصطفن الناسُ المياها

قمتُ أدعوهم جدوبا وضلالا … فيُلبُّونى أكفا وجباها

كلّ كفّ قد براها الله من … طينة ٍ ليّنة ٍ يومَ براها

حكمها يقضي على الناس ولكن … جودها يقضى عليها ونداها

كزعيم الدين لم تعرفْ سواه … سبلُ الخير ولم يعرف سواها

طلبَ الغاية َ حتى ما يراها … للعلا سالكة ً إلا رقاها

وأباحَ المجدَ نفساً حرّة ً … أمر المجدُ عليها ونهاها

فإذا غالت به طاوعها … وإذا مالت إلى الخفض عصاها

حلَّقتْ مبتدئا همّتهُ … وانتهى المجدُ فلم يبلغ مداها

كلَّما استوقفها في موطن … حابسٌ طاشت تناصي منتهاها

نقلَ السؤددَ عن آبائه … فحواها وارثا يوم حواها

واستفادتْ نفسه من كسبهِ … شرفا زاد عليها وعلاها

عوَّذته ناشئا أسرتهُ … بالمعالي قبل ياسين وطاها

فأراها الله أقصى ما تمنَّتْ … وكفاها الخوفَ فيه ووقاها

فهى تدعوه اضطلاعا شيخها … وقضايا السنّ تدعوه فتاها

وليَ الدولة َ من تدبيره … مسحلٌ لم يألُ فتلاً في عراها

حسمَ الأدواءَ طبٌّ ما رأى … جلدة ً معرورة ً إلا كواها

حاملاً عن قومه أعباءها … وهي لا تثبتُ جنبا لقواها

فلئن خاستْ به أو بهمُ … فغدا يصلى بما شبَّت يداها

سنراها بعدكم مشلولة ً … يسأل الطرّادَ عنها راعياها

يستغيثُ النصرُ تصويتا بهم … وهي لا رجعٌ لها إلا صداها

أو عسى تعطفهم عاطفة ٌ … فيغارون لها مما دهاها

فيرى أن الذي أجربها … قطعها أرسانها ممّن طلاها

أيها المبلغُ بالغيبِ رسولا … لم يجشَّم حاجة ً إلا قضاها

قل متى وفِّقتَ يوما أن ترى … عزَّة ً نخبة ُ عيني أن تراها

يا شقيقَ النفس كم تكحلُ عينٌ … بالدياجي أنتَ مصباحُ دجاها

كم يداري الصبرَ قلبي كارها … قلّما استمتع بالصبرِ كراها

كنت أشكو الشوقَ والمسرى قريبٌ … كيف بي والدارُ قد شطَّ نواها

كلَّما أمّلتُ يوما ينشر ال … عقلة َ استوقف يوما فطواها

قد أتتني فتطرَّبتُ لها … فعلة ٌ منك قليلٌ من أتاها

ضاعفَ المنَّة َ فيها أنها … غيرَ محسوبٍ سقى أرضي حياها

طرقت في غير ما إبَّانها … لم تجلْ في ظنّ نفسي ومناها

لم تحوِّلك الملمّات على … ضغطها من كسبها أو مقتناها

والمعالي أنك استحليتها … طعمة ً في سنة ٍ مرَّ جناها

والفتى في عسرة أو يسرة ٍ … من رأى صفقة َ ربح فشراها

ولكمْ أخرى تبرّعتُ بها … قبلها استثمرتُها مالاً وجاها

فعليّ الشكرُ ما قال فصيحٌ … طلعَ القولُ إلى فيه ففاها

بغريباتٍ على أنسٍ بها … ذللٍ يخضعُ في قودي مطاها

سُخِّرتْ لي فأطاعت إمرتي … بعد أن شقَّت على الناس عصاها

لم يزلْ بالصُّمِّ من حيَّاتها … لطفُ سحري حاويا حتى رقاها

يترك الآذانَ أسرى حولها … فمُ من حدَّث فيها أو رواها

هي في تعنيسها أو شيبها … غضَّة ُ الحسن كأيّامِ صباها

لك منها كلُّ ما سرَّ وأرضى … عاطلَ الأعراض لو كان حُلاها

زاد أيّامَ التهاني غبطة ً … أنها ما ضَّفتكم من قراها

حمل النيروزُ منها تحفة ً … لا تبالي في الهدايا ما عداها

وأتى موصلها عنِّي كتابٌ … لو وفى شرطُ المنى كان شفاها