أتسأل مصر ما حمل العميد – أحمد محرم
أتسأل مصر ما حمل العميد … وهل عند الرماة لها جديد
هو السهم الذي عرفته قدما … وجرب وقعه الشعب الوئيد
تمرد مبدئ وطغى معيد … ولم تزل الرمية تستزيد
مسيح الهند إن بمصر شعبا … يشق عليك إن خضع الهنود
فأنصف مصر واعص القوم فيها … إذا اطرد الحديث وهم شهود
فما نظر المسالم أين تبغي … ولا عرف المساوم ما تريد
دع الزعماء إن لهم لدينا … يدين بغيره الشعب الرشيد
إذا ذكروا الزعامة فهي دعوى … يكيد بها الكنانة من يكيد
وما تبقى البلاد إذا أصيبت … بمن يبغى الزعامة يستفيد
غزاة الشعب والشعب المواضي … وأسراب الصوافن والجنود
رموه به فنال السهم منه … بقية ما رمى الخصم العنيد
تأمل هل ترى إلا شعاعا … تفرق في الجواء فما يعود
تطير الذاريات به سراعا … دوائب ما لعاصفها ركود
كأن القوم حين جرى عليهم … قضاء الله عاد أو ثمود
لمن تتألب الأحزاب شتى … وما هذي الصواعق والرعود
تداعوا للوغى فهوى صريعا … على أيديهمو الوطن الشهيد
مضت أسلابه تزجى إليهم … فمأتمه لدى الأقوام عيد
تضج جموعهم فرحا إذا ما … دعا بمصابه الناعي المشيد
برئت إلى الكنانة من أناس … أضاعوها فليس لها وجود
قضينا الدهر ننشدها فضاقت … مذاهبنا وأخففت الجهود
لعمرك إن ما تعد الأماني … لحسب النفس لو وفت الوعود
عميد الغاصبين نزلت أرضا … يبيد الغاصبون ولا تبيد
يذود الواحد القهار عنها … إذا قهرت جنودك من يذود
أتذكر إذ لقومك ما أرادوا … وإذ لكرومر البطش الشديد
تطوف جنوده فتصيد منا … ومن سرب الحمائم ما تصيد
أتذكر دنشواي وكيف كادت … جوانبها بأهليها تميد
تضج من العذاب ولا سبيل … إلى غير العذاب ولا محيد
أقامت لا يتاح لها هبوط … يزول بها ولا يقضى صعود
ولو ظفرت بأجنحة لأمست … لها بين النسور مدى بعيد
يدير بها على القوم المنايا … قضاء تستبد به الحقود
أقاموها على الضعفاء حربا … من العدوان ليس لها خمود
فما تعيا المشانق بالضحايا … ولا تفنى السياط ولا الجلود
لئن فزع الفتى والشيخ منها … فما أمن الجنين ولا الوليد
يعاقبنا الجناة ولا كتاب … يقام به القضاء ولا حدود
سيوف الجند مظهر كل حق … ورأي كرومر الرأي السديد
أتذكر إذ نعاتبه فيطغى … ويهدر في مقالته الوعيد
أخذناه بقارعة ألحت … عليه فزال واشتفت الكبود
صدعنا ركنه فانقض يهوي … وذاب الصخر أجمع والحديد
هوى جبل من العدوان عال … وزلزل للأذى صرح مشيد
ونحن القائمون بحق مصر … إذا ما استسلم القوم القعود
نضن بمصر إن عدت العوادي … ولكنا بأنفسنا نجود
هي الذمم المصونة والعهود … فما يبغي كرومر أو لويد
أخا السكسون هل نبئت أنا … جلاوزة لقومك أو عبيد
لقد كذبوا عليك فليس فينا … لمن يبغي الهضيمة مستقيد
إذا سعت الوفود إليك فاحذر … عواقب ما تقول لك الوفود
فما أجد بمالك أمر مصر … وما بالشعب جبن أو جمود
مضت دنيا القيود وتلك دنيا … تذم بها وتحتقر القيود
أتلك ديارنا أم نحن موتى … تقام لنا المقابر واللحود
حمينا ما حمى الآباء قدما … وصان لنا وللنيل الجدود
بلاد ما تباع وباقيات … من الآثار معدنها الخلود
أيسمع صيحتي في مصر قوم … هم اللهب المؤجج والوقود
أبر الناس عندهم المداجي … وشر القوم ذو النصح الودود
رأوا برهان شاعرهم فزاغوا … وللأحداث شاعرها المجيد
رماهم بالزواجر لا ارتياب … إذا رمت الوجوه ولا جحود
تموج مع الدياجر في يديه … صحائف من خطوب الدهر سود
له في كل آونة جديد … من البلوى يقال له نشيد
لنا منه النحوس تصيب منا … مواطنها وللقوم السعود
أما والناهضين لغير مصر … لقد عثرت بنا وبها الجدود
إذا ساد التخاذل في أناس … فأعوز ما ترى شعب يسود
كلمات: حمزه ميره
ألحان: طلال مداح