آنسَ برقاً بالشَّريفِ لامعاً – مهيار الديلمي
آنسَ برقاً بالشَّريفِ لامعاً … معتلياً طوراً وطوراً خاضعا
يخرقُ جنبَ اللَّيلِ عنْ شمسِ الضُّحى … ثمَّ يغورُ فيعودُ واقعا
كأنَّ هنداً فيهِ أو أترابها … ترفعُ ثمَّ تسدلُ البراقعا
يزجي السَّحابَ ينتضي صوارماً … على عروقِ مزنهِ قواطعا
بدا كهدَّابِ الرِّداءِ وسرى … فسدَّ منْ جوِّ الغضا المطالعا
فجادَ نجداً ملقياً أفلاذهُ … لا خامراً نصحاً ولا مصانعا
يكسرُ فيها بالحيا صمَّ الحصى … ويبسطُ الأكمْ فيها أجارعا
تخالُ بينَ مائهِ وتربها … مواقعُ القطرِ بها مواقعا
أطَّرَ للأرضِ سهاماً لمْ يدعْ … جسمَ فلاة ٍ بحصاها دارعا
هنيهة ٍ ما بينَ انْ أرذَّها … وبينَ انْ فجَّرها ينابعا
فأحسنتْ عندَ الثَّرى صنيعها … وإنْ أساءتْ عندنا الصَّنائعا
استعلنتْ سرَّ الهوى أيقظتْ … منْ عهدِ غمدانَ غراماً هاجعا
كأنَّما النَّافضُ عنْ قسيَّها … نبلَ الحيا يستنفضُ الأضالعا
يذكرنا منْ عيشنا على الحمى … ليالياً منْ بدرهِ نواصعا
مواضياً إنْ عادَ ريعانُ الصِّبا … أخضرَ عدنَ معهُ رواجعا
كمْ ليلة ٍ بتنا بغير جنحها … منْ ذهبِ الحلى وميضاً صادعا
تكتمُ منَّا ألسناً عوارماً … تحتَ الدُّجى وأزراًخواشعا
نفضُّ مكتومَ الحديثِ بيننا … عنْ أرجاتٍ تبردُ المضاجعا
كأنَّنا نرعى الخزامى واقعاً … بهِ النَّدى أو نردُ الوقائعا
نحفظُ ما كانَ حديثاً حسناً … منهُ وما أعجزَ كانَ ضائعا
مراكبٌ للَّهوِ كنتُ غافلاًأرتضعُ الدهرَ بها ضرورة ً ياسَرَعانَ ما فُطمتُ راضعا … لطرقِ عمري فوقهنَّ قاطعاسقط بيت ص
أستودعُ الأيَّامَ منْ مودَّتي … لافظة ً لا تضبطُ الودائعا
وراءها تعطيكَ أسنى خبَّها … بنغضها رأساً مخشَّاً مانعا
معاطفاً ما لنَّ إلاَّ يبساً … ومنطقاً لمْ يحلُ إلا خادعا
لو حفظتْ عهدي في ذخيرة ٍ … لمْ ألفَ يوماً بالشَّبابِ فاجعا
يا منْ اطارَ عامداً وعابثاً … عنْ لمَّتي ذاكَ الغرابَ الواقعا
ما سرَّني في مدلهمٍّ ليلها … أنَّي أرى نجومهُ طوالعا
حمائلٌ لعاتقي كنَّ لما … أقنصهُ حبائلاً جوامعا
فاليومَ لا يعقلنَ إلاَّ شارداً … منِّي ولا يعقلنَ إلا قاطعا
رددنَ ما كان حبيباً رائقاً … منِّي في العينِ بغيضاً رائعا
ما خلتُ قبلَ الشَّيبِ أنَّ مفرقاً … رصِّعَ بالدُّرِّ يذمُّ الرَّاصعا
ما هي يا دهرُ وإنْ حملتها … منكَ بأولى ما حملتُ ظالعا
قدْ عرفتْ مطالبي غايتها … وجاذبتْ حظوظها الموانعا
وعلمت أنَّ الكمالَ ذنبها … وأنَّ في النَّقصِ إليكَ شافعا
يلومُ في قناعتي ذو نطفٍ … لو كانَ حرَّ العرضِ كانَ قانعا
عادِ على خبائثٍ منِ كسبهِ … عدوَ الذِّئابِ اقترتْ المطامعا
إنْ كنتَ تبغي بالهوانِ شبعاً … فلا شبعتَ الدَّهرَ إلاَّ جائعا
ملكتُ نفسي فمنعتُ رسني … ورحتُ منفوضَ اللِّجامِ خالعا
لا فارسُ الضِّيمِ لظهري راكباً … ولا قطيعُ الذُّلِّ جنبي قارعا
آليتُ لا أصحبُ ذلاًّ كارهاً … يوماً ولا آملُ رفداً طائعا
للهِ مذلولٌ على رشادهِ … يعلمُ أنَّ الحرصَ ليسَ نافعا
قامرْ بدنياكَ وبعها مرخصاًإن عشت متبوعا بها محسَّداً أولا فمت ولا تكون تابعا … بأبخسِ الأثمانِ تغبن بائعاسقط بيت ص
في النَاسِ منْ يعطيكَ منْ لسانهِ … شعشعة َ الآلِ أطباكَ لامعا
يشعبُ أذنيكَ ويرعى لكَ في … ضلوعهِ فلائقاً صوادعا
فإنْ ظفرتَ منهمْ بماجدٍ … فاضربْ بهِ شولكَ تنجبْ فارعا
واشددْ عليهِ يدَ مفتونٍ بهِ … فليسَ إنْ أفلتَ منكَ راجعا
حلفتُ بالمنقَّباتِ سوقها … خوارجاً منْ أهبها نزائعا
نواحلاً خضنَ الدُّجى صوامعاً … ثمَّ رجعنَ دقَّة ً أصابعا
تعطي السُّرى منْ غيرِ ذلٍّ أظهراً … حصَّاً وأعناقاً لهُ خواضعا
إذا رمتَ وراءها ببلدة ٍ … أمستْ لأخرى ظلَّعاً نوازعا
تحسبها على الفلا طافية ً … مشرَّعاتٍ لجَّة ٍ قوالعا
تحملُ كلَّ زاحمٍ بنفسهِ … لذنبهِ المرمى المخوفَ الشَّاسعا
يعطي الهجيرَ حكمهُ منْ وجههِ … حتى يرى بعدَ البياضِ سافعا
يطلبُ أخراهُ بأخرى جهدهِ … حتى يقومُ قانتاً وراكعا
تحملُ اشباحهمُ هديَّة ً … إلى منى ً طوارحاً دوافعا
وراشَ حالي فتحلَّقتُ بهِ … منْ بعدِ ما كنتَ قصيصاً واقعا
وصرتُ لا أدفعُ عنْ بابِ العلا … وكنتُ لا أُعرفُ إلاَّ دافعا
أنصفني منَ الزَّمانِ حاكمٌ … لمْ يبقِ للفضلِ نصيباً ضائعا
أبلجُ أبقتْ خرزاتُ الملكِ في … جبينهِ خواتماً طوابعا
يورى شهابُ النَّجحِ منْ خلالها … لأعينِ العافينِ نوراً ساطعا
غيرانُ للسوددِ لا ترى لهُ … على المحاماة ِ عليهِ وازعا
إذا غمزتَ عاسرتكَ صخرة ٌ … منهُ وتستمريهِ ماءً مائعا
لا تستطيعُ نقلهُ عنْ خلقهِ … في الجودِ من ذا ينقلُ الطَّبائعا
ينجو بهِ أباؤهُ منْ أنْ يُرى … مضعضعاً للنَّائباتِ خاضعا
يلقى سرايا الدَّهرِ إنْ واقعها … بمهجة ٍ عوَّدها الوقائعا
ولا ترى نفسَ فتى ً عزيزة ٍ … حتى يهينَ عندها الفجائعا
إذا بنو عبدِ الرَّحيمِ شمخوا … بأصلهمْ طالَ عليهمْ فارعا
سادوا وجاءَ فاضلاً فسادهمْ … والبدرُ يخفي الأنجمَ الطَّوالعا
ثنى الرءوسَ المائلاتِ نحوهمْ … وصيَّرَ النَّاسَ لهمْ صنائعا
أعطاهمُ سورة َ مجدٍ لمْ أكنْ … في مثلها لمجدِ قومٍ طامعا
فلو ظفرتُ منهمْ بتابعٍ … رائدَ نصحي أو ذلتُ سامعا
لقلتُ شدُّوا الأزرَ عنْ نسائكمْ … وحرِّموا منْ بعدهِ المراضعا
كنتَ وأنتَ منهمْ أكرمهمْ … فضلَ السُّراة ِ فاتتْ الأكارعا
وضمَّ ميلادكَ شملَ فخرهمْ … كما تضمُّ الرَّاحة ُ الأشاجعا
وكلَّكمْ نالَ العلاءَ ناهضاً … بنفسهِ طفلاً وسادَ يافعا
منْ معشرٍ راضوا الزَّمانَ جذعاً … وزيَّنوا أيًّامهُ رواضعا
واقتسموا الدُّنيا بأسيافهمْ … فاقتطعوها بينهمْ قطائعا
إذا رضوا تمازحوا أو سخطوا … لمْ يحسنوا في الغضبِ التَّقاذعا
تلقى المعاذيرَ بهمْ ضيقة ً … إذا استميحوا والعطاءُ واسعا
سدُّوا خصاصاتِ الثُّغورِ بالقنا … وملكوا على العدا الشَّرائعا
وبعثوا غرَّ زبرنٍ جمهة ٍ … تحلبُ للأضيافِ سمَّاً ناقعا
خرساءُ أو تسمعُ ما بينَ الظِّبا … فيها وما بينَ الطُّلا قعاقعا
يسترفدُ الطَّيرَ بها وحشُ الفلا … فترقدُ الكواسرُ الخوامعا
تعيرُ طخياءُ العجاجِ فوقها … من صبغة ِ اللَّيلِ ضحاها الماتعا
ترجعُ خمسُ الباتراتِ بطناً … عنها وتروي الأسلَ الشَّوارعا
إذا نهى النَّقعُ العيونَ جعلوا … أبصارهمْ في نقعها المسامعا
فاستصبحوا ظلماءها مناصلاً … دوالقاً وأنصلاً دوالعا
لا برحتْ آثارهمْ منصورة ً … بعزمتيكَ رافعاً وواضعا
ولا رأى الملكُ مكانَ نصرهِ … وسرُّهُ منكَ مباحاً شائعا
وقامَ منْ دونِ أمانيِّ العدا … جدُّكَ عنكَ واقياً ودافعا
طالتْ لشكواكَ رقابٌ أصبحتْ … كفاية ُ اللهِ لها جوامعا
وظنَّ قومٌ فيكَ ما لا بلغوا … أو تبلغَ الأخامصُ الأخادعا
داءٌ منَ الأدواءِ كانَ هاجداً … فجاءَ مشتاقاً إلأيكَ نازعا
زارَ مليَاً ثمَّ خافَ غضبة ً … منكَ فولَّى خائفاً مسارعا
لم ينتقصْ دأباً ولمْ ينقضْ عرى … عزمٍ ولمْ يزعجْ جناناً وادعا
حملتهُ حملكَ أثقالَ العلا … لا خائراً ولا نكولاً ضارعا
ربَّ نفوسٍ أرفدتْ منْ ألمٍ … نفسكَ ما كنَّ لهُ جوازعا
تودُّ أنْ يحفظكَ اللهُ لها … ولو غدتْ مهملة ً ضوائعا
ولا أقرَّ اللهُ عينيْ حاسدٍ … رأى القذى برَّكَ والقوارعا
ولا عفا حزُّ المدى عنْ أنفٍ … كنتَ لها بأنْ سلمتَ جادعا
ولا يرمكَ المهرجانُ عوِّدا … بهِ السِّنونَ أبداً رواجعا
طوالعاً عليكَ منْ سعودهِ … بخيرِ نجمٍ غارباً وطالعا
تحسبُ منْ ملابسِ العزِّ بهِ … ذلاذلاً لستَ لهنَّ نازعا
يكسى بأوصافكَ كلَُّ عاطلٍ … منهُ فنونَ الكلمِ البدائعا
منَ الغريباتِ يكنَّ أبداً … معَ الرِّياحِ شرَّداً قواطعا
إذا احتبى منشدهنَّ خلتهُ … يمانياً ينشِّرُ الوقائعا
لمْ تخترقْ قبلي ولا تولَّجتْ … بمثلهنَّ الألسنُ المسامعا
عوانساً أودعتكمْ شبابها … علماً بتحصينكمْ الودائعا
أبضعتُ فيكمْ عمري وعمرها … يا لكرامِ أربحوا البضائعا
قدْ بلغتْ آمالها فيكمْ فلا … تنسوا لها الأرحامَ والذَّرائعا
كمْ حاسدٍ دبَّ لها عندكمْ … لو كانَ أفعى لمْ يضرَّها لاسعا
إذا بقيتمْ ووفيتمْ لي فما … شاءَ الزَّمانُ فليكنْ بي صانعا