يا نَفْسِ ما هوَ إلاّ صَبرُ أيّامِ، – أبو العتاهية

يا نَفْسِ ما هوَ إلاّ صَبرُ أيّامِ، … كأنَّ لَذَّاتِهَا أضغاثُ أحلامِ

يا نَفسِ ما ليَ لا أنْفَكّ مِنْ طمعٍ … طرفِي غليهِ سريعٌ طامحٌ سامِ

يا نَفْسِ كوني، عن الدّنيا، مُبعدة ً، … وَخَلّفّيها، فإنّ الخَيرَ قُدّامي

يا نَفْسِ ما الذُّخرُ إلاّ ما انتَفَعتِ به … بالقَبرِ، يَوْمَ يكونُ الدّفنُ إكرامي

وَللزّمانِ وَعيدٌ في تَصَرّفِهِ، … إن الزمانَ لذو نَقْضٍ وإبرامِ

أمّا المَشيبُ فقَد أدّى نَذارَتَهُ، … وَقَدْ قَضَى ما عَلَيْهِ مُنذُ أيّامِ

إنّي لأستَكْثِرُ الدّنْيا، وأعْظِمُها … جهلاً ولم أرَهَا أهلاً لإعظامِ

فَلَوْ عَلا بِكَ أقْوامٌ مَناكِبَهُمْ، … حثُّوا بنعشكَ إسراعاً بأقدامِ

في يومِ آخرِ توديعٍ تودعهُ … تهدي إلى حيث لا فادٍ ولا حامِ

ما الناسُ إلا كنفسٍ في تقاربهِمْ … لولا تفاوتُ أرزاقٍ وأقسامِ

كَمْ لابنِ آدَمَ من لهوٍ، وَمن لَعبٍ، … وللحوادِثِ من شدٍّ وإقدامِ

كمْ قد نعتْ لهمُ الدنيَا الحلولَ بِهَا … لوْ أنّهُمْ سَمِعوا مِنْها بأفْهامِ

وكمْ تحرمتِ الأيامُ من بشرٍ … كانُوا ذوِي قوة ٍ فيهَا وأجسامِ

يا ساكِنَ الدّارِ تَبْنيها، وَتَعمُرُها، … والدارُ دارُ منيَّاتٍ وأسْقامِ

لا تَلْعَبَنّ بكَ الدّنيا وَخُدْعَتُها، … فكَمْ تَلاعَبَتِ الدّنْيا بأقْوامِ

يا رُبَّ مُقتصدٍ من غيرِ تجربة ٍ … وَمُعْتَدٍ، بَعدَ تجريبٍ، وَإحكامِ

وربَّ مُكتسبٍ بالحكْمِ رامِيَهُ … وربَّ مُستهدِفٍ بالبغيِ للرامِي